بلدي نيوز – (راني جابر)
قبل النظام أخيراً بعد رفض ومماطلة ضم حلب إلى المناطق التي تشملها "التهدئة"، والتي سيتوقف ضمنها القتال (نظرياً)، بعد تمنع طال وعشرات الغارات التي أزهقت أرواح العشرات من المدنيين.
قبول النظام بالهدنة يأتي لأنها في مصلحة النظام أولاً وقبل كل شيء، فخلال خمس سنوات من الحرب ضد الشعب لم يقدم النظام على أي خطوة فيها مصلحة للمدنيين -فضلاً عن الثوار-، فمن يقصف المناطق المدنية بهذا الغل والحقد، لا يمكن أن يعمل أي شيء لمصلحة المدنيين، فحتى لو دُفع مرغماً إلى وقف إطلاق النار، فهو لن يلتزم به، وسيستمر بقصف المدنيين بحجة قصف "الإرهابيين" .
فالنظام الذي وافق هذه المرة على شمل حلب ضمن منطقة "الهدنة"، يهدف بذلك إلى عدة أمور، أولها متابعة التحضيرات لعملية حلب، وحشد المزيد من القوات وتنفيذ عمليات استطلاع أوسع، للاستعدادات التي ينفذها الثوار لصد هجومه .
حيث نفذ النظام مع بداية حملته على حلب، عدداً من العمليات لجس نبض الثوار على عدة محاور، في مناطق صلاح الدين والمشارقة وبستان القصر .
يمكن اعتبار تلك العمليات بمثابة عمليات استطلاع بالقوة، حيث تحاول قوات النظام استكشاف طبيعة المقاومة في كل منطقة، وطبيعة الأسلحة التي يتوقع ظهورها وكميتها، فضلاً عن إحراز تقدم في المناطق المستهدفة.
فهو بذلك يبحث عن أسهل الطرق نسبياً لإحداث خروقات في خطوط دفاع الثوار، تسمح له بتطويق وعزل مناطقهم وحصارها والتركيز عليها منطقة إثر منطقة بالتتالي، ثم تركيز جهده على المنطقة المعزولة ومنع الإمداد عنها ثم احتلالها، في تكرار لسيناريو "غروزني" .
الوضع الميداني في حلب يستوجب المراجعة بشكل عاجل وسريع من قبل الثوار، فالنظام لديه منطقتان يستطيع عبرهما حصار حلب بشكل كامل .
المنطقة الأولى هي الممر المحصور بين جامع البراء بن مالك شرقاً ودوار الصاخور غرباً، وهي منطقة لا يتجاوز عرضها 2500 متر، وهي أكثر منطقة تتقارب فيها قوات النظام، وهناك مشكلة جدية بسبب احتمال ضغط قوات النظام على هذه المنطقة بشكل متزامن من الشرق والغرب، والتسبب بحصار حلب، هذا الأمر ليس سهلاً، أو بسيطاً لكنه غير مستبعد، باعتبار أن النظام لا يستطيع الدخول في معارك حقيقية في حلب قبل حصارها وقطع الإمدادات عنها، والضغط على الثوار عبر تجويع المدنيين.
قد لا يسيطر النظام على تلك المنطقة بشكل كامل، لكنه قد يعمد للسيطرة النارية عليها بشكل كثيف، تجعل حركة الأشخاص والآليات ضمنها شبه مستحيلة، خصوصاً مع توفر تجهيزات سطع أحدث لدى النظام ( للرؤية الليلية ورادارات المشاة)، التي تسمح له باستكشاف المشاة والآليات ليلاً، ما يجعل العبور ضمن هذه المنطقة شبه مستحيل ليلاً ونهاراً، ما يضع المدينة في حالة تشبه الحصار .
المنطقة الأخرى التي يتوقع حصار حلب عبرها هي (منطقة الشقيف الصناعية )، والتي توجد الميليشيات الكردية الداعمة للنظام جنوبها، وقوات النظام شمالها، ويبلغ عرض هذا المضيق ما لا يزيد على 2500 متر .
وهي كذلك تعتبر الممر الوحيد للإمدادات الغذائية والطبية لحلب، فقدرة النظام على إغلاقها تعني قدرة النظام على حصار حلب .
الاستراتيجية الهجومية
يعتمد النظام على الاستراتيجية الدفاعية للثوار في تحقيق استراتيجيته، فهو يعلم بالقيود المفروضة عليهم، ويحاول استخدامها للحدود القصوى، فهو الآن في الوضع الهجومي، وهو من يحدد توقيت المعركة ونطاقها، ويستطلع الجبهات لتحديد نقاط الخرق .
يستطع الثوار قلب الطاولة على النظام والميليشيات الداعمة له، بالانتقال للاستراتيجية الهجومية، وتنفيذ عمليات هجوم على أكثر من جبهة والتقدم في المناطق التي يحتلها النظام .
وقد يكون أفضل التكتيكات الهجومية هو حصار النظام بالهجوم على طرق إمداده، والتي تتمثل في طريق خناصر بشكل أساسي، أو قطع الامتداد نحو نبل والزهراء، وإعادة محاصرتهما .
حيث يشكل قطع طريق خناصر مشكلة حقيقية لقوات النظام، تتمثل بكونه الممر الأساسي للإمدادات لقواته وشبيحته ومواليه، في الأجزاء التي يسيطر عليها من حلب، وقطعه سوف يؤثر على تدفق تلك الامدادات، ما ينشأ عنه دفع النظام باتجاه إعادة فتحه، وإرسال قواته إلى المناطق التي يقطع فيها الطريق .
معركة حلب هي إحدى أضخم المعارك خلال الحرب السورية، فهي معركة كسر عظم بكل ما تحويه الكلمة من معنى، و المنتصر فيها سيكون له اليد العليا في الشمال السوري كله بما يحويه من قيمة استراتيجية وعسكرية.