بلدي نيوز
أعلنت جائزة "ناشيونال بووك أوورد"، الأربعاء الماضي قائمتها الطويلة لعام 2019، وكان اللافت هذه المرة ظهور اسم الكاتب السوري خالد خليفة بروايته "الموت عمل شاق"، وهو بهذا الترشح يعد أول كاتب عربي يدخل قائمة أبرز جائزة أدبية في أمريكا، ويجرى وصفها بجائزة نوبل الأمريكية، وتعد أرفع جائزة أمريكية في مجال الأدب مع جائزة بوليتزر المعروفة.
الجائزة التي أنشئت في منتصف ثلاثينات القرن الماضي، وفاز بها أغلب الكتاب الأمريكيين الراسخين مثل وليم فوكنر وتوني موريسون وفيليب روس، تستقبل اليوم منافسة عربية لرواية أحدثت تفاعلًا نقديًا وجرى وصفها بــ "مرثية سوريا الروائية"، ووصفتها الناقدة الأدبية هيفا نبي بأنها "سرد وفيٌّ للواقع وكأن الكاتب يلقي بصنارته في نهر البؤس السوري؛ ليصطاد عائلة ويسردها بصبر كبير، عائلة مفككة تحاول تنفيذ وصية الأب بنقل جثمانه من دمشق إلى قريته العنابية البعيدة في ريف حلب، ومن خلال تنفيذ الوصية تعيش العائلة وقائع حقيقية وأخرى غرائبية تحيلهم إلى أنفسهم وإلى محنة بلادهم المنكوبة".
وقال خليفة أنا "سعيد لوصول روايتي إلى هذا المكان وأرجو لها أن تصل إلى القائمة القصيرة أيضًا، وأنا لا أخفي حبي للجوائز ومعرفتي كيف يطوي الكاتب صفحتها ونسيانها بعد الحصول عليها، وبالتأكيد التواجد في هذه القائمة لا يشبه أي مكان آخر، لذلك أعبر عن سعادتي الكبيرة.
وأضاف "الموت عمل شاق" ليست فقط عملًا خياليًا، بل تورط واع وشجاع في الواقع السوري الحالي من مصابات إنسانية مأساوية، والرواية استطاعت اللعب في المساحة بين الواقع وثقله والخيال وخفته وفنيته، وهي ما جعل القاريء لا ينجو من صدمة الموضوع وثقله، بل يتورط أيضا مع لغة منسابة وسلسلة، لا تفقد إيقاعها رغم اعتماد الرواية في مواضع كثيرة على تقنية الفلاش باك، وهذه المعادلة يثقلها إن كانت تجربة الرواية ذاتها "شخصية".
وأوضح أن "أتت من حادثة شخصية، حين أصبت بجلطة في القلب وتساءلت وأنا في العناية المشددة ماذا سيحصل لجسدي لو مت، وتخيلت رحلة نقل الجثمان كاملة، بالإضافة إلى مراقبتي في ذلك الوقت من عامي 21012 و2013 من دفن عشرات آلاف السوريين؛ لأحبتهم في أي مكان، وصعوبة الوصول إلى المقبرة العائلية، الرواية كانت ومازالت تقع كل يوم، لكن الرحلة كانت حجة للحفر في تاريخ هذه العائلة وطبعا الحرب وسوريا، ولكتابة شخصية "بلبل".
تابع بالقول: وتاريخ الحرب في سوريا من بدايتها إلى اليوم جعلت الأدباء في موقف حائر من محاولة الكتابة في وقت اندلاع الحدث الذي لا زال مستمرا ولم ينته، فالتجربة لم تعط أكلها كله، حيث يتم النظر لها من بعيد وعدم التورط في المشهد المتغير والملتبس، طالما لازال حدثًا لم ينته، لكن آخرون يرون ضرورة الاشتباك مع الحدث وإلتقاط ومضاته وأحداثه المهيبة حتى لا تسقط في مواضع النسيان في الذاكرة.
وأشار إلى أن الخلاف ولن ينتهي لكن السؤال الرئيسي حول كيف سنؤرخ ونكتب عما حدث، ولن ينتهي الجدل حول ذلك، أرى الكتابة مشروع شخصي أولا تؤثر فيه عوامل عديدة، وأنا من أنصار التريث لكني رواية "الموت عمل شاق" لم استطع الصبر؛ فالكتابة الأدبية وقت الأزمات لا تجعل الكاتب منفصلا عن الحدث بمجرد الانتهاء من الكتابة، بل هي رحلة ديمومة من التأثير والتأثر، يكون الألم والإحباط من عناصرها الرئيسية المتوارية في الكواليس، حتى ولو ظهر الكاتب في سياق من التعافي أو التعامل بمسافة من المسؤولية بينه وبين الحدث.
ولفت أن الكتابة بالنسبة له " كانت ومازالت نوع من التعافي من ألم دائم والتفاف على ورطة الحياة بحد ذاتها، ودومًا أفكر كيف سأقضي وقتي، رغم أنه لدي ما يشغلني إلا أنني أتلمس ذلك الفراغ الرهيب الذي يتركه الزمن أثناء مروره، وفي الحرب تصبح نوع من التسلية وملء وقت انتظار إن صح التعبير، لأن أمل النجاة من الحرب وفي الحرب وهم كبير".
يذكر أن الروائي خالد خليفة ولد في حلب، ورشحت روايته "مديح الكراهية" للقائمة القصيرة للبوكر وترجمت إلى الفرنسية والإيطالية والألمانية والنروجية والإنجليزية والإسبانية، وحصل على جائزة نجيب محفوظ التابعة للجامعة الأمريكية عام 2013 عن روايته "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة"، وصدر له أيضا "زمن الخديعة" و"بغداد زمن الحب والحرب".
المصدر: جريدة الدستور