بلدي نيوز - (خاص)
عقد زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، مؤتمرا صحفيا مع عدد من النشطاء والإعلاميين، أمس السبت، ناقش خلاله مستجدات الوضع العسكري وقرار وقف إطلاق النار في منطقة إدلب، شمال سوريا.
وأوضح الجولاني خلال حديثه مع الإعلاميين، إن "حملة النظام والروس استمرت أكثر من تسعين يوما على منطقة إدلب، توحدت خلالها الساحة بشكل كامل من قوة عسكرية وخدمية ومدنيين وعامة الشعب كما ووفرت عوامل كبيرة للوقوف في وجهها".
وأضاف، أن الروس عانوا من عدم مجاراة النظام لهم عسكريا فهم يمهدون له بقصف عنيف، إلا أن قوات النظام الأرضية لم تحقق شيئا من أهدافهم، مشيرا أن "الطائفة العلوية متذمرة من النظام، لتقديمها مئات الآلاف من أبنائهم لكي يبقى بشار الأسد على كرسيه، بيّد أن الأخير لم يعوَّضهم ماديا، ولا بالرعاية الصحية".
وحول خسائر النظام خلال الحملة الأخيرة، قال الجولاني إن "النظام لم يخسر فقط عسكريا في هذه الحرب، فالليرة السورية خسرت 20% من قيمتها أثناء الحملة الأخيرة، وعانى أزمة خدماتية داخل مناطقه في الوقود والخبز والبطالة"، مشيرا أن النظام ليس لديه هيكلية نظام اقتصادي بل عصابات.
وقالت مصادر إن "هيئة تحرير الشام لم تسمح للناشطين ومراسلي وسائل الإعلام تصوير المؤتمر الصحفي، واكتفت فقط بنقله مكتوبا".
وبعد أشهر من التصعيد العسكري، بدأ منذ منتصف ليل الخميس الجمعة سريان اتفاق لوقف إطلاق نار في منطقة إدلب، أعلن النظام "الموافقة" عليه، واشترط لاستمراره انسحاب -المجموعات الجهادية- من المنطقة المنزوعة السلاح، بحسب ما ينص اتفاق روسي تركي منذ أيلول/سبتمبر 2018.
وقال الجولاني "ما لم يأخذه النظام عسكريا وبالقوة فلن يحصل عليه سلميا بالمفاوضات والسياسة، ونحن لن ننسحب من المنطقة أبدا".
وأكد "لن نتموضع هناك لا على طلب الأصدقاء ولا الأعداء"، مشددا على رفض فصيله دخول قوات مراقبة روسية إلى المنطقة العازلة كما ينص الاتفاق.
واعتبر الجولاني أن الصيغة التي صدر بها وقف إطلاق النار هي ليست اتفاقا وليس موقعا ولم يحدد له مدة، وهي شبيهة بالصيغة التي كانت تنتهي بها أي معركة مع النظام، حيث يتوقف الطرفان عن الهجوم ويبقى الحذر والتأهب، مرجحا أن يخرق النظام وقف إطلاق النار عندما تعود له الجاهزية العسكرية لقواته.
وأشاد الجولاني بالمنظومة الخدمية في المناطق المحررة، ولما تعرضت له من امتحان كبير جراء الحملة الروسية، والتي أثبتت قدرتها على إدارة الشؤون المدنية والخدمية في أسوء الظروف، منوها أن جميع المؤسسات الخدمية والإنسانية والإعلامية من عامل البلدية إلى أفران الخبز والتعليم والجامعات والدفاع المدني والإعلاميين كانت قائمة على أشدها ولم يتأثر منها أي شيء رغم احتدام الحملة.
ولفت الجولاني إلى هشاشة النظام والتمرد الكبير الواضح في مناطق سيطرته، مشيرا أن الطرقات الدولية هي حصرية للفرقة الرابعة لدى النظام، فلا تمر بضائع تجارية بل حتى مرتبات الموظفين لا تمر إلا ويأخذون ضريبة عليها، كما وأكّد أن الروس يسيطرون على ميناء طرطوس التجاري وحقل الفوسفات وبعض حقول الغاز والنفط، ويعوضون بهذه الثروات استنزاف الحرب، والنظام ليس له قرار في ذلك، مشيرا أن الإيرانيين أيضا يسيطرون على قطاع العقارات، ضمن مخطط بعيد المدى لاستبدال الشعب الذي ثار على النظام بشعب آخر موالٍ للإيرانيين.
وأشار زعيم "تحرير الشام" في ختام حديثه إلى "أن خطة النظام من الحملة العسكرية الأخيرة هي احتلال كامل الأراضي المحررة على عدة مراحل"، مؤكدا أن "الثورة حققت الكثير من أهدافها والنظام أصبح منهارا اقتصاديا وعسكريا".
وحذّرت "هيئة تحرير الشام" في بيان لها الجمعة أن أي قصف على مناطق سيطرتها سيؤدي إلى عدم التزامها بوقف اطلاق النار.
وتعرضت محافظة إدلب ومناطق مجاورة لها، لقصف شبه يومي على مدار ثلاثة أشهر من طائرات النظام وأخرى روسية منذ نهاية نيسان/أبريل، لم يستثن المستشفيات والمدارس والأسواق، وترافق مع معارك عنيفة في ريف حماة الشمالي.
وأتى التصعيد برغم أنّ المنطقة مشمولة باتفاق روسي- تركي تمّ التوصل إليه في سوتشي في أيلول/سبتمبر 2018، ينصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومترا تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل، كما يقضي بسحب الفصائل المعارضة أسلحتها الثقيلة والمتوسطة وانسحاب "المجموعات الجهادية" من المنطقة المعنية.
لكنّ هذا الاتفاق لم يُستكمل تنفيذه، ويتهم النظام تركيا الداعمة للفصائل المقاتلة بالتلكؤ في تطبيقه، وإن كان نجح في ارساء هدوء نسبي في المنطقة لأشهر عدة.
وركزت الطائرات السورية والروسية خلال الأشهر الماضية قصفها تحديدا على ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي المجاور، حيث دارت معارك ضارية بين قوات النظام والفصائل.
ومنذ نهاية نيسان/أبريل، تسبّبت الغارات والقصف بمقتل نحو 790 مدنيا، كما دفع التصعيد أكثر من 400 ألف شخص إلى النزوح من مناطقهم، بحسب الأمم المتحدة.