بلدي نيوز – إدلب (ليلى حامد)
اشتهر الريف اﻹدلبي، بمطبخه الخاص، وتعتبر المنتجات الزراعية إحدى خواص هذه المنطقة، التي تجود على الناس، والوشنة ثمرةٌ متعددة اﻻستخدامات لدى اﻷهالي.
شراب الوشنة
ومع ارتفاع درجات الحرارة ازداد الطلب على الشراب الطبيعي؛ ليكون البارد منه خير مؤنس في جلسات مزاجها العام الحرارة المرتفعة.
وتميزت منطقة أريحا وجبل الزاوية بصناعة "شراب الوشنة" بطعمه الحامض والمميز، ولونه الخمري المائل إلى السواد يجذب الناظرين، ويؤنس الجالسين، كما تصفه السيدة ريم ناجي معلمة اللغة العربية .
وعن صنع شراب الوشنة تحدثنا أم خالد الحلوم من سكان مدينة أريحا، تقول؛ "تعد الوشنة من أشهر أنواع الكرز والتي نستخدمها في صنع الشراب بعد غسلها وتصفيتها وإخراج الحب منها بطريقة رشيقة؛ أي بعد تحريكها أخرج منها الحب وأفصله عنها، ثم أضع لكل مكيال وشنة مكيال ونصف من السكر وملعقتان من عصير الليمون الطبيعي، وأتركه من المساء حتى الصباح، ثم أقوم بغليه مدة ربع ساعة، وبعدما يبرد أصفيه وأعصره جيداً، ثم أعبأه بزجاجات نظيفة وجافة، والآن ومع ازدياد الحر حان وقت استخدامه، فعند التحضير أضع القليل من شراب الوشنة في الكأس وأضيفه بالماء البارد وبعض الثلج ليكون شرابا لذيذ المذاق، وخير ما أقدمه لضيوفي".
اللحمة بالكرز:
لم تكتف أم خالد الحلوم من سكان مدينة أريحا بصنع شراب الوشنة فقط، بل عملت على صنع طبق "اللحمة بالكرز" تقول أنه الطبق المفضل لضيوفها في موسمه، وتبين أنّ هذا الطبق هو من ألذ الأطعمة التي تقدمها لأقاربها القاطنين في مدينة حلب عند زيارتها سابقاً.
وعن طريقة إعداده تقول؛ "أقوم بعصر الوشنة وخلطها بالماء وغليها قليلاً، ثم أقوم بقلي كرات اللحمة الدائرية مضيفة إليها التوابل والملح وبعد تصفيتها من الزيت أضيفها إلى مزيج الوشنة المغلي، وأستمر بطهيه حتى تتماسك الصلصة".
وأوضحت؛ "قبل الثورة السورية كان أكثر أهل حلب يأتون لمدينة أريحا في موسم الكرز والوشنة ويصطافون في جبل الأربعين، أما الآن فقد منعت ظروف الحرب أغلبهم من القدوم للمدينة الجميلة التي عمل النظام على تدميرها مراراً".
أصابع القلعة:
تضيف أم خالد؛ "للوشنة استخدامات عديدة كالمربيات التي تدخل في صنع بعض أنواع الحلوى مثل: "أصابع القلعة" التي تعتمد على الطحين ومربى الوشنة الذي يدخر من الصيف، ويصنف هذا النوع من الحلوى بـ "حلوى الفقراء" لاعتماده على مكونات بسيطة موجودة في كل بيت، طعمه لذيذ ومميز، ويحبه الأطفال كثيرا، وخاصة في ليالي الشتاء".
البأسمة:
تتابع أم خالد؛ "للشتاء عندنا طعم خاص، فعند تساقط الثلوج أحضر بعض الثلج من السطح وأضع فوقه القليل من مربى الوشنة بحباته ونتناوله بالملعقة رغم برودة الطقس، وهي ما اشتهرنا بها بكل سوريا وتدعى البأسمة"
أيام زمان:
من جهتها؛ توضح لنا السيدة الحاجة أم سليم البالغة من العمر التسعين عاماً من جبل الزاوية التي تشتهر أيضا بزراعة أشجار الوشنة والكرز، الوشنة تشبه الكرز ولكن ثمرتها أصغر وطعمها حامض أكثر، وحتى لونها يميل إلى السواد اللامع، ومن زمان نعد شراب الوشنة وكنا نخبأه لأيام رمضان عندما كان يأتي صيفاً ليكون فخر المائدة بلا منازع".
تضيف الحاجة؛ تزرع في مناطقنا منذ زمن، وتعود في أصلها لشجرة المحلب التي نقوم بتطعيمها كرزا أو وشنة، ثمرها لذيذ جدا ولكنها تصنف من الأشجار غير المعمرة حيث لا يتجاوز عمر الشجرة أكثر من عشر سنوات في أحسن أحواله، عكس أشجار الزيتون أو التين".
لا تزال بعض الأسر تحافظ على تلك التقاليد ضمن الحدود الدنيا، فيما تبقى داخل إطار الذكريات عند آخرين؛ فالقصف والحرب التي فرضها اﻷسد على المدنيين شغلتهم إﻻ عن نسيان "الماضي والزمن الجميل".