الغارديان: ما رأي "الأوبزرفر" بعقيدة أوباما؟ - It's Over 9000!

الغارديان: ما رأي "الأوبزرفر" بعقيدة أوباما؟

The guardian – ترجمة بلدي نيوز

كانت انتقادات باراك أوباما ومزاعمه بإهمال ديفيد كاميرون في ليبيا في أعقاب ثورة 2011،  ومساعدة بريطانيا الثورة الليبية ضد الزعيم معمر القذافي أمراً قد تم إعطاءه أهمية أكثر مما يستحق.

فهذه الضجة المصنعة إلى حد كبير تحجب قصة أكثر أهمية: فهي بداية واضحة لمحاولة أوباما شرح وتبرير سياسته المثيرة للجدل في كثير من الأحيان، في الشؤون الدولية، وخاصة في الشرق الأوسط، منذ توليه منصبه في عام 2009.

ففي سلسلة من المقابلات المتباعدة المدة مع الصحفي جيفري غولدبرغ من مجلة "الأتلانتيك" ، يبدو أن أوباما قد اطلق دفاعه عن ما تبقى من إرثه الرئاسي والذي سيستمر لمدة  10 أشهر، قبل أن يستقيل من البيت الأبيض، ولكن هذا الأسلوب يتجاهل كل الاخطاء المحتملة مع حلفاءه والذين ما يزال اوباما مضطراً أن يعمل معهم، وفي هذا الصدد، فإن خطيئة ديفيد كاميرون في أنه انصرف عن مهمة إعادة الإعمار في ليبيا، تبدو خطأ صغيراً بالمقارنة مع الأداء الضعيف للآخرين.

فعلى سبيل المثال، يقول أوباما ان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان هو خيبة أمل جدية بسبب تحوله للديكتاتورية، ولكن نحن نعلم أن الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن قد وُبخ شخصياً من قبل أوباما في قمة حلف شمال الاطلسي في ويلز في عام 2014، بعد أن وصلت شكواه عن سياسة الرئيس الأمريكي آذان الرجل العظيم ( أوباما).

أما بالنسبة  لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فيرى أوباما أنه قد أهدر اتفاق سلام تاريخي مع الفلسطينيين بسبب ضعف شخصيته وأداءه السياسي، كما أن لدى الرئيس الأمريكي نقطة عن ليبيا، فهو يعتبر أن كاميرون قد وعد بأكثر بكثير مما يمكنه أن يقدم من حيث تشكيل حكومة قابلة لحكم بلاد تفتقر للديمقراطية، وهكذا، كرئيس وزراء مبتدئ، لا يفقه شيئاً في العلاقات الدولية، كان كاميرون مقاداً من قبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وقام الرئيس الفرنسي بالحصول على كل القيم السياسية من التدخل فيما ترك بكل سرور جزءاً بسيطاً لأوباما.

وهكذا كانت ليبيا مناسبة للرواية الوطنية الفرنسية، الأمر الذي يضع فرنسا في مركز الشؤون العالمية، وكما يقول أوباما، كان ساركوزي الأوروبي النمطي و"المتسابق الحر" الذي غادر ليبيا في فوضى عارمة.

بعد قول كل هذا، فإن ما حدث في ليبيا في السنوات الخمس الماضية -من انهيار السلطة المركزية، والانزلاق الى الفوضى، وصعود المنظمات الطفيلية مثل تنظيم الدولة الإسلامية وعدم الاستقرار المعدي والذي انتشر في أنحاء المنطقة على نطاق أوسع– لا يمكن أن تلام عليه فقط بريطانيا وفرنسا، فكما اعترف اوباما نفسه، هو لم يأخذ زمام المبادرة ولم يكن يريد المخاطرة بحياة الأمريكيين وبأموالهم، لكنه أراد فقط مراقبة وتوجيه التحالف بما في ذلك أوروبا ومصر ودول الخليج والدول الإسلامية الأخرى، وبالتالي الحصول على مباركة الأمم المتحدة.

هذه السياسة التي تعتمد على "الريموت كونترول" والقيادة عن بعد لم تعمل، ولم تنجح! فليبيا تواجه نوبة وشيكة من التدخل العسكري الغربي الآن، وتشير التجربة الليبية إلى مشكلة أكبر بكثير بالنسبة لنهج أوباما تجاه العالم، وخلاصة القول، أنه لا يزال متردداً للغاية حول قضية إن كانت القيادة العالمية بعد الحرب الأمريكية التقليدية لا تزال تخدم المصالح القومية للولايات المتحدة.

 وفي مقابلته مع صحيفة "الأتلانتيك"، بذل الرئيس الأمريكي  جهوداً استثنائية لتبرير تغيير موقفه كلياً في تموز 2013، عندما اختار، في اللحظة الأخيرة، عدم التدخل العسكري في سوريا، وكان قد قرر أن يبدأ القصف قبل أيام فقط، لأن بشار الأسد، الرئيس السوري، عبر "الخط الأحمر" الذي وضعه أوباما باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.

وفي نبرة وداعية، يقول أوباما أنه فخور لأنه غير رأيه لأنه هذا يبين أنه قوي كفاية لرفض الضغوط الناجمة عن نخب واشنطن، ومؤسساتها الخارجية السياسية والعسكرية،  هذه الضغوط  التي تملي على الرئيس استخدام القوة العسكرية للحفاظ على مصداقية الولايات المتحدة، يقول أوباما: "عندما تكون أمريكا مهددة، فإنك تستطيع استخدام قواعد اللعبة، ولكن ذلك قد يؤدي إلى قرارات سيئة، وفي خضم تحدي مثل سورية، سيتم الحكم عليك بقسوة إن لم تلتزم بأصول اللعبة حتى لو كانت هناك أسباب جوهرية لعدم تطبيقها".

وهكذا، يتصرف أوباما كأستاذ في كلية، وهذه حقيقته، فهو يقوم بإضفاء العقلانية والذكاء على قراراته، مما يجعلها مسألة مبدأ واستراتيجية، ولكن المشكلة مع هذه الممارسة هو أن "الأسباب الوجيهة" التي يفترضها تتجاهل القصة الحقيقية: فقد استولى الخوف على أوباما بسبب سوريا لأنه أدرك أن هناك رغبة كبيرة في الولايات المتحدة لمغامرة أقرب إلى العراق، وأقنع نفسه بأن قصف مرافق الأسلحة الكيميائية لا يمكن أن يتم، على عكس ما كان يقول، وبالتالي كانت سياسته براغماتية بحتة.

وبعد فوات الأوان، تضررت بشدة المصلحة القومية للولايات المتحدة -وحلفائها– بسياسته المواربة في سورية، وبقي الأسد في السلطة، وقتل ما يقدر من 250.000 ألف سوري في حرب لم تنته، وهجر ملايين من اللاجئين السوريين مهددين استقرار أوروبا ومستقبل الاتحاد الأوروبي.

وكان رفض أوباما الالتزام، هو ما تسبب بصعود تنظيم الدولة الإسلامية  في شمال سورية والعراق، وزاد من خطر حدوث مواجهة أوسع نطاقاً تشمل تركيا وإيران والمملكة العربية السعودية، وسمح لفلاديمير بوتين  بالتدخل بالشرق الاوسط مرة أخرى .

إن الإرث الفكري لأوباما والمبني من الزجاج هو مكان سيء لترمى عليه الحجارة، ولم تنجح محاولته في الحفاظ على مظهر "السياسي الدولي" والملتزم بالمبادئ الأخلاقية للقيادة العالمية الأمريكية، في حين تخلى عن مسؤولياته تجاه سورية، كما لم يصب في انتقاد حلفاءه، وإذا كانت هذه هي حقاً عقيدة أوباما، فقد حان وقت عودته إلى المدرسة.

 

مقالات ذات صلة

التحالف الأمريكي لأجل سوريا: دول عربية حاولت منع إقرار قانون مناهضة التطبيع مع النظام

روسيا تؤكد تجنيد سوريين للقتال في أوكرانيا

لقاء مرتقب بين بوتين وبايدن للحديث عن سوريا

قمة جنيف.. بايدن: تحدثت مع بوتين عن ضرورة فتح ممر إنساني في سوريا

"فايننشال تايمز": سوريا ومنطقة الشرق الأوسط مرشحة للاشتعال إذا بقي الأسد في السلطة

رسالة عالمية للرئيسين الأمريكي والفرنسي لزيادة العقوبات على النظام السوري