بلدي نيوز- (ليلى حامد)
"ليلٌ وصبْح وآجال مقدّرةٌ، تَمضي ونمضي وتطوينا ونَطويها"، بتلك الكلمات ابتدأ ابن مدينة دير الزور المهجّر فراراً من تنظيم "داعش" إلى مناطق نظام "بشار اﻷسد" بدمشق.
وعن تاريخٍ من الهموم والفارق بين زمن الحرب والسلم، يقول "أبو حسن" لبلدي نيوز "وقفتُ أتأمل وأراقب يد الجزار من بعيدٍ كيف ينحر الخروف ويسلخ جلده قبل أن يعلقه، وبعد ساعتين من اﻻنتظار على الرصيف المقابل، ما لبثت رائحة الشواء أن داعبت أحاسيسي وأفكاري، حملني الدخان إلى مدينتي الفراتية دير الزور، التي أفتقدها، سخرتُ من نفسي ومن ظروفي، أخرجت ورقةً نقديةً من فئة اﻷلف ليرة سورية، شتمت صورة حافظ اﻷسد بألفاظٍ نابيةٍ في سري، ومضيت في طريقي، أتحسر".
يعيش "أبو حسن" الموظف الحكومي في إدارة التبغ برفقة ولديه وزوجته في العاصمة دمشق، ساخراً من كل الظروف حوله.
يقول أبو حسن لبلدي نيوز "لم يكد يمضي اليوم حتى ثار لعاب الصغار على لحمٍ مشوي، كنا اعتدنا في دير الزور على تناوله بين الحين واﻵخر، بحكم توفر الذبائح ورخص ثمنها، في هذه اﻷيام الذبائح والشواء متوفر، لكن لحم بشرٍ أو لحم حمير".
تأخذه حالة ضحكٍ متواصل لبضع دقائق، حتى تدمع عينه، قائلا إنها ليست دموع القهر، على عكس ما يتصور من يراه، ثم ينفث دخان سيجارته، ثم يقول؛ "شر البلية ما يضحك".
ويردف؛ "حين وجدت بائع لحم الخراف وتأكدت من صدقه، لم أجد في جيبي من النقود ما يكفي، وقدمت ذريعةً ﻷولادي أننا لم نعد نثق بنوعية اللحوم، قد تكون الذبيحة حماراً أو بغال، أو حتى حيواناً آخر، من يدري؟".
ويضيف "ليست المرة اﻷولى التي يباع فيها لحم الحمير في اﻷسواق، فسبق أن ألقي القبض على بائعٍ في سوق باب سريجة يبيعها، وأذكر تماماً مقولته لضابط التموين حين صرخ في وجهه مستنكراً:اخرس أنت لوحدك آكل حمار كامل لحتى سكتت عني، شو نسيت.. بتحب ذكرك؟".
صفحات موالية لنظام الأسد أفادت قبل نحو أسابيع عن خبر إلقاء القبض على أحد عناصر ميليشيا "اللجان الشعبية" وهو يقوم بذبح الحمير وبيعها لأحد المطاعم في دمشق، ﻻسيما مطاعم الشاورما والوجبات السريعة.
يقول "مهند. ع" موظف في وزارة الصحة، من مهجري داريا إلى قدسيا لبلدي نيوز "ما أجمل أن تأتيك الذريعة لتقنع نفسك بضرورة عدم التفكير في تناول اللحم مع الطعام".
ويتابع "في أواخر تشرين الثاني 2018 سمعنا عن مسلخ يقوم بذبح البغال والحمير في ريف حماة والمنطقة خاضعة لسيطرة النظام، وها نحن اليوم أمام ذات الحادثة".
جوانب متعددة من يوميات الناس في سوريا، ما بين مطرقة الفساد والغلاء، في وقتٍ يدّعي فيه نظام اﻷسد انتهاء زمن الحرب وانتصاره، ﻻ يبدو زمن السلم بالنسبة للمدنيين أفضل حاﻻً، معظمهم مثل "مهند".