بلدي نيوز – (كنان سلطان)
استضافت دمشق الجريحة، اجتماع المكتب الدائم لـ "الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب"، في أيام 13 وحتى 15 من شهر كانون الثاني الجاري، وبراميل مضيفهم "الأسد" تقتل أطفال الغوطة، تسمع أناتهم على بعد أمتار منهم، وصور أشلائهم تلوح بين سطور محاباتهم ونفاقهم، يشاركونه نشوة القتل والدم.
وفود من خمس عشرة دولة قيل إنها "عربية"، يحظون بأهمية غير اعتيادية، سيما وأنهم أول من يكسر عزلة هذا النظام منذ بداية الثورة، في ضيافة زعيمهم وكبيرهم الذي علمهم الغواية والقتل، مخترع البراميل.
وهاهم عصبة من الكتبة، يعملون على خلق "حالة من الوقاية من الفكر" تقيهم من أزمات مطالبة الشعوب بكرامتها، وحقها في العيش بسلام وحرية، مع "أسدهم" يسعون لإيجاد فكر يجدد هزيمتهم وطغيان سيدهم، ويكشف أزمة أخلاقية لطالما حكمت العلاقة بين سيد وعبد.
ردا على هذا الهزال الفكري، مجموعة من الكتاب والأدباء العرب، أصدروا بياناً رفضوا فيه هذا الاجتماع في ضيافة الأسد، وجاء في بيانهم "ندين بشدة اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في دمشق، والهيئات القُطرية المشاركة فيه، لما يمثله من تواطؤ مرفوض مع نظام الأسد المجرم، الذي لم يتوقف منذ سبع سنوات عن سفك دم أهلنا الأبرياء في سورية، وتخريب العمران، ودفع الوطن السوري بكل عنف وهمجية إلى الهاوية، شأنه في ذلك شأن فصائل الإرهاب الديني والطائفي، وأدواته المشبوهة".
وأكدوا على "أن اجتماع دمشق، ليس سوى تعبير مؤسف عن هزيمة الكاتب العربي، وجبنه وزيف وعيه، وارتهانه وتخليه عن دوره الرسالي في نقد أنظمة القمع، والانتصار لشعوب أمته المقهورة وقضاياها العادلة".
وختم البيان بقولهم "إن تعامي المجتمعين في دمشق، عما يعنيه اجتماعهم من تأييد للقاتل، وتخل عن الضحايا، لهو أمر مؤسف يندى له جبين الأحرار ذوي الضمائر الحية".
ولاقى هذا الاجتماع استياء كبيراً في أوساط الكتاب والأدباء العرب، فها هو الكاتب والروائي المصري (سامي كمال الدين) يقول "أعلن انسحابي من عضوية "اتحاد الكتاب العرب"، وأطالب كل كاتب لديه ضمير، بالانسحاب من هذا الاتحاد، الذي انبطح وعقد اجتماعه في ضيافة الأسد في دمشق".
أما الكاتب والصحفي السوري (نجم الدين السمان) يقول في تغريدة له "اتحاد عديمي الأدب، وكتبجية الأنظمة، وبلطجية الرقابات، يعومون الطاغية فوق دماء السوريين". ويضيف "ما اجتمع منافق وطبال في دمشق؛ إلا وكان بشار الوحش ثالثهما".
في حين كتب المفكر السوري (جاد الجباعي) على صفحته "لكي تكون كاتباً كن كما تريد لعالمك أن يكون، كن كما تريد للعالم أن يكون، لكي تكون إنسانا كن كما تريد للإنسان أن يكون، هذا برسم أعضاء اتحاد الكتاب العرب، الذين (وصلوا إلى أنفسهم في دمشق)، بئس ما وصلوا إليه".
وفي تصريح خاص لبلدي نيوز، قال الكاتب الصحفي غازي دحمان: "الذين حضروا لاجتماع اتحاد الكتاب العرب؛ هم في الغالب من المؤيدين لنظام الأسد، ولحربة ضد السوريين، أو فئة من السوريين، أولئك الذين ثاروا ضد الفساد والاستبداد".
وأضاف "بل أن بعضهم طالما تغزل بقتل ما يسمى (الجيش) للمدنيين العزل (رشاد أبو شاور)".
ويشير (دحمان) في حديثه إلى أن "الغريب أن يمثل هؤلاء اتحادات وروابط الكتاب العرب، مع علمنا أنهم أقلية في تلك المؤسسات، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سلبية أغلب الكتاب العرب الذين يؤيدون الثورة".
ويردف "لطالما حاول هؤلاء تحريف الربيع العربي، وتهجمهم الدائم عليه بذريعة سيطرة القوى المتطرفة، وبذريعة أنهم يدعمون المقاومة والتحررية والتنويرية، كما ادعوا مؤخراً".
ويزيد في تصريحه بالقول "أثبت موقفهم الداعم لنظام الاستبداد، القابع أصلا تحت نير جملة احتلالات (الروسية والإيرانية)، أن فهمهم للتنويرية والمقاومة فهم قاصر ومنحرف، وأن سيطرة هؤلاء على مؤسسات الفكر والثقافة العربية، لهو مؤشر على مدى انحطاط هذه الثقافة، ومدى الانفصال بينها وبين هموم وطموحات الشعوب العربية، وارتباط هذه الثقافة بالهياكل السلطوية الحاكمة، بل هي واحدة من بناها الدعائية".
ويرى الكاتب السوري أن ذلك "لعله يشكل مبرراً شرعيا لتأسيس اتحاد كتاب ومثقفين عرب أحرار، يحملون هموم الأمة، والأهم ينطلقون بوعي الأمة نحو عتبة جديدة من التطور والحداثة والتنويرية الحقيقية، فمن العار بعد الربيع العربي وكل الدماء التي سالت في سبيل الحرية والتخلص من الاستبداد أن يتسيد مثل هؤلاء بأفكارهم، ومرجعياتهم، مشهد الثقافة العربية".