بلدي نيوز – (خاص)
تعرضت روسيا خلال ليلة رأس السنة 2017/2018 لواحدة من أكبر النكسات العسكرية لها منذ بداية الحرب في سوريا، والتي لا يعادلها إلا نكستها وخسائرها التي تعرضت لها خلال قصف تنظيم "الدولة" لأحد مطارات النظام في وسط سوريا والتي خسرت خلالها روسيا 4 حوامات على الأقل، ولكن روسيا اليوم خسرت ما مجموعه سبع طائرات على الأرض، تعتبر أفضل ما لدى الروس من طائرات.
فقد نقلت صحيفة "الكوميرسانت" الروسية، عما أسمتها "مصادر خاصة"، أن قاعدة "حميميم" الجوية التي تتركز فيها معظم القوة الجوية الروسية في سوريا، تعرضت للقصف ليلة رأس السنة.
وأضافت نقلا عن المصادر ذاتها "قصف المطار بقذائف هاون ليلة رأس السنة، والنتائج كانت تدمير أربع قاذفات سوخوي 24، ومقاتلتين سوخوي 35، وطائرة نقل نوع أنتونوف 72 والتي تعتبر من بين أضخم الناقلات التي تمتلكها روسيا، وانفجار مستودع ذخيرة، إضافة إلى جرح عشرة جنود روس"، حسب ما نقلته الصحفية باللغة الروسية.
وكانت اعترفت وزارة الدفاع الروسية أول أمس الأربعاء، بسقوط طائرة مروحية على بعد 15 كيلومترا من مطار حماة العسكري، وأضافت أن الطيارين قتلا جراء سقوط المروحية من نوع "مي 24" بتاريخ 31/12/2017.
مصادر أخرى أضافت طائرة إلى الخبر، وهي طائرة أنتونوف 30 متخصصة بالحرب الإلكترونية، لتكون حصيلة مفجعة للروس، وهي الأكبر مادياً منذ بداية الحرب السورية، وهي ضربة كبيرة للروس في سوريا، وربما تكون الأكبر منذ حرب أفغانستان.
عملياً؛ الروس يكدسون قواتهم الجوية في "حميميم"، بدون أي تفكير عسكري حقيقي، فهم يعتقدون أن "الخوف من روسيا" هو ما يحمي طائراتهم وليس "الأفيولات" الإسمنتية التي تحتمي فيها الطائرات عادة، فقط سعى الروس للعمل وتكوين نطاق أمن حول قاعدة "حميميم" بعمق قرابة 45 كم، لمنع استهدافها بصواريخ "غراد" أو المدفعية المنتشرة لدى الفصائل، والتي تعتبر من بين الأسلحة القادرة على التأثير على الطائرات بسهولة بمجرد دخولها ضمن المدى، إضافة لشبه استحالة بناء العدد المطلوب من "الأفيولات" في مطار "حميميم" لأسباب كثيرة.
إذا، روسيا خسرت مع ضربة طائراتها أهم ما كانت تحاول كسبه خلال الحرب في سوريا، وهو الهيبة التي أحرقت نصف سوريا لكسبها، وهي بذلك تضع نفسها في موقف محرج، وقد تتوحش للرد والسعي لاستعادة تلك الهيبة التي فشت في الحفاظ عليها.
عملية قصف القاعدة لها عدة روايات، أخطرها بالنسبة لروسيا هو موضوع القصف بالهاون، والذي لو صح؛ فهو اختراق كبير للنظام والميليشيات الإيرانية التي تعمل في محيط القاعدة، فقصف القاعدة بالهاون هو دليل على أن القاصفين وصلوا لبعد لا يتجاوز 6 كيلو مترات فقط عن القاعدة، وهو أمر ومؤشر خطير حول إمكانية تنفيذ هجمات تستهدف هذه القاعدة أو الطائرات المقلعة والهابطة فيها، وبخاصة طائرات الشحن التي تنقل الكثير من المعدات للروس وطائرات "الأواكس" العملاقة، التي ستكون خسارتها - وبخاصة في حال هبوطها- كارثة للروس، بخاصة إذا تسببت بإحراق المزيد من الطائرات خلال سقوطها.
عملية الاختراق والقصف لو صحت بهذا الشكل، فهي قد تعني أن نظام الأسد والإيرانيين هم المسهلون لهذه العملية، ربما للضغط على الروس والانتقام منهم وإهانتهم في سوريا، بسبب الخلافات على تقسيم الغنائم، والتي يبدو أنها ستتسبب برد فعل من الروس، قد يصل لرأس النظام، وبخاصة أن تلك المنطقة تابعة له بشكل مباشر وتنشط فيها الميليشيات العلوية والشيعية الموالية للنظام وإيران وتضم أفرادا من آل الأسد بشكل مباشر، ما يعني أن عملية القصف لا تتم بدون موافقة وتستر وتسهيل من أفراد هذه الميليشيات، خاصة أنها تمت من منطقة يفترض أن تكون أمنية ومحروسة بشكل جيد من قبلهم، وإطلاق قذائف هاون بهذا الشكل يستحيل أن يحصل بدون أن يكشف المصدر أو يحدد السكان المحليون مصدره بشكل دقيق.
ما يعني أن عملية قصف "حميميم" قد تكون نقطة بداية لصفحة جديدة من العلاقة بين الروس والميلشيات المختلفة في الساحل السوري، عنوانها المزيد من التوغل والسيطرة الروسية على المنطقة المحيطة بمطار "حميميم"، والمزيد من فقدان الثقة بين الروس والنظام، وصولاً ربما لتكرار السيناريو الأفعاني الذي قُتل فيه رأس النظام في أفغانستان بعد استدعاء الروس، الذين احتلوا أفغانستان تسع سنوات.