بلدي نيوز – (عمر الحسن)
دهم محققون فرنسيون، مقر مجموعة لافارج في باريس، والتي يشتبه في أنها مولت بطريقة غير مباشرة جماعات إرهابية في سوريا بينها تنظيم "الدولة".
وأشار ناطق باسم لافارج إلى أن المحققين الفرنسيين يقومون بتفتيش مكاتب المجموعة، مؤكدا بذلك معلومات بثتها اذاعة "فرانس انتر".
ويريد التحقيق تحديد العلاقات المفترضة التي ربطت بين المجموعة العملاقة وتنظيم الدولة لمواصلة تشغيل مصنعها في جلابية شمال الرقة.
وكانت صحيفة لوموند اطلعت على تفاصيل تحقيق يثبت أن إحدى كبريات الشركات الفرنسية دفعت أموالا لتنظيم "الدولة" مقابل تأمين مصنع لها في منطقة تابعة للرقة.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولين في مجموعة لافارج للإسمنت اعترفوا بدفع أموال لتنظيم الدولة مباشرة بعد إعلانه قيام "الخلافة" يوم 29 يونيو/حزيران 2014.
ففي ذلك اليوم أرسل إطار من الشركة من الرقة في سوريا رسالة إلكترونية إلى مديريه أخبرهم فيها أنه أخذ موعدا مع مسؤول في التنظيم للتباحث بشأن تأمين العاملين في المصنع.
وعلقت الصحيفة على ذلك بقولها إن هاجس لافارج الوحيد منذ تأسيسها في سوريا نهاية العام 2010 هو الحفاظ على نشاط مصنعها في جلابية، على بعد 87 كيلومترا من الرقة، مهما كلفها ذلك، حتى بتمويل منظمات إرهابية بشكل غير مباشر.
كما أظهر التحقيق أن لافارج كانت تتواصل بشكل منتظم مع السلطات الفرنسية التي وافقت على بقائها في سوريا.
وحسب المدير السابق المساعد لعمليات هذه الشركة كريستيان إرلوت فإن وزارة الخارجية الفرنسية نصحت الشركة بالبقاء، "فالأمور ستتم تسويتها، ويجب أن ندرك أنه لا يمكننا أن نكرر الذهاب والإياب، والآن وقد رسخنا قدمنا فإن تركنا موقعنا فإن غيرنا سيحل مكاننا..".
وقال إن مسؤولي الشركة كانوا يتصلون بوزارة الخارجية كل ستة شهور لتقييم الوضع وكانت تنصحهم في كل مرة بالبقاء، فهذا هو أضخم استثمار فرنسي في سوريا.
وخلال هذه الفترة المذكورة دفعت شركة الإسمنت مئات الآلاف من اليورو إلى مجموعات مسلحة مختلفة منها 5 ملايين ليرة سورية (20 ألف يورو) شهريا لتنظيم الدولة.
غير أن الصحيفة نبهت إلى أن الشركة لم تطلع الدبلوماسيين الفرنسيين على قيامها بدفع فدية لتلك الجماعات.
وقد استخدمت لافارج وسيطا للحصول على تصاريح لموظفيها عند نقاط التفتيش، ووقع خيارها على رجل الأعمال فراس طلاس، الذي يمتلك عددا قليلا من أسهم الشركة وهو ابن وزير الدفاع السابق لبشار الأسد، وأعطت ما يتراوح بين 80 ألفا و100 ألف دولار شهريا للتفاوض مع المجموعات التي لها نقاط تفتيش حول المصنع.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2012 اضطرت لافارج لدفع 200 ألف يورو لمجموعة محلية كانت تحتجز تسعة من عمالها العلويين الذين جاؤوا من طرطوس لتسلم رواتبهم بعد أن منحتهم الشركة إجازة مفتوحة معوضة ريثما يستتب الأمن.
وحسب لوموند فإن مسؤولي الشركة نفوا معرفتهم في الغالب بأسماء المجموعات التي يدفعون لها الأموال، خصوصا أنها -حسب قولهم- كثيرا ما تغير ولاءاتها.
وفي خضم هذه الأحداث، قالت لوموند إن مديرة الشؤون القانونية بالشركة أوصت في أغسطس/آب 2014 بإغلاق الشركة على أثر فرض تنظيم الدولة رسوما على الناقلين، إذ تقول إن رأيها كان واضحا: "نعم هناك خطر قانوني، وأوصي بإغلاق المصنع".
لكن الشركة لم تأبه بهذا الرأي إذ عثر على تراخيص مؤرخة بفاتح سبتمبر/أيلول 2104 ومختومة من طرف محافظ تنظيم الدولة بمنطقة حلب تقول ما معناه "باسم الله الرحمن الرحيم، نهيب بالمجاهدين السماح لهذه الشاحنة التابعة لمصنع لافارج للإسمنت بالمرور من نقاط التفتيش وذلك بعد إبرام عقد مع المؤسسة للاتجار في هذه المادة".