بلدي نيوز - إدلب (محمد جبس)
اشتهرت العديد من المدن السورية بالأعمال اليدوية قبل الثورة ومنها حرفة الموزاييك أو "الفسيفساء"، ومن أهم المدن المشهورة بهذه الأعمال والتي كانت تصدر لمدن أوربية عدة ودول الخليج هي مدينة كفرنبل بريف إدلب والتي يطلق عليها لقب "مدينة الفسيفساء"، حيث واجهت هذه المهنة مصاعب جمة في الأراضي السورية وخاصة في المناطق المحررة لعدم توفر المواد الأساسية والحجارة الخاصة بصناعتها.
وتعتمد هذه المهنة على المستلزمات والمواد الأولية المستوردة التي كان العاملون عليها يستوردونها، وأجبرتهم ظروف الحرب في سوريا إلى وقف أعمالهم والهجرة خارج سوريا بحثا عن مكان تتوفر فيها متطلبات المهنة للحفاظ عليها، فكانت تركيا من الدول التي توجه عليها العديد من أصحاب المهن.
وتناقلت وسائل اعلامية تركية مرئية ومكتوبة منذ عدة أيام أعمالا لشركة "موزاييك إيبلا" السورية التي افتتحت حديثا في تركيا، وشاركت في أحد المعارض. وتعتبر الشركة التي يديرها خالد وليد حمادي ابن مدينة كفرنبل، إحدى أبرز الشركات العاملة في هذا المجال، والذي نقل حرفته المميزة إلى تركية، بعد معاناة وعدم القدرة على تأمين المواد الأساسية والحجارة الخاصة بصناعتها.
وفي حديث لبلدي نيوز، قال "خالد وليد حمادي" وهو أحد أهم الحرفيين ومدير شركة إيبلا للموزاييك في تركيا، أنه بدأ العمل بهذه المهنة منذ أكثر من 19 عاما، وكانت بداية عمله بوسائل بدائية بسيطة وبشكل تدريجي، استطاع أن ينمي هذه المهنة وبدأ بتصدير لوحات الموزاييك إلى دول خارجية منها لبنان والسعودية والأردن، وانتشرت اللوحات الفنية اليدوية عبر دول عدة منها دول أوربية.
وبيّن "حمادي"، أن بداية العمل في حرفته كانت مستوحاة من منطقة أثرية، حيث تواجد لوحات فسيفسائية تعود لعصور قديمة، ويشهد على ذلك متحف معرة النعمان الذي يعد من أكبر المتاحف وأغناها بالفسيفساء الطبيعية، وبعد أن دفعه الحب والاهتمام بهذه المهنة والتعلق بها؛ للعمل والقيام بتنفيذ لوحات فنية مماثلة عمل على تحسينها ووضع بعض التعديلات عليها لتكون أكثر جمالا وجاذبية، ولتلبي رغبات كافة شرائح المجتمع، وساعده بذلك مجموعة من الشباب بالتواصل عبر الشبكة العنكبوتية لنشر وتسويق هذه اللوحات الفنية عبر العالم.
وأضاف الحمادي، أن مصاعب جمة واجهت الحرفيين مع مرور الزمن وأكبرها عند اندلاع الحرب والقصف المستمر، وإغلاق وسائل استيراد الحجارة والمواد اللازمة لصناعة هذه اللوحات الفنية، كما أن تصدير البضائع أصبح من المستحيل مع توقف كافة سبل الحياة، وانتشار حواجز الشبيحة والتشليح التي أوقفته لفترة محدودة عن العمل، ما أجبره بعدها الانتقال لتركيا لإكمال الطريق والاستمرار بهذه المهنة المميزة.
وأشار في حديثه إلى أنه كانت تصله طلبات عدة من خارج سوريا ولكنه كان عاجزا عن تلبيتها، فلم يجد سبيلا إلا الرحيل لتركيا ليعمل على تصنيع اللوحات وإيصالها لراغبيها.
وأردف الحمادي، أنه وبعد حصوله على سجل تجاري يمنحه حق الاستيراد والتصدير، أنشأ شركة وأطلق عليها اسم "موزاييك إيبلا" اقتباسا لتراث وحضارة إيبلا العظيمة في إدلب، حيث كان هذا العام هو الأول لانطلاقتها، واستطاع بحسب قوله، أن يشارك في معرض تصاميم الرخام الدولي في مدينة أنطاليا التركية، سعيا منه لتسلط الضوء على هذا الفن السوري عند الشعب التركي، وليثبت للعالم أجمع أن السوريين بإمكانهم أن يبدعوا وينتجوا ويبنوا مجتمعهم وأن ينقلوا فنونه إلى أي دولة يصلون إليها.
وأكد الحمادي، أن اعماله الفنية لاقت استحسانا واهتماما كبيرا من الإعلام التركي والعديد من الصحف المقروءة، كما نالت إعجاب المشاركين في المعرض من حيث اللوحات الفنية والقطع التي شارك بها.
يذكر أن متحف معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، يعد أهم متحف في المنطقة العربية متخصص بهذا الفن.