لماذا تحتاج روسيا لإيران في سوريا وعلى ماذا يختلفان؟ - It's Over 9000!

لماذا تحتاج روسيا لإيران في سوريا وعلى ماذا يختلفان؟

بلدي نيوز- (عبدالعزيز الخليفة)
يعد الوجود العسكري الإيراني في سوريا جوهرياً، ليس بالنسبة للنظام فقط بل بالنسبة لروسيا الذي يوفر على الكرملين مشاركة عسكرية على الأقل على مستوى القوات البرية بشكل كبير، فعدم وجود إيران يغير تماماً وجه المنطقة، ويغير أفق الصراع بشكل كامل، بخاصة أنها هي التي تتحمل التكلفتين المادية والبشرية للمعارك ضد الكتل "السنية" الكبرى في سوريا والعراق.
بالنسبة للروس، فسيكون وضعهم أتعس، فهم لن يكونوا قادرين على دفع الكلفة الكلية للعملية (فعلياً ينفذ الروس العمليات في سوريا بأقل المتطلبات وبمستوى ضغط عالي للنفقات واللوجستيات مقارنة بالوضع العملياتي الحقيقي فهم بالكاد يشركون 50 طائرة في العمليات ككل الأمر الذي يعتبر عدداً صغيراً جداً عملياً)، أما بالنسبة للخسائر البشرية فحدّث ولا حرج، فمفخخة واحدة تضرب أي تجمع للجنود الروس (الذين لا يمتلكون خبرة في التعامل مع المفخخات بشكل حقيقي) كفيلة بالتسبب بعشرات الخسائر، ما يعني أن الروس قد يخسرون العشرات من العناصر يوميا، الأمر الذي يعني مشكلة كبيرة وحقيقية لا يستطيع بوتين ونظامه السيطرة عليها، وقد تتسبب بالإطاحة به في حال استمرت (هذا أحد دوافع إرسال العناصر الشيشانيين إلى سوريا في اجترار للتجربة الافغانية التي استخدم فيها الروس نسبة معتبرة من العناصر من غير العرقية "السلافية" وبخاصة جمهوريات أواسط أسيا).
بالنسبة لما يشاع من خلاف بين النظام والايرانيين من جهة والروس من جهة أخرى، حول الوضع الحالي المتمثل بالاتفاقيات وعمليات خفض التصعيد، التي تنفذها روسيا دون الرجوع للنظام، فهو خلاف على التكتيكات وليس خلافاً على الهدف الحقيقي، ولن يتطور لمستوى الصدام، بل يمكن اعتباره ضمن أسلوب التعامل المعروف (شرطي جيد- شرطي سيء)، والذي يمثل الأسلوب الذي يستخدمه الروس حالياً لتلميع صفحتهم (يمثلون حاليا دور الشرطي الجيد الذي يحمي المدنيين من النظام)، والانتقال من مرحلة الطرف المقاتل إلى مرحلة الطرف الضامن والشريك في عملية السلام، والقول أن كل ما حدث يقع في عاتق النظام، وأن الروس هم طرف مسالم ليس له علاقة بكل الدماء التي سالت.
الطرفان (الروس والايرانيين) متفقون على الاستراتيجية النهائية في المنطقة، وهي تدمير أي قوة في الكتل السنية، لأنها تشكل بالنسبة لهم تهديداً مستقبلياً لا يمكن التحكم به، وهذه القوى تشمل جميع الفصائل والكتل العسكرية الموجودة، بداية بتنظيم الدولة، وصولاً إلى أكثر الفصائل اعتدالاً والتزاما بالقانون الدولي.
أما بالنسبة للتكتيكات المعتمدة، فالروس ولأسباب تكتيكية واستراتيجية يقسمون الأطراف العسكرية التي تقاتل النظام إلى مستويين، المستوى الأول وتوضع فيه هيئة تحرير الشام وتنظيم الدولة، وهو مستوى يرفضون التعامل معه ويمثل اولوية في التدمير، أما المستوى الثاني، يشمل الفصائل الأخرى بمختلف توجهاتها، سواء السلفية أو تلك التي لا تحمل أي خلفية دينية، والتي تقبل التفاوض مع الروس، حيث يسعى الروس لاستخدام هذه الفصائل بعدة طرق، أولها القول أنها معركتها في سوريا ليست معركة عقائدية أو استعمارية، بل هي حرب ضد "الارهاب" وهي تميز بين الفصائل المعتدلة والارهابية، ولا تمانع في انشاء علاقات مع الفصائل المعتدلة، التي تقبل كذلك بقتال الارهابيين في سوريا ودحرهم والدخول في عملية سياسية مع طرف "وطني" آخر يقاتل الارهابيين ويرغب كذلك بدحرهم وهو النظام، وتوحيد الجهود بينهما بهدف بناء دولة للجميع.
فروسيا ترغب بمنع حصول تكتل على أساس عقائدي ضدها في سوريا (مكون من السنة الذين يشكلون جميع فصائل المعارضة)، فهي ترغب بالاستفراد بالمناطق والكتل والتمييز بينها والتسبب بخلاف بينها، ففي حال اعتبرت جميع الفصائل طرفا واحدا معادياً وأعلنت الحرب عليها، فسوف تواجه مقاومة عنيفة وقد تتعرض لحرب منسقة من قبل جميع هذه المناطق التي تقاتلها روسيا في سوريا، الأمر الذي سيكون كفيلاً بهزيمتها فهي غير مؤهلة للقتال في أكثر من جبهة معا.
الأمر الذي سيطيل معركتها في سوريا لأجل غير مسمى، وسيجعلها تكرر السيناريو الافغاني، عندما اعتبرت الجميع أعداء، ما ساعد الفصائل الافغانية (السنية والشيعية عنها) بإيجاد قاعدة أساسية تسببت في النهاية في هزيمة الروس.
أما بالنسبة للشكل الآخر من الاستفادة التكتيكية، هو عملية استثمار هذه الفصائل أو قسم منها على الأقل في القتال ضد التنظيم و"هيئة تحرير الشام"، الأمر الذي يسمح لها بإضعاف الطرفين، واستهلاك الفصائل المتحالفة معها، فهي ستكون في المقدمة، وتعمل محل الميليشيات الايرانية حاليا التي ستكون في حالة راحة نسبية خلال المعركة.
ثم بعد الانتهاء من "سلة القضاء على الارهاب الأولى" سوف تفتح روسيا تلقائيا السلة الثانية، والتي تحتوي الفصائل "المعتدلة" التي قاتلت معها يوما، وتعمل هنا بسهولة على تصفيتها، فهي ستكون مكشوفة الاوراق تماما وتحت رحمة الروس، الأمر الذي يعني إفراغ الوضع للإيرانيين تماما، وتركيز القوة بأيديهم، لحكم سوريا لفترة طويلة.
في حين يرغب الإيرانيون والنظام في القضاء على الجميع دفعة واحدة، فهم بحاجة لهذا لإتمام عملية التغيير الديموغرافي، وضمان عدم تكرار الثورة مرة ثانية.
أم بالنسبة للسبب الحقيقي الذي يدفع الايرانيين والنظام للتخوف من التكتيكات الروسية في سوريا، هو ادراك الايرانيين والنظام أن الروس واقعيون أكثر منهم، وهم أقل تحمسا لعمليات التطهير الديموغرافي في سوريا، وكل ما يهمهم هو ضمان أمن قواتهم ومكاسبهم الاستراتيجية والمالية، ما قد يجعلهم يسعون لإقناع السوريين أنهم معهم ويرغبون بنصرتهم وذلك عبر استبدال رأس النظام بعنصر موالي لروسيا ويحقق الشروط الشكلية لرئيس سوري يرضي الاكثرية المضطهدة، ما يسمح بتخفيف الاحتقان ضدها ويعطيه بعضا من القبول الشعبي.
ما يعني احتمالية تكرار السيناريو الشيشاني في سوريا، حيث وضعت روسيا في الشيشان ابن أحد أهم قادة النضال الشيشاني ضدها في منصب رئيس الدولة، بعد أن ضمنت ولائه، وأعطته صلاحيات مطلقة، وجعلته مجرد حاكم صوري للشيشان، ما يعني احتمالية تكرار السيناريو الشيشاني في سوريا أو في قسم منها على الاقل، الامر الذي يخيف الايرانيين والنظام، انهم قد يفقدون منصب رئيس الدولة، الأمر الذي يعني لهم خسارة كبيرة على المدى البعيد، يرغبون بالتخلص منها عبر تدمير أي قوة معارضة لهم في المنطقة.

مقالات ذات صلة

خالفت الرواية الرسمية.. صفحات موالية تنعى أكثر من 100 قتيل بالغارات الإسرائيلية على تدمر

ميليشيا إيرانية تختطف نازحين من شمالي حلب

حمص.. عشرات القتلى والجرحى بغارات إسرائيلية على مواقع ميليشيات إيران في تدمر

الشيخ حكمت الهجري يحذر من اي تعاون لابناء السويداء مع ميليشيات إيران

بسبب نقص التمويل.. توترات في ميليشيا إيرانية في الميادين بدير الزور

غارات إسرائيلية جديدة على المزة بدمشق