بلدي نيوز – (ميرفت محمد)
بعد توقيع مذكرة "تخفيف التوتر" في أربع مناطق بسوريا، في مفاوضات أستانا (4) يوم الرابع من أيار الجاري، أثيرت تخوفات سورية من زج هذه المناطق في الصراع الإقليمي والطائفي، ومن ثم دفعها في إطار تقسيم سوريا.
وقد أدرك السوريين أن مناطق "تخفيف التوتر" ليست الوحيدة التي يُهدف من خلالها إلى تقسيم سوريا، فمخطط إنشاء المناطق الآمنة، الذي تم التوقيع عليه في أستانا أيضًا، يسعى لتقسيم سوريا على أساس طائفي، وفي الأيام القليلة الماضية وفي إطار خطواته لتعزيز سيطرته على المزيد من الأراضي بتسهيل من الاتفاقيات الدولية، أقدم النظام السوري تحت إشراف خبراء روس وميليشيات إيرانية على إنشاء خط ترابي عازل بين المناطق المحررة بسهل الغاب وأخرى احتلتها في السنوات الماضية، وهو ما يثير التساؤل: هل بدأت مخطط تقسيم سوريا فعليًا؟
خطوات فعلية نحو التقسيم
يتحرك النظام السوري نحو تقسيم سوريا، فذاك المخطط الذي بدأ عند النظام منذ السنة الأولى للثورة، هو مخطط تتلاحق خطواته الفعلية، إذ يصر النظام على التعامل مع المناطق السورية على أنها مناطق موالية له ومناطق معارضة له، وهو يتعاطى بهذه العقلية من قبل بدء عمليات التحرير المدن من قبل الجيش السوري الحر.
القيادي في جيش النصر (عبد المعين المصري)، أكد في حديث سابق لبلدي نيوز أن قوات النظام المتمركزة في قرى "الكريم وقبر فضة" في سهل الغاب، تعمل منذ عدة أيام على رفع سواتر ترابية بارتفاعات عالية مستخدمة آليات ومجنزرات مختلفة، وقال (المصري) "أن النظام يستخدم آليات ثقيلة برفع السواتر التي يصل ارتفاعها إلى أكثر من 6 أمتار وعلى طول أكثر من 20كم".
وتشير معلومات -بحسب مصادر خاصة لبلدي نيوز- أن مناطق قبر فضة، الكريم، الحاكورة، تمانعة الغاب، وقعت ضمن مخطط النظام لضم تلك القرى إلى مناطق نفوذه، كما باشرت قوات النظام بنصب أسلاك شائكة في عدد من مناطق ريف حماة الشمالي، تلك المناطق التي تتعرض لقصف مدفعي وصاروخي مستمر.
مزيد من التكريس لحالة التقسيم
يرى الصحفي السوري (فراس ديبة) أن إقدام النظام على وضع سواتر ترابية ومد أسلاك شائكة أمر متوقع، فالنظام يريد أن يستفيد من حالة الهدنة لتعزيز وحماية مناطقه بشكل أفضل وهو يستثمر هذا الوقت وحالة الهدوء على الجبهات لتحقيق مشروع (سوريا المفيدة) التي يريدها.
ويؤكد (ديبة) خلال حديثه لـ"بلدي نيوز" أن النظام السوري استمر يكرس عقلية التقسيم أكثر فأكثر من خلال قصفه لمناطق خارجة عن سيطرته ومناطق أخرى خرجت عن سيطرته لأسباب طائفية لم يقم بقصفها مطلقًا، متابعًا "الآن ما يحصل هو مزيد من التكريس لحالة التقسيم والاستئثار بالمناطق التي لديه سيطرة عليها، حيث يسعى لتعزيز خطوط التماس وجعلها خطوط هادئة خلال اتفاقية الهدنة أو المصالحة أو مخرجات الأستانة".
وفي حين يوجد مناطق شاسعة في شرق الفرات تسيطر عليها قوات (قسد) بإدارة ذاتية وحكم ذاتي، و مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة بمختلف مسمياتها وهي مناطق لها إدارات محلية غير مرتبطة بالدولة السورية بشكل فعلي، يعتقد (ديبة) أن كل هذه الأوضاع بالتأكيد ستؤدي فعليًا لتقسيم سوريا، مستدركًا "التقسيم الأسوأ هو التقسيم داخل نفوس السوريين، هذا التقسيم الذي سيجعل من عيش المشترك لاحقًا أمرا شديد الصعوبة، وفي حال حصول تقسيم بالمفهوم الفيدرالي السياسي أو عدم حصوله وبقاء سوريا دولة مركزية بالكامل، فإن التقسيم داخل نفوس السوريين سيجعل الحواجز النفسية أصعب بكثير من الحواجز والأسلاك الشائكة التي يمدها النظام".
التقسيم يصبح (حُلم) للسوريين
يأسف السياسي السوري ورئيس هيئة الإنقاذ السورية (أسامة الملوحي) على أن همجية المعركة على الأرض السورية والمسارات التي حصلت خلال الثورة راكمت درجة القبول بالتقسيم عند شريحة من السوريين، ويقول "هذا قد يزداد ويتكرس حتى يصبح التقسيم حُلم السوريين، فمن لا يريد العودة إلى أحضان النظام المجرم ليس أمامه إلا أن يبقي في منطقة بعيدة معزولة عن هذا النظام وهذا بحد ذاته في النهاية تقسيم، فأغلب الناس الذي عرفوا هذا النظام يفضلون العيش في دويلة بعيدة عن هذا النظام على العيش في سوريا موحدة تحت قيادة هذا النظام".
ويوضح (الملوحي) خلال حديث لـ"بلدي نيوز" أن ما يرسم خرائط التقسيم في سوريا هو نفوذ الجهة التي تمتد على الأرض بدعم من دولة معنية، مضيفًا "التقسيم وراد بالطبع، وهو في بال الدول العابثة في الملف السوري، ولكن هذا التقسيم لن تتحدد خطوطه بشكل دائم الآن، لأنه يتمدد على حساب المناطق التي تسيطر عليها داعش، يتمدد على حساب الكانتون الضخم الذي يكبر بيد قوات (قسد) تحت قيادة وإشراف وتسليح أمريكي، هذا الكانتون لم يعرف مداه إلى الآن".
ويشير (الملوحي) إلى أن هناك أمور أخرى في الأفق تبوح تسريبات حولها، منها أنه ستكون هناك منطقة عازلة (آمنة) قريبة من المناطق الحدود مع فلسطين، أيضًا متوقع أن تتبلور منطقة درع الفرات بشكل أو بأخر كمنطقة صغيرة يتجمع فيها الثوار تحت إشراف تركي.