بلدي نيوز – (منى علي)
اضحت قوات النظام على مشارف مدينة دير حافر الاستراتيجية في ريف حلب الشرقي، بعد انسحاب تنظيم "الدولة" من االقرى حولها، كما سبق وسلم التنظيم 30 قرية تابعة لها لقوات النظام، لينحسر التنظيم إلى مدينة مسكنة، آخر معاقله في ريف حلب الشرقي، ولتصبح قوات النظام والميليشيات التابعة لها على تخوم محافظة الرقة، يأتي هذا بالتزامن مع حشد كردي كبير لشن هجمات على مدنية الطبقة بمساعدة أمريكية مباشرة، ليس بالسلاح والعتاد فقط وإنما بالجنود والمدربين أيضا.
وليكتمل المشهد الذي ينذر بسلخ شرق سوريا عن البلد الأم، فقد منعت الولايات المتحدة وروسيا قوات "درع الفرات" المكونة من فصائل الجيش الحر والمدعومة تركياً من دخول مدينة منبج شمال حلب، وأوقفت تمدد قوات الجيش الحر شمالي وشرقي حلب، لتترك له منطقة محدودة مفصولة تماماً عن شرق سوريا (الرقة والجزيرة)، ومع التنديد التركي المستمر بسياسة حليفتيها (أمريكا وروسيا) المتعاونتين مع عدوها وعدو الثورة السورية، قوات سوريا الديمقراطية الكردية الانفصالية، إلا أن الدعم الأمريكي الروسي يزيد بوتيرة متسارعة لـ"قسد" غير آبه بالحليف التركي، ما يجعل مصير المنطقة التي تمثل نصف مساحة سوريا، مجهولاً ويعيد إلى الأذهان فرضية إنشاء حكم ذاتي كردي ولكن يفوق التوقعات بكثير إذا ما شمل الرقة والبادية إضافة للشريط الشمالي من القامشلي إلى الفرات عند الحدود السورية التركية.
فلماذا تم تجميد عملية "درع الفرات" وكفُّ يد تركيا والجيش الحر نهائيا عن شرق سوريا والجزيرة، وما هو مصير المنطقة التي يتحكم بها عناصر وقوات غير سورية أو حليفة للثورة السورية؟
الصحفي والكاتب السياسي السوري "غازي دحمان" يرى أن "القضية لها علاقة بتقاسم نفوذ روسي- أميركي في المنطقة الشرقية، حيث تعمل أميركا على تأسيس بنية عسكرية وبيئة ملائمة لوجودها في تلك المنطقة، وتتأسس تلك البيئة من الأكراد الذين تعتبرهم أميركا الحليف الأساس، ويبدو أن أميركا حسمت أمرها في استبعاد أو تهميش المكون العربي لعدم ثقتها بالعرب والسنة، وخاصة وأن هذا المكون غير متماسك ومنقسم بشدة بين أكثر من جهة، وتعتقد أميركا أن الوقت حاسم ولا يحتمل فحص مدى قدرة المكون العربي وجديته في محاربة داعش في ظل انخراط عشائر عربية مع داعش وتعاطفها معها في وجه الأكراد والشيعة".
أما بالنسبة لروسيا فيقول الكاتب السياسي "دحمان" لبلدي نيوز إنها "استطاعت فتح قنوات تواصل وبناء تفاهمات مع الأكراد الذين ليست لديهم مشكلة في التعايش والتجاور مع نظام الأسد، وترى روسيا في الأكراد أيضا حليفا موثوقاً أكثر من العرب السنة في المنطقة، وقد توافقت المصالح الروسية والأمريكية في استبعاد تركيا نظراً لكون أنقرة تفضل الطرف العربي في المعادلة ونظراً لعدائها الشديد للأكراد، وبكل الأحوال فإن المواقف الأمريكية والروسية تكشف بدرجة كبيرة مدى ضعف العرب وطبيعة تقديرات موسكو وأنقرة لاستجابة الأطراف العربية لهذا التهميش بحق عرب الجزيرة، كما أن هذا الإجراء هو مؤشر على طبيعة المخرجات التي يتوقع أن يؤول إليها الصراع في المنطقة وحقيقة أن إعادة صياغة سورية على أسس جديدة سيكون أبرز هذه المخرجات".
وأوضح "دحمان" أن تنظيم "الدولة" (داعش) تتواطأ في هذا المجال لتقدير قادتها أن هزيمتها أمام العرب السنة سيعني انعدام فرصة عودتها بشكل أو مظهر آخر في حال تم تفكيك هياكلها الحالية، في حين أن إمكانية عملها ستكون ممكنة في حال سيطرة الأمريكان أو الروس أو نظام الأسد، هذا في حال نظرنا للأمور بعيدا عن التآمر والتخادم بين (داعش) ونظام الأسد".