بعد الانكماش.. هل تبدأ موجة توسّع جديدة لتنظيم "الدولة"؟ - It's Over 9000!

بعد الانكماش.. هل تبدأ موجة توسّع جديدة لتنظيم "الدولة"؟

بلدي نيوز - (خاص)
يناقش الجميع مؤتمر أستانا ومخرجاته، التي لم يُعرف عنها سوى البيان الختامي، والذي -في أفضل حالاته- لا يسمن ولا يغني من جوع، ثم قصة الدستور الذي يركز كل المتحدثين عنه على أنه ألغى عروبة سوريا، وحذف شرط أن يكون الرئيس مسلماً، دون الغوص كثيراً في تفاصيل التقسيم الطائفي للمناصب السياسية، لكن كل ذلك غطى عليه أخبار اقتتال الفصائل، وإعادة هيكلتها الجديدة، بناء على اصطدامها مع "جبهة فتح الشام"، الأمر الذي خلط الحابل بالنابل في الشمال السوري، ومنع متابعة الكثير من الأحداث في مناطق عدة، كبردى والقلمون ودرعا، وغيرها.
المميز في الوضع في سوريا حالياً، هو حالة الاتفاق غير المعلن المتعدد الأطراف على قتال تنظيم "الدولة"، فهو القوة الوحيدة التي يوجد توافق بين الجميع على أنها قوة "معادية"، وأنه لا يوجد أي حل للتعاطي معها سوى الاستئصال الكامل عسكريا.
فمن التحالف بطائراته، إلى الروس والايرانيين والنظام، وصولاً إلى الميليشيات المشكلة بدعم غربي مثل قسد وجيش سوريا الجديد وغيرها، وفصائل الجيش الحر المختلفة، وصولا للفصائل "الاسلامية المعتدلة"، وحتى "جبهة فتح الشام" المحسوبة على القاعدة –على الرغم من إعلان انفصالها- جميعها تقاتل التنظيم، ولها معه معارك مختلفة، ومواجهات متعددة، كان آخرها التنسيق بين الروس والنظام والتحالف على القصف، والغارات الروسية التركية المشتركة خلال معارك الباب.
إضافة لموضوع الاتفاق على قتال التنظيم بين جميع القوى الناشطة في المنطقة، نلاحظ نقطة مهمة، وهي قدرة التنظيم على التعاطي المرن مع العمليات العسكرية ضده، فيبدو أن هذه الضربات على الرغم من كثافتها وضخامتها، والتي وصلت لحد استخدام سبعة أنواع من القاذفات "الاستراتيجية" ضده، عدا عن الأنواع المختلفة من الأسلحة والذخائر، التي يعتبر بعضها استراتيجيا، ومخصصاً للصراعات الضخمة ضد جيوش نظامية، لكنها ماتزال عاجزة عن وقف التنظيم، حيث يبدو أنه يتأقلم بسرعة مع القصف، ويطور أساليبه باستمرار، حتى أنه تمكن في معركة الموصل من سحق أكبر فرقة عسكرية للجيش العراقي الحالي المعروفة بالفرقة "الذهبية"، إضافة لعمليات تطوير الاسلحة والذخائر المختلفة محلياً، ما يجعله أكثر التهديدات جدية في المنطقة لجميع القوى الموجودة في الساحة عسكرياً، فضلا عن أذرعه المختلفة في أوروبا والعالم.

حامي السنة
إضافة لقدرات التنظيم العسكرية، يلاحظ حالة من الاحباط وفقدان الثقة، لدى الحاضن الشعبي لفصائل الثوار المختلفة، وخصوصاً بعد سقوط حلب، التي يعتبر الكثيرون أن الفصائل فشلت في حمايتها، وبعد ذلك ذهبت معظم تلك الفصائل التي فشلت في الدفاع عن حلب، إلى مؤتمر أستانا الذي يراه الكثيرون مجرد مؤتمر لتعويم النظام، والتعاون مع الروس، الذين لم يحققوا لحد الآن أي وقف لإطلاق النار، وما تزال طائراتهم ترتكب المجازر بحق المدنيين.
يقابلها في الطرف الآخر، انتصارات لتنظيم "الدولة" في تدمر ودير الزور، التي يبدو مطارها العسكري هدف التنظيم القادم، والذي اشتركت أمريكا وروسيا في قصف التنظيم لتأخير سقوطه، ومع ذلك باتت سيطرته عليه خلال الفترة القادمة شبه محسومة.
فبينما تدعم الدول الغربية والأمم المتحدة الديكتاتوريات في المنطقة، تتجاهل عمليات التطهير العرقي والطائفي، وتشن العمليات العسكرية ضد المدن السنية، تنفذ فيها الغارات والقصف الذي يذهب ضحيته المدنيون بشكل أساسي، إضافة للأعمال الاجرامية التي تنفذها الميليشيات الطائفية الشيعية وغيرها، والتي وصلت مرحلة خلعت فيها تقيتها بشكل كامل، أصبحت مشاهد إعدامات المدنيين الممزوجة بطقوس القتل الطائفي الوحشية أمراً معتاداً وشبه يومي، ما رفع من حال الاحتقان والغضب لدى السنة ضد جميع القوى التي أوغلت في دمائهم أو سكتت على ظلمهم.
إعادة هيكلة الفصائل
تمر الفصائل في سوريا وبالأخص في الشمال، بعملية إعادة هيكلة قسرية، مسببها الأساسي مؤتمر أستانا وجملة الاتهامات المتبادلة بين الفصائل على خلفية الاشتراك فيه والمخرجات النهائية للمؤتمر، والتي يدرك الجميع أنها ستكون مقدمة لفرز هذه الفصائل وضربها ببعض، بدون أن يكون هناك فائدة حقيقية للثوار أو حتى للمدنيين.
يلاحظ خلال هذه العملية تفكك بعض الفصائل، ورفض العناصر القتال ضد الثوار من فصائل أخرى أو ضد فتح الشام، وتركهم لفصائلهم، وحالة الرفض التي تستشري لما يحدث، وخصوصا مع التسريبات التي تتحدث أن مخرجات اتفاق أستانا، لا تعدو قتال التنظيم إلى جانب النظام.
كل هذه المعطيات، تؤدي لنتيجة واحدة، مفادها أن حالة الانكماش التي أصابت التنظيم انتهت أو على وشك الانتهاء، ويبدو أن هنالك موجة جديدة من التوسع الميداني والعقائدي سيعيشها التنظيم، مدعوما بنتائج التآمر الدولي ضد المنطقة.

فهذا البروز أو التوسع الذي يشهده التنظيم، سببه الوضع المزري الذي وصل له المدنيون بسبب الظلم المستشري ضدهم، والذي يجعل من طروحات التنظيم أكثر قبولا في أوساطهم، خصوصاً أنه يسوق لنفسه كقشة النجاة الأخيرة للسنة بعد أن تخلى عنهم الجميع.
إذا جملة عمليات التنظيم، والقدرات العسكرية التي يظهرها، ونموذج "الدولة المؤسساتية" الذي يطرحه، واعتبار نفسه أنه المحارب باسم السنة وحاميهم، والذين يتعرضون للاضطهاد والقتل والتهجير في سوريا والعراق، إضافة لماكينته الدعائية، المدعمة بفشل القوى السنية الأخرى في الحصول على مقعد بين اللاعبين الكبار في المنطقة، وتبعيتها في الكثير من الأحيان لقوى غير مهتمة بالسوريين، ولا بوضعهم الحياتي والمعيشي فضلاً عن مستقبلهم، تحول التنظيم لحالة خاصة في الوضع الراهن، تسمح له بالتمدد وتوسيع قاعدة المتعاطفين معه والمؤيدين له، ولطروحاته التي يمثل السنة جوهرها، كما تؤمن له المزيد من المتعاطفين والمؤيدين والمتطوعين من مناطق ودول أخرى.
ما يعني أننا مقبلون فعلياً على موجة جديدة من توسع التنظيم، ستكون مختلفة تماماً عن ما سبقها، ولن تكون القوى المحلية من ميليشيات شيعية أو إثنية قادرة على احتوائها، ما سيدفع الدول الكبرى للدخول بثقل أكبر في المنطقة والتورط بريا، الأمر الذي يشير لتعقد الصراع ووصوله إلى مراحل غير مسبوقة من التدخل الدولي والعمليات العسكرية، وسيضع ذلك المنطقة في حلقة مفرغة من العنف، والتي لن تتوقف إلا بخروج الدول الكبرى من المنطقة، وتركها لشعوبها لتقرر مصيرها بحسب مصالحها ورغبات السكان فيها.

مقالات ذات صلة

وزير الخارجية الإيراني يستجدي تركيا للعودة لمسار أستانا

تصريح تركي بشأن عملية "ردع العدوان"

أبرز ما جاء في أستانا 22 بين المعارضة والنظام والدول الضامنة

بدء اجتماعات مؤتمر أستانا 22 في كازاخستان

محتجون يعيدون إغلاق معبر أبو الزندين شرق حلب

الخارجية الروسية تكشف عن تحضيرات لعقد جولة جديدة من أستانا في كازاخستان

//