نيويورك تايمز – (ترجمة بلدي نيوز)
تحت ظروف مختلفة، كانت السيطرة على حلب بالنسبة لبشار الأسد لتكسبه هالة المنتصر الذي لا يقهر، فقد نجا لما يقرب من ست سنوات من الثورة ضده، ولكنه بدلاً من ذلك أكد اعتماده على القوى الخارجية.
فقد رجحت تركيا وإيران وروسيا كفة الأحداث الأخيرة لصالحه – وهؤلاء اللاعبون الثلاثة - وربما إدارة ترامب القادمة–هم المخولون لتحديد نهاية اللعبة في سوريا.
الدول الثلاث التي اجتمعت في موسكو الأسبوع الماضي لإجراء محادثات حول سوريا لم تشمل محادثاتهم أي طرف سوري، في إشارة واضحة إلى أنهم يفضلون متابعة الصفقة الكبرى بين القوى العظمى وليس كتسوية داخلية بين الحكومة والمعارضة!
وتحسن العلاقات بين روسيا وتركيا، الذين يؤيدون طرفي النزاع في الحرب السورية، قد يثبت نجاحه في إنهاء اللعبة السياسية، ويحتمل أن يساعد على إنهاء الصراع الذي أربك كبار الدبلوماسيين في العالم لأكثر من خمس سنوات.
كما أن جهودهم المشتركة المبذولة في سورية – ومنها الحديث عن وقف إطلاق نار على مستوى البلاد- يعكس رغبتهم في إقامة مناطق النفوذ، فتركيا قد تتخلى عن دعمها للثوار الذين يقاتلون الأسد في مقابل حرية الحركة في المنطقة الحدودية حيث تقاتل قواتها جماعة تنظيم "الدولة" وتحاول كبح تقدم القوات الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة.
المحلل السوري في معهد التحرير ومقرها واشنطن، حسن حسن وصف قمة موسكو الأخيرة بـ "خير مثال عن كيفية حل أزمة سوريا الآن بصفقة كبرى حيث تتفاوض الدول الأخرى نيابة عن السوريين."
فجيش الأسد كان قادراً على كسب معركة حلب فقط بدعم من روسيا ومساعدة الآلاف من رجال الميليشيات المدعومة من إيران من مختلف أنحاء المنطقة، كما عقدت تركيا اتفاقاً مع روسيا لتدبر أمور الثوار واستسلامهم عندما كانوا على وشك الهزيمة الكاملة.
فتركيا ترى الفصيل الكردي السوري امتداداً للتمرد الكردي المستعر في جنوب غرب البلاد، كما أنها باتت تخشى من نمو تنظيم "الدولة" عقب سلسلة من الهجمات الإرهابية الأخيرة في البلاد.
ومع أكثر من 5000 جندي داخل سوريا ومقعد على طاولة المفاوضات، يبدو أن تركيا مستعدة لإقامة "منطقة نفوذ" في شمال سوريا، وفقاً لفيصل عيتاني، المحلل في المجلس الأطلسي في واشنطن.
ومن المرجح أن تضغط على القضية عندما تجتمع مع روسيا وإيران في كازاخستان الشهر المقبل، كما أن حكومة الأسد وبعض جماعات المعارضة التصالحية سيكونون هناك، ولكن من غير الواضح ما إذا كان سيتم دعوة المعارضة المسلحة الرئيسية في سوريا.
من جهتها، تعهدت الأمم المتحدة على إعادة إطلاق مفاوضات جنيف الطويلة بين الحكومة السورية والمعارضة في 8 فبراير، رغم فشل هذه العملية مراراً وتكراراً دون تحقيق أي نتائج ملموسة.
ورغم تعزيز القوى الخارجية لدعمها لحكومة الأسد، إلا أن أجزاء كبيرة من البلاد ما تزال خارج سيطرتها، كما أصبحت العديد من المناطق مجرد ركام، ومن المتوقع أن تكلف جهود إعادة البناء في حلب وحدها إلى عشرات المليارات من الدولارات، وليس من المرجح لحكومة الأسد الحصول على الكثير من المساعدات الغربية.
يقول بسام بربندي، المستشار السياسي لهيئة المعارضة السورية: "إن أوروبا لديها المال لإعادة الإعمار ولكن روسيا وإيران يفتقران لذلك، و(الدول الغربية) قد أوضحوا أنهم لن يضفوا الشرعية على النظام السوري".
كما أن أي جهود للتوصل إلى صفقة كبرى يحتاج أيضاً إلى الإدارة الأمريكية الجديدة التي لمحت إلى تغيير كبير في السياسة في الوقت الذي لم توفر فيه الكثير من التفاصيل.
فالرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قال إنه يريد توثيق التعاون مع روسيا من أجل مكافحة تنظيم "الدولة"، كما أشار إلى سحب الدعم الأمريكي للمعارضة المسلحة، حيث قال الشهر الماضي: "ليس لدينا فكرة من هم هؤلاء الناس". ومن ناحية أخرى، يحمل ترامب العداء تجاه إيران وربما يسعى للحد من نفوذها في سوريا.
وفي كلتا الحالتين، على الرغم من فوز نظام الأسد في حلب، فإن مصير سوريا من غير المرجح أن يحدد في دمشق.