بلدي نيوز- حلب (أحمد الأحمد)
على الرغم مما تمتلكه أرض سوريا من ثروات باطنية متنوعة وتتميز بها عن غيرها من الدول، إلا أن المدنيين يعانون اليوم أشد المعاناة في توفير الوقود والطاقة.
ومنذ أكثر من نصف قرن كان السوريون يتأقلمون في التعايش مع سبل الحياة الضيقة فلم تتوفر الكهرباء للجميع في ذلك الزمن، واقتصروا على ما يسمونه شعبيا ( الببور) من أجل طهي الطعام وتحضيره ومن أجل تسخين الماء.
وعلى الرغم من الثروات النفطية إلا أن الحصول على الوقود أصبح مقتصرا على الطبقة الغنية من الشعب، بعدما ارتفعت أسعاره إلى حوالي أربعة أضعاف مؤخرا، بسبب سيطرة تنظيم "الدولة" عليها وبيعها لدول الجوار، إضافة إلى عدم وجود مصافي النفط الحديثة والصحية.
كما يعد هذا الغلاء والنقص الشديد، إلى المواجهات العسكرية المستمرة خلال سنتين من الآن قرب الحقول النفطية.
ضمن هذه الظروف أصبح من الصعب على المواطنين السوريين توفير مادة الوقود وتأمين التدفئة خلال فصل الشتاء، لاسيما بعد ارتفاع سعر برميل المازوت في سوريا إلى أكثر من 68 ألف ليرة سورية للبرميل الواحد، حيث فرضت التحديات السابقة كلها على المواطن إيجاد حلول بديلة للحصول على قليل من الدفء في فصل الشتاء.
ومن آثار هذا الغلاء انتشار ظاهرة قطع الأشجار في المدن السورية المختلفة ولا سيما بالأرياف.
في المقابل، بدأت بعض العائلات تلجأ إلى الطرق القديمة من أجل طهي الطعام وتسخين المياه ولا سيما بعد ارتفاع سعر أسطوانة الغاز إلى أكثر من 7 آلاف ليرة سور ية هذا وإن توفرت.
واضطر معظم الأهالي إلى استخدام "البابور" الذي يعمل على مادة الكاز، حيث إنهم عادوا إلى المطابخ القديمة لاستخراج "البابور" الذي احتفظوا به منذ سنوات طويلة فيما اشترت عائلات أخرى "بوابير" جديدة.
ولذلك عادت مهنة كانت على وشك أن تنقرض في المدن السورية ، فانتشرت معظم محلات تصنيع "البوابير" التي يصل متوسط سعرها إلى ثلاثة آلاف ليرة سورية تقريبا للبابور الواحد.
"أبو خالد"، وهو يمتلك أحد المحال بريف حلب الغربي، لصيانة وبيع "البوابير"، قال لبلدي نيوز: "لقد عادت هذه المهنة للساحة بعد انقطاع مادة الغاز وغلاء سعرها وغلاء جميع أنواع الوقود بشكل جنوني على الرغم من أنني لم أفكر يوما بالعودة إلى استخدام البوابير، الذي اعتقدت أنها اندثرت منذ اختفاء صوت جدي وجدتي".
ويضيف أبو خالد: "معظم الأهالي عادوا إلى استخدام البوابير في طهي الطعام وتسخين الماء مما ساعد على انتشارها واستخدام مصافي النفط البدائية لمادة الغاز بوصفها بديلا مناسبا للغاز النظامي".
لكن بعض الأهالي قالوا إن هذه "البوابير" تعمل على مادة المازوت التي أصبحت متوفرة مقارنة مع بعض أنواع الوقود الأخرى.
وبسبب الاستخدام المتزايد للبوابير أصبح الناس يشترون المازوت ويخلطونه بالملح من أجل تشغيل "البابور"، وتعد هذه الطريقة أقل تكلفة من المازوت، حيث أن سعر ليتر الكاز يتراوح بين الـ 350 – و400 ليرة سورية، ويكفى لطهي وجبة غذائية حوالي لترين من الكاز.
"أبو يوسف سليمان"، أحد العاملين في هذه المهنة قال إن هناك نوعا من "البوابير" مصنوع من النحاس وهذا سعره مرتفع مقارنة بـ المصنوع من الحديد.
مخاطر "البوابير"
من جهة أخرى، نبه الطبيب حسن عبيد إلى مخاطر استخدام "البوابير" حيث إنها "تسبب أمراضا بسبب نشرها غازات ناتجة عن الكاز، وأغلب هذه الأمراض تنفسية، ناهيك عن بعض التشوهات التي لحقت ببعض الناس نتيجة انفجار البوابير عليهم".
ويضيف الطبيب عبيد: "بالمقابل لا توجد بدائل صحية لكي يلجأ الناس إليها، فالكهرباء مفقودة قبل الغاز الذي أصبح نادرا وغالي السعر في الأسواق".
الجدير بالذكر أن معظم الأهالي اعتادوا على استخدام "البوابير" التي أصبحت السبيل الوحيد لديهم من أجل طهي الطعام، في حين أن بعض العائلات لا تتوفر لديهم "البوابير"، ما يدفعهم إلى تجميع الحطب بشكل يومي واستخدامه كبديل عن الكاز و"البوابير".