تعيش العاصمة السورية دمشق حالة من التدهور الاقتصادي المفاجئ، حيث سجلت الليرة السورية تراجعاً حاداً، إذ قفز سعر الصرف إلى 17,500 ليرة مقابل الدولار بعد أن كان 14,750 ليرة فقط قبل أيام. هذا التراجع السريع في قيمة العملة المحلية تسبب في حالة من التخبط داخل الأوساط التجارية، وأدى إلى اتخاذ التجار في دمشق قرارات صعبة لتجنب الخسائر، مثل تسعير بضائعهم على أساس 20,000 ليرة لكل دولار. هذا التحرك تسبب في زيادة هائلة في الأسعار وأثر بشكل مباشر على حياة المواطنين.
الركود في الأسواق: شهدت الأسواق إغلاق العديد من المحلات أبوابها، حيث أقدم البعض على إخفاء البضائع أو عرض كميات محدودة منها خوفاً من بيعها بخسارة وعدم القدرة على شراء المزيد بسبب تآكل رأس المال. على سبيل المثال، أصبح السكر من السلع النادرة في الأسواق بعد أن بدأ المواطنون والتجار في تخزينه، ووصل سعر الكيلو إلى 18,000 ليرة في بعض المناطق.
خسائر التجار وأزمة الإيجارات: أفاد أصحاب المحلات بأنهم تعرضوا لخسائر كبيرة بسبب ارتفاع سعر الصرف، حيث تأثرت التكاليف بشكل مباشر، لا سيما الإيجارات التي تم تحديدها بالدولار. أحد أصحاب محلات الألبسة في منطقة الجسر الأبيض أشار إلى أن إيجار محله، الذي كان يعادل 59 مليون ليرة سنوياً، أصبح الآن 70 مليون ليرة، وقد يرتفع أكثر في الأيام القادمة، ما زاد من معاناتهم الاقتصادية. وقد أكد معظم التجار أنهم لم يتمكنوا من تعويض خسائرهم، بل زاد الوضع سوءًا بعد رفع الأسعار، حيث تراجعت المبيعات بشكل ملحوظ.
توقف سوق الذهب: أما في سوق الصاغة بدمشق، فقد توقفت بعض المحلات عن بيع الذهب رغم عرضها للقطع في واجهاتها، في حين أخفت المحلات الأخرى مخزونها بسبب الأسعار غير المنطقية التي حددتها جمعية الصاغة. رغم أن سعر غرام الذهب عيار 21 كان قد تم تحديده عند 1,140,000 ليرة، إلا أن معظم الصاغة امتنعوا عن البيع وأصروا على تحديد أسعار أعلى، مما أدى إلى حالة من الفوضى في السوق.
التوجه نحو الاستثمارات الآمنة: في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة، نصح العديد من سكان دمشق بعدم التبضع إلا للضروريات، خوفاً من الانهيارات الاقتصادية المتزايدة. كما أثر هذا التوجه على سوق السيارات والعقارات، حيث أصبح التجار والمتعاملون في هذه الأسواق متخوفين من استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والأمني، مما دفع الناس إلى البحث عن استثمارات أكثر أمانًا.
القلق من المزيد من التدهور: تشير هذه التطورات إلى حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي التي قد تستمر لفترة طويلة، حيث أن أي تصعيد عسكري أو تطورات أمنية قد تؤدي إلى مزيد من الركود وتدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل أكبر.