بلدي نيوز – (نور مارتيني)
ما يزال المدنيون في محافظتي حلب وإدلب ينتظرون ما ستتمخض عنه مداولات قادة الفصائل العسكرية المتواجدة على الأرض، بعد يومين من انتهاء اجتماع كيري ولافروف، والذي لم يسفر إلا عن المزيد من الدموية تجاه المدنيين في المحافظتين سالفتي الذكر.
فبعد ساعات من انتهاء الاجتماع، استهدف الطيران الروسي بغارة جوية، شنها على سوق الملابس الشعبي، الواقع في وسط المدينة التجاري، وقبل عيد الأضحى بيومين، بعد أن ترك الناس تتجمّع في المدينة، خلال الأسبوعين الماضيين، إثر إتمام اتفاق داريا، واستقبال نازحيها ومقاتليها قبل ما يزيد على الأسبوع، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فقد تجنّب طيران النظام والطيران الروسي استهداف مركز المدينة خلال الأيام القليلة الماضية، ناهيك عن الأعداد الكبيرة من الناس التي استغلت إجازة العيد، وفتح المعابر التركية، لتقضي فترة العيد مع الأهل، خاصة مع طرح مسألة الهدنة.
غير أن التوضيحات الأمريكية، المرسلة من قبل "مايكل راتني" لفصائل المعارضة المسلحة، كفيلة بمنح المدنيين في المنطقة شعوراً بعدم الارتياح، حيث أوضح الأخير أن اتفاق الهدنة "يقوم على نقاط عدّة، في مقدمتها بدء الهدنة يوم الاثنين في تمام الساعة السابعة بتوقيت دمشق، في كافة أنحاء البلاد لمدة 48 ساعة يمكن تمديدها إلى 7 أيام، ومن ثم ستجري كل من موسكو والولايات المتحدة مباحثات بشأن تعاون ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)"، مشدداً على أنّ "الهدنة تكفل حق الدفاع".
وأوضح "راتني" أن "هذا الاتفاق لا يسري على تنظيم داعش والقاعدة في سورية، في حال استمر سريانه"، "ويفضّل عدم التعامل مع جبهة فتح الشام لأنه يحمل عواقب وخيمة"، مشيراً إلى أنّ "أي انتهاكات للهدنة سيتم التعامل معها وفقاً لاتفاق الهدنة الأصلي وللبيان الصادر عن موسكو وواشنطن، في 12 سبتمبر/أيلول الجاري، ويجب الإبلاغ دائماً عن أي محاولة خرق".
ولم تمض ساعات على هذا التصريح، حتى قام الطيران الروسي باستهداف مدينة إدلب، في مجزرة مروّعة، خلفت وراءها 65 شهيداً، وعشرات المفقودين، معظمهم من المدنيين والأطفال، خاصة وأن التحذير الذي أطلقته، قد أكدّ على أن "فتح الشام" غير مشمولة في اتفاق الهدنة.
حول تفاصيل المجزرة المروّعة، يقول المهندس "فاروق شعار" أحد أبناء مدينة إدلب: "بعد مضي قرابة 30 ساعة على وقوع المجزرة، ما تزال فرق الإنقاذ تعمل حتى اللحظة على إزالة الأنقاض، واحتمال وجود أشخاص تحت الأنقاض كبير، فهنالك أشخاص مفقودون نشر ذووهم صورهم على صفحات التواصل"، ويوضح "شعار" أن فرق الإنقاذ والإسعاف المدني "حتى الآن لم تعثرعلى جثثهم."
ويؤكّد المهندس "فاروق شعار" أنّه "تم العثور على جثث لبعض النازحين،عرفت أسماء بعضهم، والمنطقة التي ينتمون اليها"، لافتاً إلى أنه علم من مصادر في أحد المشافي الميدانية أن "جثثا مشوهة موجودة ولم يتم التعرف عليها، يظن بأنها لأشخاص مهجرين، الأهم من ذلك أنه هنالك أكياس مليئة بالأشلاء، من خلال عرضها على من يطلب معرفة مصير شخص ما، والتفتيش عن علامة فارقة من لباس أو علامة على الجسم، يتم بعدها الفرز وتحديد الشخصية.."
في السياق ذاته، وحول ما إذا كان بين الضحايا أشخاص ممن تم تهجيرهم قسراً، يقول: "بصراحة لا أستطيع أن أجزم بوجود أشخاص من ريف دمشق المهجرين قسرياً، ولكنه احتمال قوي، فهناك بعض الأسماء لعائلات أصحاب بعض الجثث، ممن تم نشرها - حسب معلوماتي- لا تنتمي إلى المحافظة..".
من جهة أخرى، يقول أحد المسعفين في الهلال الأحمر السوري: "لقد عملت طواقم الإسعاف التابعة للهلال الأحمر السوري قصارى جهدها، على مدى اليومين السابقين، من أجل إنقاذ المدنيين"، ويؤكد المسعف، الذي تحفظ على ذكر اسمه: "على الرغم من العراقيل التي تواجه عملنا، من خلال مطالبتنا بفك الارتباط مع النظام السوري، من قبل الإدارة المدنية، إلا أن الواجب يقتضي منا أن نكون يداً واحدة". ويؤكّد المسعف أن الخلاف مع مجلس الشورى هو حول تبعيتهم للهلال الأحمر السوري، وقد طلب إليهم إلحاق كوادرهم بالهلال الأحمر القطري أو التركي، بدلاً من السوري.
حول موقفهم من هذا الموقف، أكّد المصدر أن "القائمين على فرع الهلال الأحمر في إدلب لم يرفضوا الفكرة، بل طالبوا الإدارة المدنية بتأمين داعم لهم، علماً أنهم بحاجة لـ /16/ مليون ليرة سورية على الأقل، غير أن أحداً لم يتمكن من تلبية مطلبهم حتى اللحظة". لافتاً إلى أن "الراتب الشهري لقدامى متطوعي الهلال الأحمر، لا يتجاوز 100 دولار أمريكي، وهو لا يكفي متطلبات المعيشة في المناطق المحرّرة على الإطلاق".
حتى اللحظة، لم يصدر أي رد من الفصائل العسكري حول رفض أو قبول الهدنة، باستثناء ما نشره "أبو العباس خضراء" القيادي في حركة "أحرار الشام" على تويتر، والذي قال فيه إن الحركة ما زالت تواصل دراسة الاتفاق الروسي- الأمريكي، مع بقية الفصائل، لإصدار موقف موحّد يضمن مصلحة شعبهم.