بلدي نيوز – (ياسر الأطرش)
أحدث التقدم الحاسم وغير المتوقع للمقاومة السورية بمعركة فك الحصار عن حلب، إرباكاً واضحاً في سياسات الولايات المتحدة وروسيا تجاه القضية السورية، جعلهما خلال يومين تتبادلا الاتهامات وتصعدا لهجتهما بشكل غير مسبوق ولا يتناسب مع المرحلة المزعومة التي يقال إنها تشهد تنسيقاً وتفاهماً بين الطرفين في المسألة السورية.
فقد اتهمت الناطقة باسم الخارجية الروسية، أول أمس، الولايات المتحدة بدعم مجموعات المعارضة التي "تقصف المدنيين بغازات سامة"، كما اتهمتها بقتل المئات من المدنيين جراء غارات طيرانها الحربي على مناطق شمال وشمال شرق سوريا ضمن "التحالف الدولي ضد الإرهاب".
فما كان من الرئيس الأمريكي إلا أن صرح وبشكل مقتضب أمس، أن القضاء على تنظيم "الدولة" يمر عبر القضاء على نظام الأسد الدكتاتوري. في استفزاز واضح للجانب الروسي.
وفيما يبدو عودة إلى المسار العملي، أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف نظيره الأمريكي جون كيري اليوم الجمعة، بضرورة تكثيف القتال ضد "الجماعات المتطرفة" في سوريا لاستخدامها غازات سامة ضد المدنيين.
وهي الذريعة التي تحاول روسيا البناء عليها لحشد الرأي العام ضد المقاومة السورية، وبالتالي التدخل بشكل أقوى ضد التقدم الفعال والحد منه قبل إتمام فك الحصار أو تحقيق تقدم ملموس في المناطق التي يسيطر عليها النظام بحلب.
الكاتب والمحلل غازي دحمان، حلل الموقفين الراهنين بالقول: "ترى واشنطن أن توقيت معركة حلب ليس في صالحها، وذلك بالنظر لانشغال الإدارة الأمريكية في الانتخابات الحالية، وما يحكى عن احتمالية وجود تفاهمات مع الروس ليس واضحا بما فيه الكفاية، أو على الأقل حدود تلك التفاهمات، والمؤكد أن واشنطن تفسر الزخم الروسي في الهجوم على حلب محاولة للحصول على تنازلات من واشنطن، أو على الأقل لهز ثقة الحلفاء بها".
وأضاف الكاتب دحمان في حديث خاص لبلدي نيوز: "في حين تفضل واشنطن في هذه المرحلة إدارة الستاتيكو في سورية إلى حين الانتهاء من انشغالاتها الانتخابية، فإن روسيا تدفع بقوة لتحديد المواقع والمواقف بما يساعدها على الدخول في العملية التفاوضية بميزان عسكري يحقق رؤيتها للتسوية في سورية".
وتعول روسيا على روايتها التي تسوقها للعالم، والتي تقول فيها إن دورها في سوريا عامة وفي معركة حلب خاصة هو دور إنساني، حيث إن المروحية التي أسقطت منذ أيام وقتل على متنها خمسة عسكريين روس، كانت تقدم إمدادات إنسانية لحلب!.. وتعتمد روسيا في عملياتها "الإنسانية" بسوريا على أسطول يتألف من عشرات الطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية، وتدير عملياتها من قاعدة "حميميم" الجوية في ريف اللاذقية!..
ميدانياً، أعلنت فصائل المقاومة السورية، بعد ظهر اليوم الجمعة، عن تحرير كلية المدفعية في الراموسة، ضمن المرحلة الثالثة من معركة فك الحصار عن الأحياء الشرقية بمدينة حلب.
وتعتبر كلية المدفعية الحصن المنيع وخزان الأسلحة الأكبر للنظام في حلب والمنطقة الشمالية، وبسقوطها تكون المعارضة قاب قوسين من فك الحصار، وربما التوجه للسيطرة على مناطق خاضعة لسيطرة النظام في حلب الغربية.