بلدي نيوز – (أيمن محمد)
لم يكن اعتماد تسمية "المقاومة السورية" عبثيا، بقدر ما جاء متأخرا، بعد أن اعتمد نظام الأسد على الميليشيات الطائفية العابرة للحدود والمرتزقة الأجانب لقتل السوريين وتهجيرهم، وتغيير ديموغرافية مدنهم من جهة، والتخلص من الفصائلية التي أمدت بعمر النظام على مدار السنوات الماضية.
فبعد سنوات من الثورة السورية على نظام الأسد، تحول الاقتصاد السوري إلى تابع للاقتصاد الإيراني، حيث أصبحت سوريا مكباً للبضائع الإيرانية السيئة جداً، إلى العتاد العسكري الرديء الذي بدأ بالتدفق على جيش النظام، وأصبح للإيرانيين موطئ قدم في معظم القواعد العسكرية الهامة في سوريا، والمسؤولة على الأسلحة الاستراتيجية، وبخاصة الصواريخ الباليستية، كما في معامل الدفاع في السفيرة بريف حلب والقطيفة واللواء 155 بريف دمشق.
وتحول هذا الشكل من التغلغل الاقتصادي والعسكري الخفي إلى تدخل فاضح وعلني، مع بداية انتشار القواعد العسكرية الإيرانية في سوريا والتي بدأت بالظهور تدريجياً مع تطور المعارك، وتزايد أعداد القوات الإيرانية والميليشيات الأفغانية في سوريا، والتي تعاني من سطحية الإعداد والحاجة الكبيرة للتدريب الذي تتلقاه في معسكرات تكاد تخلو من جيش النظام، وتعتبر قواعد إيرانية في سوريا بامتياز.
إضافة لتحول الكثير من القرى والمناطق في سوريا إلى ما يمكن اعتباره كانتونات إيرانية في سوريا، تعمل بارتباط مباشر مع إيران ولا يوجد للنظام القدرة على السيطرة عليها، وقد تمثل "نبل والزهراء" بريف حلب الشمالي مثالاً عليهما وكذلك حي السيدة زينب في قلب دمشق، وغيرهما كثير مثل كفريا والفوعة بريف إدلب.
فميليشيا حزب الله لديها مقراتها الخاصة أسوة بميليشيا فاطميون وزينبيون، والألوية الشيعية العراقية، والتي تعمل بشكل مستقل عن عمل قوات النظام ولها السلطة عليه، ويعتبر عنصر حزب الله أثمن من أي عنصر من جيش النظام، حتى لو كان ضابطاً برتبة عالية، ويمنع عناصر حزب الله جنود النظام من الدخول لمراكزهم إلا بإذن، ما يرسخ فكرة عدم تبعية هذه المقرات لجيش النظام.
ثم وبعد الاستفراد الإيراني بالساحة السورية لأربع سنوات، دخلت روسيا فجأة إلى المنطقة، ربما في محاولة لمنع انهيار النظام، الذي كان يترنح بشدة رغم الدعم الروسي والإيراني الكبير.
لتظهر أول قاعدة عسكرية روسية في مطار حميميم، والتي تحولت الآن إلى أرض روسية بشكل رسمي بعد أن ظهرت على محيطها أعمدة ترسيم الحدود الروسية.
الأمر المختلف بين التدخل الروسي والإيراني هو صك الملكية الذي وقع عليه الأسد للروس، والذي أعطاهم بموجبه قاعدة حميميم، التي أصبحت منطلق الضربات الجوية الروسية، ما حسّن وضع قواته إلى حين.
يعجز نظام الأسد عن القتال بمفرده، فبمجرد توقف الدعم الجوي عن قواته والميليشيات الطائفية فإنها ستنهار في منطقة واسعة، على الرغم من تعدادها الكبير والتسليح الواسع الذي تملكه، ومع ذلك فقد خسرت الكثير من المواقع خلال فترات انخفاض سوية الدعم الجوي الروسي لها.
ما يحول سوريا وبالأصح المناطق التي يسيطر عليها النظام إلى كعكة كبيرة حرفياً، فالقواعد العسكرية ليست مؤسسات خيرية وليس من المنطق أن تحصل على دعم جوي تبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات كبادرة حسن نية، أو دعما للديموقراطية، أو لدعم محور المقاومة والممانعة!
ومع توافد القوى الاجنبية وما بنته من قواعد عسكرية في سوريا، انتقلت سوريا من حالة المستعمرة الايرانية التي كانت قبل الحرب، والتي أوشك الثوار على إنهائها، إلى حالة الدولة المحتلة من قبل مجموعة ميليشيات أجنبية لا يهمها سوى ضمان مصالح الدول التي تدعمها على الأرض السورية.
وبسبب كل ذلك قررنا في شبكة بلدي الإعلامية اعتماد تسمية المقاومة السورية بدل فصائل الثوار أو المعارضة السورية المسلحة على المدافعين عن أرض سورية التي استبيحت بالكامل بعد أن باعها النظام بأبخس الأثمان من أجل بقاءه على سدة الحكم.
المقاومة السورية لأنها تجابه نظاما لا شرعيا ولا مقبولا من السوريين بمن فيهم الذين يقطنون في مناطق سيطرة النظام، والذين يتمنون الخلاص منه بعد أن نكل بأبنائهم وزجهم على جبهات القتال قسريا.
المقاومة السورية للتخلص من الفصائلية والمناطقية ومن كافة المشاريع التي حاولت بعض الفصائل المعززة بالأجانب فرض أجنداتها على السوريين.
المقاومة السورية لخلق مشروع سوري وطني تحرري يجابه كافة المشاريع العابرة للحدود والتي يريد النظام وداعميه تمريرها على حساب سوريا أرضا وشعبا.