بلدي نيوز – حمص (صالح الضحيك)
بدأ نظام الأسد بأولى عمليات التطهير العرقي بحق الأقلية التركمانية في سوريا، عام 2012، عندما هجر أهل بلدة الزارة بريف حمص الغربي باتجاه لبنان، بعد محاصرة القرية وشن حملة عسكرية كبيرة عليها.
ذات السيناريو أعاده النظام، السبت الماضي، بعد هجر قسرا نحو 6 آلاف مدني من الأقلية التركمانية في سوريا، من قريتي قزحل وأم القصب بريف حمص الغربي، باتجاه بلدة الدار الكبيرة بريف المحافظة الشمالي.
وبدأ التوتر بين أهالي القريتين وقوات النظام، عقب اعتقال الأخيرة لعدد من شبان القريتين، فردّ أهالي قزحل وأم القصب بأسر عدد من عناصر النظام، وبدأت قوات النظام إثر ذلك بقصف القريتين منذ الخميس الماضي، ما أدى لوقوع شهداء وجرحى.
اضطهاد التركمان
على الرغم من تشدقه بحماية الأقليات، لكن نظام الأسد يطبق مفهومه للأقليات بطريقة انتقائية، فهو يدعم الأقليات بمقدار ما تقدم له من ولاء ومكاسب، الأمر الذي دفعه لإخراج التركمان خارج مفهومه لحماية الأقليات.
فحذف النظام التركمان من قائمة "الأقليات" التي يدافع عنها، وأعاد نبش التاريخ، وحولهم من مواطنين وأشخاص مفيدين في المجتمع إلى "بقايا الاحتلال العثماني"، و"عملاء لتركيا" التي تريد القضاء على محور "المقاومة والمانعة".
فأحدث عملية تهجير للتركمان شملت حوالي 6 آلاف مدني من الأقلية التركمانية في سوريا، من قريتي قزحل وأم القصب بريف حمص الغربي، باتجاه بلدة الدار الكبيرة بريف المحافظة الشمالي.
تهجير ممنهج
يقول "أبو محمد النبهان"، وهو أحد أبناء القرية التي هجرها الأسد "قرى التركمان محاطة بالقرى الموالية للنظام من الطائفتين العلوية والشيعية، وإن وقوف الدولة التركية بجانب الثورة السورية، كان ذريعة للموالين للانتقام من أهالي هذه القرى، آخذين بعين الاعتبار أن أصولنا تركية، فما موقف الدول التي تدعي دعمها للأقليات، من هذا التهجير العرقي بحقنا؟ دون أي ردة فعل أو شجب من أي منظمة دولية أو حقوقية، خصوصاً بعد ارتكاب مجزرة بحق أهالي قرية تسنين، وذبح الأهالي هناك وكانت حصيلة المجزرة حوالي 110 أشخاص بين شهيد ومفقود".
وبدأت قوات النظام بعمليات التطهير العرقي في ريف حمص الغربي منذ 2012، عندما هُجّر أهل بلدة الزارة إلى الأراضي اللبنانية، بعد محاصرة القرية وشن حملة عسكرية كبيرة عليها، نفس السيناريو كررته قوات النظام بعد أربعة سنوات في قريتي قزحل وأم القصب بالأمس، بعدما هجر النظام أهالي القريتين إلى ريف حمص الشمالي، بعد محاصرة أهالي القريتين وتهديدهم بالقتل، كما حدث في قرية تسنين منذ أربعة أعوام.
لم تكن حادثة قريتي قزحل وأم القصب الأولى، وربما لن تكون الأخيرة، فلنظام الأسد باع طويل بتهجير الأهالي فمنذ عام 2012 إلى الآن، وكان أخر عمليات التهجير هي تهجير قريتي قزحل وأم القصب التركمانيتين.
الثوار ينقذون التركمان
أما بالنسبة لثوار ريف حمص الشمالي، فقد أطلقوا معركة ضد قوات النظام، تلبية لنداء استغاثة أهالي (قزحل وأم القصب) لفك حصارهما، وسيطروا على حواجز الصادق وكازية عزالدين وقطعوا طريق مصياف بالكامل، ما أجبر قوات النظام على الدخول في مفاوضات مع الثوار بالقريتين، انتهت بسماح النظام لأهالي القريتين بمغادرتها دون أخذ أي من الامتعة وبالباصات العامة، باتجاه الدار الكبيرة بريف حمص، وإلا اقتحام القريتين والتنكيل بالسكان.
بدوره، أحمد حاميش عضو مكتب الإعلامي لتركمان سوريا الأحرار، ناشد المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إيقاف عمليه التهجير الممنهج للأهالي من قبل نظام الأسد، منوهاً إلى أن التركمان هم من الأقليات التي يدعي الأسد حمايتها، فهل هكذا تكون الحماية بالقصف والذبح والتهجير؟
وأضاف أن نظام الأسد كاذب، فهو مستعد لقتل كل من يقف ضد حكمه، فهذا النظام لا يهمه سوى كرسي الحكم، والحفاظ على مصالح ايران وروسيا في المنطقة، على حساب الشعب السوري.
ووجه حاميش نداء عاجلاً إلى المنظمات الإنسانية، بالنظر إلى حال مهجري قرية قزحل، فهم الآن يواجهون أصعب أيامهم بسبب منع النظام لهم من إخراج أثاث منازلهم، أو ما يسد حاجتهم، واصفاً حال ريف حمص الشمالي بالمأساوي، ولا قدرة له بحمل عبئ حوالي ستة ألاف مجهر، يحتاجون الخبز والماء والطعام والسكن.
يتوزع التركمان في ريف حمص بالزارة قرب تل كلخ، وقزحل وأم القصب وبرج قاعي، وتسنين وغيرها من المناطق، ومناطق من ريف حماه الجنوبي كعقرب وطلف، وحرب نفسة وغيرها من القرى، وهُجّر أهالي الزارة وقزحل وتسنين من قراهم، ولم يبق منهم سوى بعض الأفراد".
وكان الأسد هجّر تركمان سوريا من ريف دمشق والقنيطرة واللاذقية وحلب، واتبع بحقهم سياسة التطهير العرقي واضطهدهم كباقي السوريين الذين تظاهروا ضد نظام الأسد مطالبين بنيل حريتهم وكرامتهم.