بلدي نيوز
أطلق مصور صحفي أمريكي احتجز لسنوات في سجون نظام الأسد، دعوى قضائية أمام المحاكم الأمريكية، وتحدث لأول مرة عن ظروف احتجازه والتعذيب الذي تعرض له، واستذكر الطبيب البريطاني "عباس خان"، الذي التقاه قبل مقتله في سجون النظام.
وكان الصحفي "كيفن داوز" قد توجه للمنطقة مثل غيره من الصحفيين الغربيين مع انطلاق الثورات العربية، وبدأ نشاطه في ليبيا، ثم توجه إلى سوريا. لكنه اختفى بعد عبوره الحدود التركية باتجاه الأراضي السورية في تشرين الأول/ 2012، حيث أوقف على أحد الحواجز من قبل عناصر موالية للنظام ، قبل نقله إلى "سجن سياسي" في دمشق. وأطلق سراحه في نيسان/ أبريل 2016 بوساطة روسية، حيث نقل إلى موسكو قبل عودته إلى الولايات المتحدة.
وخلال مقابلة مع راديو "إن بي آر" الأمريكي، كشف "داوز" أنه يعاني من "إعاقة" دائمة، بسبب ما تعرض له في سجون بشار الأسد من "تعذيب فظيع"؛ أدى لتلف في أعصاب إحدى قدميه والرسغين.
وذكر أنه احتجز في زنازين تحت الأرض، لا تصل إليها أشعة الشمس. وتطرق إلى الاتهامات التي وجهها إليها المحققون، من قبيل: "أنت عنصر في السي آي إيه. من الذي يشغّلك.. ثم يصرخ، قبل أن يوجه ضربة لي".
وبات "داوز" ومن دون أن يقصد، شاهدا على "المعاملة الوحشية داخل سجون النظام السوري"، وقال: "رأيت أشياء فظيعة.. رأيتهم يعذبون أطفالا.. أعتقد أنهم أرادوا مني أن أرى؛ لأنهم كانوا متأكدين من أنه سيكون بإمكانهم قتلي".
وفي هذا السياق، يتذكر داوز طبيب العظام البريطاني عباس خان، الأب لطلفين، والذي ذهب إلى شمال سوريا متأثرا بمشاهد "الأطفال السوريين الجرحى"، كما تقول شقيقته سارة خان، لتقديم المساعدة الطبية، لكنه احتجز بعد نحو 48 ساعة من دخوله الأراضي السورية، وذلك بعد نحو شهر من احتجاز الصحفي الأمريكي.
وكان "خان" عمل لبعض الوقت مع اللاجئين على الحدود التركية، قبل أن يعبر إلى داخل الأراضي السورية في 20 تشرين الثاني 2012، للعمل في المشافي الميدانية، وتم القبض عليه في 22 من الشهر ذاته. ونقل "خان" إلى السجن في دمشق، حيث التقى كيفن داوز هناك.
وقال "داوز": "التقينا عندما كنا في زنزانتين متجاورتين، كنا نستطيع الحديث مع بعضنا البعض من تحت الباب.. كانوا يسكبون عليه الماء الساخن ثم يضربونه.. لقد فعلوا نفس الأمر معي".
ولفت داوز إلى أن النظام السوري كان يخفي حقيقة وجوده لديه. وتم الكشف عن احتجازه في سجون النظام السوري بعدما تمكنت والدة عباس خان، فاطمة خان، من زيارته في تموز 2013. وخلال حديثهما معا، أبلغ "عباس خان" أمه عن قصة داوز، وطلب منها إبلاغ السفارة الأمريكية.
وفجأة، تحسنت معاملة داوز، وتوقف التعذيب. ويضيف داوز: "تم وضعي في زنزانة مضاءة، بدلا من الزنزانة المعتمة المليئة بالقمل.. أنا مدين لعباس بالكثير".
لكن معاملة "خان" باتت أسوأ. وفي كانون الأول 2013، تمت دعوة والدة خان لزيارة سوريا، وطمأنها مسؤولون في النظام عبر الهاتف بأن ابنها سيطلق سراحه قريبا. وعندما توجهت للقائه حاملة الهدايا والورود بانتظاره، خرج إليها أحدهم ليبلغها "تعازيه"، وليزعم أن عباس قد شنق نفسه بملابسه في الزنزانة.
لكن داوز يشكك في هذه الرواية، وقال: "في هذه الزنازين، لا توجد وسيلة لتشنق نفسك. لا يوجد شيء لتعلق نفسك عليه.. لا يوجد لديه (عباس) سبب للانتحار، لا يوجد سبب لذلك.. كان في طريقه للذهاب إلى البيت". وتم تشريح جثة خان بعد نقلها إلى بريطانيا، وخلص تحقيق إلى أنه قتل على يد النظام السوري.
وأطلق سراح "داوز" بعد ثلاث سنوات من مقتل "خان". وفي تشرين الأول، أطلق "داوز" دعوى قضائية أمام محكمة أمريكية في واشنطن، ضد النظام السوري. ويتهم "داوز" النظام السوري بتعذيبه وإساءة معاملته.
وتخطط عائلة "خان" للبدء بتحرك قانوني أمام المحاكم البريطانية، ولديها الآن شاهد أساسي، وهو الوحيد الذي التقاه في السجن.