بلدي نيوز - (محمد العلي)
القبَّار أو الكُبَر أو الأصَف أو الشفَّلح، والأخير هو الاسم الأكثر انتشاراً والمعروفة به تلك الشجيرة البرية التي تنمو عموماً في حوض البحر الأبيض المتوسط، والتي تعتبر أحد المواسم ومصدر دخل أساسي لآلاف العائلات والأسر الفقيرة في محافظة إدلب.
تنمو شجيرة القبار الشوكية في الأراضي غير الزراعية وأطراف الطرق وبعض المناطق الجبلية والمنحدرات والأراضي الكلسية، والتي يلجأ لها الباحثون عن قوت يومهم لجمع ثمارها، خلال موسم صيفي يبدأً من منتصف حزيران/يونيو وحتى أواخر شهر آب/أغسطس.
ثمار القبار هي حبيبات صغيرة (البراعم الزهرية) في أفرع وأغصان الشجيرة المليئة بالأشواك القاسية، مما يجعل من جنيها أمراً بالغ الصعوبة، ويستغرق أوقاتاً طويلة كون العاملين على جمعها يجمعونها بشكل فردي وكل ثمرة على حدة.
رحلة المخاطر
وفي حديث خاص لبلدي نيوز قال "أبو حسين" وهو نازح من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيمات بلدة كللي في الريف الشمالي "أعمل أنا وأطفالي الأربعة في قطف براعم الشفلح، نخرج على متن دراجتي النارية منذ شروق الشمس وحتى ساعات الظهيرة الأولى بمعدل أربعة إلى خمسة ساعات يومياً، إلى أطراف الطرق العامة والأراضي الحراجية، نجمع خلال هذه الرحلة تقريباً كيلوغوام واحد ونصف".
وعن المخاطر التي تطال العاملين في جني براعم القبار، والذي يمثل الأطفال الغالبية العظمى منهم، يحدثنا أبو حسين "أكثر ما نخشاه خلال عملنا هو لدغات الأفاعي والحشرات البرية كوننا نعمل بالقرب من أوكارها وفي الأراضي التي تعيش بها، لذا نكون حذرين قدر المستطاع ودائماً ما أبقى على مقربة من أطفال خوفاً من تغدر بهم أيّة آفة، إضافة للخدوش والجروح التي تسببها أشواك القبار خلال العمل، والتي غالباً ما تؤدي لالتهابات أو أمراض جلدية".
ويضيف أبو حسين "المواقع القريبة من خطوط التماس هي الأكثر وفرة وإنتاجية، ويمكن للعامل الواحد أن يجني مقدار كيلوغرام ونصف أو أكثر يومياً، لكنها تجعلنا عرضة للإصابة بمخلفات القصف وخصيصاً القنابل العنقودية الغير منفجرة، والتي أصابات المئات من العاملين خلال المواسم السابقة".
أما عن أعداد العائلات التي تعمل في موسم القبار، فتقدر الأعداد بأكثر من 4000 عائلة تعمل طيلة الموسم الصيفي، غالباً ما تتمكن تلك العائلات من تجهيز مؤونة الشتاء من مردود عملهم الشاق.
تسويقه
يبيع العاملون ما يجنوه بشكل يومي لأن براعم القبار لا تتحمل التخزين إلا وفق شروط معينة يوفرها تجار الجملة، حيث يبيع العاملين ما لديهم من البراعم بسعر لا يتجاوز 15 ليرة تركية للكيلوغرام الواحد، ومن ثم يقوم التجار بتخزينها في براميل مخصصة ويغمروه بالماء المالح، ليصار تصديره إلى دول أوربية في مقدمتها اليونان وفرنسا وإيطاليا، وبعض الأسواق الآسيوية.
وعلى الرغم من انحسار المساحة التي تسمح للعاملين بجني القبار بفعل العمليات العسكرية، إلا أنّ سعره يعتبر منخفضاً بنسبة ثلاثين في المئة عن الأعوام السابقة.
استخداماته
للقبار استخدامات عديدة، فمنها ما يستخدم في المطبخ حيث يتم تقديمه وهو مخلل، أو للسلطات والباستا والبرك والبيتزا، كما يتم استخدامه طبياً واستخراج بعض المستحضرات التي تدخل في تركيب الأدوية الداعمة للجهاز المناعي والمضادات الحيوية، وفي أوقات التزهير وهي في نهاية موسم جمع البراعم تصبح المراعي نادرة جداً مما يدفع بمربي النحل لنقل الخلايا إلى الحقول التي يتوفر بها القبار، ويتم تسويق عسل القبار على أنه مقوي جنسي ممتاز.
رغم أنه موسم يحيطه الخطر والمشقة، إلا أنّ محافظة إدلب تنتج سنوياً نحو ثمانين طناً من براعم القبار، يتم تصديرها بالكامل إلى الأسواق الخارجية ونادراً ما يتم استخدامه محلياً.