بلدي نيوز - (فراس عزالدين)
المقدمة
قصفت إسرائيل أهدافا عسكرية على الساحل السوري، والخاضعة لسيطرة النظام السوري، كما استهدف القصف منطقة "رأس شمرا" التي تبعد عن "قاعدة حميميم" التي يسيطر عليها "الروس" 23 كم فقط، في وقت أكّدت مصادر أن القصف تم بطائرات (F- 15) من جهة البحر، واستهدف معامل صناعية تستخدمها إيران لتجميع الصواريخ الدقيقة.
أصابع روسية
يبدو أنّ تل أبيب تريد "استفزاز طهران، وهذه المرة عبر توجيه ضربة تشير بأنّ "موسكو" غير ممانعة أو أنها ستغض الطرف، فالضربة وفق محللين استهدفت أحد المواقع في منطقة "رأس شمرا' والتي تبعد عن قاعدة حميميم الروسية 23 كم فقط، وهذا يعني أن روسيا أطفأت منظومة إس 400.
وما يؤكد ذلك أن القصف جاء بعد تصريحاتٍ لـ"قائد الحرس الثوري الإيراني"، حسين سلامي؛ والتي حذر من تكرار الاستهدافات الإسرائيلية، مهددا بالقول "سنرد على أي عملاء شرير بالمستوى نفسه أو أقوى منه".
وليس من المستبعد أن تتنصل موسكو من العملية، إﻻ أن الواضح وجود قناعة غربية بضرورة "إخراج إيران عسكريا"، والحديث هنا عن "خروجها "العسكري"، حيث يتوقع محللون سياسيون أنّ الرسالة اﻹسرائيلية هذه المرة للروس وعلى مقربةٍ من قواعدهم، بهدف إحراجهم أمام "طهران" وتوضيح موقفها أكثر من "إقصاء الميليشيات اﻹيرانية المسلحة" عن الأراضي السورية.
وسبق أن لفتنا في تقارير سابقة نقلا عن محللين أنّ روسيا غير قادرة عن التخلي عن دور "إيران عسكريا"، للسيطرة على اﻷرض، ويبدو أنّ هناك محاولة وتعجيل إسرائيلي في "طلاق روسي-إيراني" أو على اﻷقل تحديد صيغة جديدة وشكل لدور وطبيعة تلك العلاقة.
والراجح بناءً على فهم العلاقة الروسية - اﻹيرانية، أنّ موسكو تحاول المماطلة، رغم أنها مستفيدة من إقصاء اﻹيرانيين واﻻستحواذ والتفرد مستقبلا بـ"الكعكة السورية".
محور ثلاثي في مواجهة إيران
لعل العنوان الفرعي يختزل مسألة غاية في اﻷهمية بدأت تتبلور ملامحها، وهي تشكيل "محور ثلاثي مؤلف من "أمريكا - إسرائيل - الموك"، لمواجهة الثنائي "موسكو - إيران"، كعصا عسكرية ستبدأ عملها من "جنوب سوريا".
وما يرجح هذه المسألة، ما صرح به الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين، يوم الأحد الفائت 2 أيار /مايو الجاري، "إن الأيام القليلة القادمة ستشهد انطلاقة لغرفة العمليات العسكرية "موك" بدعم من واشنطن جنوب سوريا".
وجاء ذلك في تغريدة له على حسابه في موقع "تويتر" قال فيها؛ "قريبا ستنطلق غرفة عمليات عسكرية "موك" بدعم واسع من الولايات المتحدة وحلفائها لتشكيل قوة عسكرية كبيرة في المنطقة الجنوبية ووسط وشرق سوريا لمواجهة إيران وميليشياتها برًا وبغطاء جوي للعمليات والمشروع العسكري".
وأكّد "كوهين"، أن الانطلاقة الجديدة ستكون جزءا من مشروع سياسي يؤسس لمرحلة جديدة في سوريا.
وكان أعلن قائد "جيش مغاوير الثورة" العميد مهند طلاع العامل في منطقة التنف على الحدود السورية العراقية الأردنية، عن زيارة تفقدية سرية قام بها قائد القوات المركزية الأمريكية "كينيث ماكنزي" خلال زيارة له للشرق الأوسط، شملت سوريا والعراق.
وقال الطلاع في تسجيل مصور عبر حساب "جيش مغاوير الثورة" في توتير، إن "ماكنزي" تفقد برفقة قيادات عسكرية قاعدة التنف العسكرية الأمريكية الواقعة على المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن.
وأضاف طلاع، أن زيارة ماكنزي لقاعدة التنف عدة أهداف، منها تفقد قوات التحالف الدولي والقاعدة العسكرية الأمريكية العاملة في منطقة "الـ55" وكذلك شركائهم في "جيش مغاوير الثورة".
أما الهدف الثاني فهو "التشديد على الدعم المستمر لشركاء وأصدقاء الشعب السوري ومغاوير الثورة، والاستمرار في التدريب لمواجهة أي هجمات محتملة من الإيرانيين على القواعد وشركاء التحالف وحماية المنطقة وأهالي مخيم الركبان.
الرد اﻹيراني
لاتزال طهران تراوغ، لكنها عمليا أسست وجودا قويا لها على خشبة المسرح السوري، فالنفوذ اﻹيراني عربيا، حقق دوره، وغايته ويكاد ملمح الهلال الفارسي تتضح رايته، من إيران إلى العراق، مرورا بسوريا ولبنان، وانتهاءً بذراعها الحوثي في اليمن.
وأمّا على مستوى الملف السوري، فتواصل إيران عبر ميليشياتها في سوريا، التمدد في مناطق سيطرة قوات النظام، ويلاحظ أنه خلال الفترة القليلة الماضية موّل "الحرس الثوري" الإيراني نشاطات هذه الميليشيات الدينية وبخاصة في منطقة البادية السورية وريف الرقة وديرالزور
وبات بناء الحسينيات أحد أبرز النشاطات لميليشيات إيران بعد أن هدأت حدة المعارك في كثير من جبهات القتال.
ويقول الكاتب الصحفي "فراس علاوي"، لبلدي نيوز؛ "إن إيران تطمح لتأسيس وجود دائم في سوريا، لا يتأثر بأي اتفاق للحل في سوريا لاحق قد يفضي إلى أنهاء وجودها العسكري أو تقليصه، عن طريق المفاوضات أو حتى باستخدام القوة العسكرية، لذلك تريد أن تترك قاعدة اجتماعية يمكن لها أن تعتمد عليها في البلاد".
وأضاف علاوي، أن المنطقة هي البوابة التي تربط سوريا بالعراق وبالتالي هي حلقة الوصل بين إيران ولبنان، و"مدينة البوكمال" على سبيل المثال، هي أهم من أي منطقة سورية أخرى، لذلك تريد تحويل هذه البوابة إلى منطقة نفوذ اقتصادي واجتماعي.
ولفت إلى أن المنطقة ذاتها غنية بثرواتها، وستكون مفيدة لإيران، في حال اشتركت إيران بمشاريع إعادة الإعمار في سوريا.
وشدد على أن محاولات إيران في تشييع سكان المنطقة من خلال بناء الحسينات، يهدف لخلق منطقة جديدة موالية لإيران تشبه منطقة النجف في العراق وصعدة في اليمن والضاحية الجنوبية في لبنان.
المصير الإيراني
خلاصة الكلام؛ فإن الرد اﻹيراني لن يخرج عن مسرحية إكمال الدور المنوط بها، في المنطقة، رغم محاولاتها التملص منه أو اﻻبتعاد وفك قيوده وأغلاله، لكنها تواجه بضعف قدراتها العسكرية، أمام تحالفات كبرى "غربية - إسرائيلية" تقف حاجزا دون أحلامها "الفارسية"، عسكريا، لكنها تمنحه حق التوغل "الديني" و"الثقافي".
وتشير المعطيات إلى أن هناك تفاهمات كبرى ستغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، فالضغط العسكري بالضربات، مجرد فرض عملية ﻹذعان طهران لاحقا، وتوقيعها على صك "الوكالة" والدور المطلوب منها، وضمن الخطة التي طبخت في مطابخ "الكبار".
بدوره يعتقد الدكتور "أكرم حجازي" الباحث والسياسي والمهتم بالقضايا اﻹسلامية ومدير مركز المراقب للدراسات والأبحاث، "أنّ ثمة محاولات تهدئة محمومة في المنطقة تفرضها أمريكا، ولا تستثني دولة أو مجموعة، فالتهدئة المنتظرة ستفرض واقعا سياسيا وأمنيا جديدين على خلفية الاتفاق النووي المرتقب مع إيران".
ويطرح حجازي سؤالا؛ بقوله؛ "السؤال الجوهري: ما الذي يريدونه من التهدئة؟
ويجيب حجازي؛ "الثابت أنه تم التفاهم على تقاسم النفوذ في إطار خطوط سياسية وأمنية محددة، إقليمية ودولية، تسمح بطي الخلاف مع إيران وتهدئة المنطقة. ويبدو أنهم وصلوا لتفاهمات، ولم تبق إلا الصياغة كما قال الإيرانيون".
وبالمجمل؛ ترفض إسرائيل بشكل قاطع، عملية التموضع الإيراني في سوريا، حيث يصرح مسؤولوها باستمرار، أنهم سيمنعون التموضع الإيراني بسوريا خاصة في المنطقة الجنوبية.