بلدي نيوز – (ريما محمد)
بسبب الحرب التي شنها نظام الأسد على الشعب السوري، شهد القطاع التعليمي في سوريا خلال السنوات الخمس تدهوراً كبيراً، جعل العملية التعليمية تنحدر لتعود إلى ما كانت عليه في حقبة الثمانينات من القرن الماضي، وفق دراسة أجرتها منظمة "اليونيسف".
حيث ألغت جامعات عالمية اعترافها بالشهادة الجامعية الصادرة عن أي من جامعات السورية، بعد أن انعدمت فيها المعايير الدولية للقياس والتقويم، إثر الارتفاع المفاجئ لنسبة الطلاب المنتسبين إلى الكليات الطبية والهندسية.
ووفقاً لوزير التعليم العالي في حكومة النظام، فإن "مؤسسات عالمية مختصة بالاعتراف العالمي بالشهادات الجامعية، تنتظر من الحكومة السورية ممثلة بوزارة التعليم العالي تزويدها بالإجراءات التي تقوم بها الوزارة، للحفاظ على الشهادة الجامعية السورية".
ويرتفع الصخب في المراكز الامتحانية بمدينة اللاذقية بشكل خاص، إثر انتشار ظاهرة الغش والمحسوبيات، خلال تقديم طلاب الشهادة الثانوية لامتحاناتهم النهائية، الأمر الذي وصل لحد وصول الأسئلة مع أجوبتها لعدد كبير من الطلاب من أبناء ضباط النظام، وشبيحته وجنوده.
وكتبت إحدى المعلمات وتتخذ اسم "أم بشار" على الفيس بوك "أنا مراقبة تركت الامتحانات من المهزلة، وعنا لسه انضربوا بعض المراقبين ضرب مبرح ومخزي بسبب أمانتهم".
واعتُبرت مدرسة جعفر الصادق ومدرسة صالح محمود للإناث في مدينة جبلة، ومركز علاء سلمان في اللاذقية من المراكز الامتحانية ذائعة الصيت بالأسئلة المسربة، والغش بشكل علني لوجود بعض أبناء المسؤولين فيها.
وتختص إحدى صفحات التواصل الاجتماعي في الفيس وتتخذ اسم "شعب مفرفش" بنشر الأسئلة الامتحانية قبل موعد الامتحان بساعات، كما أنها تحذر من النسخ "المزورة"، التي يحاول بعض "التجار" ترويجها وبيعها للطلبة بحسب ما تنشر، بالمقابل تبدي وزارة تعليم النظام رضاها عن سير الامتحانات الوطنية، كما أنها تسعى "لتطويرها".
حيث قال وزير التعليم العالي للنظام على هامش افتتاح مؤتمر (دور القياس والتقويم في جودة التعليم العالي) المنعقد بمقر جامعة القلمون الخاصة، التي يملكها أحد واجهات النظام الاقتصادية "تم الاستعانة بالخبرات الموجودة على الساحة السورية، وتمكنا من وضع إجراءات تحكم قضية جودة الشهادة السورية المعتد بها عالمياً".
ولا يعرف تماماً ماذا يقصد الوزير، وإن كانت هذه المعايير والإجراءات ستطبق على ضباط النظام والشبيحة وأفراد عائلاتهم.
ليعود ويكمل بقوله "الاستراتيجية المكملة لقياس المخرجات التعليمية، هي توسيع الامتحانات الوطنية المطبقة في الكليات الطبية والعمارة والمعلوماتية، لتشمل كليات أخرى وهو متطلب عالمي وليس محلياً".
الأمر الذي لم يأتي بجديد فالمسألة مسألة غش ومحسوبية، وليست مسألة عدد الامتحانات التي يجب على الطالب تقديمها، خصوصاً أن الامتحان منذ نشأة النظام لم يكن معياراً لشيء و يمكن القفز فوقه بسهولة.
يبدو أن النظام يدفع ثمن السياسات السابقة التي كان بموجبها يحارب التعليم، ويمنع تطور الجامعات، حتى أصبح المقعد الجامعي حلماً للطلاب في سوريا.
ومقارنة بعدد سكان سوريا قبل الثورة، لم يكن هناك عدد كافي من الجامعات الحكومية، حيث عاش السوريون لعقود بأربع جامعات فقط، ولم يشرع النظام بتأسيس جامعات جديدة إلا عندما اعتبرها مصدراً مالياً جديداً وليس خدمة للطلاب والشعب.
إعلان الحرب من قبل النظام السوري على شعبه، والتي تسببت بقتل وتهجير العقول المفكرة خارج البلاد، رافقه طفو ظاهرة المحسوبيات والأسئلة المسربة في الامتحان التي كانت سابقاً ظاهرة "مخفية" لكنها أصبحت فجة وعلنية في محاولة من النظام لكسب مواليه، وتسليمهم كافة الوظائف في الدولة، وتحييد معارضيه بمنع تعليمهم، ومنعهم من الحصول على شهادات جامعية.