بلدي نيوز - (فراس عزالدين)
تؤكد التقارير اﻹعلامية الوادرة من مناطق النظام، إلى وجود استعدادات جادة، لمواجهة قانون العقوبات اﻷمريكي قيصر/سيزر، مع بقاء ساعات تفصل على تطبيقه.
وكانت كشفت الباحثة الاقتصادية الموالية، رشا سيروب؛ أنّ آثار قانون قيصر على النظام ستكون كبيرة، واستبعدت القدرة الكاملة على اﻻلتفاف عليه، في تصريحاتٍ سابقة نشرتها قناة "روسيا اليوم".
كما أكدت سيروب، أنه رغم قدرة النظام على الالتفاف والتكيف مع العقوبات المختلفة الصادرة بحقه منذ سبعينيات القرن الماضي، إلا أن تكلفة الالتفاف والتحايل هذه المرة ستكون باهظة الثمن، ما سيزيد من معاناة الشعب السوري وتفاقم الأزمات الحياتية والمعاشية، وتكثيف المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، ويشكل عقبة أخرى أمام التعافي الاقتصادي في المأمول.
إمساك العصا من المنتصف:
بالمقابل؛ يرى مراقبون أنّ اﻷسد فهم مغزى الرسالة من القانون والمستهدف فعليا "إخراج إيران" مع ضغوطات معيشية على الشارع، ورغم ذلك يصر على إمساك العصا من المنتصف، فهو ﻻ يريد التخلي عن الورقة اﻹيرانية بسهولة.
كما يدرك النظام أن فرض العقوبات لم يفلح مسبقا في اﻹطاحة بنظام "صدام حسين" في العراق، بالتالي، هناك مساحة جيدة للمراوغة تعتمد على "صبر الشارع" هو ما تروج له أجهزة إعلامه، ومستشارة اﻷسد "بثينة شعبان".
ويمكن إضافة لما سبق تلخيص إجراءات النظام لمواجهة "قيصر" بالنقاط التالية:
تعويل على الروس:
فمن الناحية السياسية؛ يعول نظام اﻷسد على حليفه الروسي، إذ بدا واضحا أن اﻷخير غير قواعد اللعب مع واشنطن وخرج بمواقف مرنة، رغم تصريحات سفيره لدى النظام بـ "تمسك بلاده باﻷسد في هذه الظروف العصيبة".
وتدل نتائج المباحثات الأمريكية -الروسية حول "التسوية السياسية"، في سوريا قبل أسبوع من تطبيق "قيصر"، وتحديدا يوم الخميس 11 حزيران/يونيو الجاري، وجود تفاهمات ثنائية، استدعت الخارجية اﻷمريكية للقول؛ بأنّ سياسة الوﻻيات المتحدة اﻷمريكية لا تقتضي إبعاد روسيا من سوريا، ما يعني وجود قسمة بين الطرفين حول الكعكة.
وهذه أولى الرسائل العاجلة التي يلعب اﻷسد على هامشها للبقاء، والمواجهة.
واشنطن تطمئن اﻷسد:
ومن جانبٍ آخر؛ فإن العرض الأمريكي الذي لوح به المبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري، جيمس جيفري، للأسد، يوم اﻷحد الفائت، في لقاء افتراضي مع الجالية السورية في أمريكا، للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، أضفى حالة طمأنة فهم منها اﻷسد أنّ هناك ممر للخروج من عنق الزجاجة، يمكنه أن يراوغ من خلاله أيضا، فهو مازال يمسك بالعصا من المنتصف، ﻻسيما في الورقة اﻹيرانية.
ولم يحدد جيفري مضمون العرض الأمريكي، لكنه أشار إلى أن واشنطن تريد رؤية عملية سياسية، من الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام، لكن تطالب بتغيير سلوكه وعدم تأمينه مأوى للمنظمات الإرهابية، وعدم تأمينه قاعدة لإيران لبسط هيمنتها على المنطقة، بحسب ما نقل موقع "الجزيرة" عنه.
بالمجمل؛ الإجراءات السياسية السابقة تعتمد على وقوف الحلفاء مع النظام "سياسيا"، والتفاف اﻷسد بعباءة القيصر الروسي والعمامة اﻹيرانية.
أما على اﻷرض، فيمكن إجمال ما قام به النظام بالنقاط التالية:
نهب لبنان:
ولقد وجد النظام في جاره اللبناني المتعثر اقتصاديا، فرصة للانقضاض عليه، ونهبه، كخطوة أولى للتخفيف من فاعلية قانون العقوبات "قيصر".
وصرحت مصادر مصرفية رفيعة؛ أن كميات كبيرة من الدوﻻر خرجت من لبنان في اليومين اﻷخيرين إلى سوريا، بحسب تقريرٍ لموقع "العربية نت".
وتحدث صرّافون لبنانيون بأن؛ "سوريين هم من قاموا بعملية الشراء في منطقة شتورا".
وبحسب الصرّافين؛ "فإن السوريين اشتروا الدولار بالليرة اللبنانية وليس بالليرة السورية، ما يعني أنهم يملكون كميات كبيرة من العملة اللبنانية تم تخزينها من أجل شراء الدولار من لبنان".
تعفيش دوﻻر لبنان:
وأكد الأكاديمي والناشط السياسي مكرم رباح عن دور لـ حزب الله في الملف السابق، وصرح لـ"العربية .نت"، بأن؛ "حزب الله يُسيطر على سوق الصرّافين في لبنان بشكل كبير، لذلك هو يتحكّم بسعر صرف الدولار ويُهرّبه إلى سوريا خدمةً للنظام".
واعتبر رباح؛ "أن حزب الله يقود جريمة مُنظّمة في هذا المجال، وأضاف؛ "أتوقّع أن يواصل سعر صرف الدولار الارتفاع، لأن كمية الدولار المعروضة باتت ضئيلة جدا، ما سيؤدي حكما إلى تراجع القيمة الشرائية للبنانيين وارتفاع معدلات البطالة والفقر".
وتشير تلك المعطيات بحسب المحلل معاذ بازرباشي، لبلدي نيوز؛ ضلوع حزب الله في تهريب الدوﻻر إلى مناطق النظام، وهو أحد اﻷسباب التي أدت إلى تحسن سعر صرف الليرة السورية" اﻷيام القليلة الماضية.
وقال؛ "تثبت تلك الوقائع أن النظام غير قادر على لجم تدهور سعر الصرف، وأنه يلجأ لتعفيش جيرانه، ما يعني أنّ تدخل المصرف المركزي، والمصادرات التي يتشدق بها، ليست إﻻ زوبعة سيزول مفعولها قريبا".
نهب البضائع اللبنانية:
ولم يكتفِ النظام بتعفيش دوﻻرات اللبنانيين، وإنما امتدت يده إلى البضائع الداخلة لسوق الجار المحلي، حسب تقارير إعلامية لبنانية.
وقطع محتجون لبنانيون طريق لبنان - سوريا، رافضين عبور شاحنات محملة بالبضائع، في وقت تشهد الليرة السورية واللبنانية تدهورا غير مسبوق في قيمتها أمام الدولار الأمريكي.
وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام يوم السبت الفائت، فإن المحتجين قطعوا طريق البداوي الدولي في طرابلس أمام شاحنات نقل كبيرة محملة بالبضائع ومتجهة إلى سوريا.
ما يبرهن أنّ النظام يحاول اﻻستفادة القصوى من المسرح اللبناني لتعزيز وجوده قبل تطبيق قانون قيصر، على اﻷقل لمدة محدودة، تمكنه من المراوغة وإطالة فترة بقائه.
تقشف نفطي:
وفي خطوةٍ داخلية لمواجهة قانون قيصر، أعلنت وزارة النفط التابعة للنظام، في أيار/مايو الفائت، عن توقف تزويد السيارات التي تعتمد على البنزين المدعوم، في إجراء تقشفي جديد يعكس حاجة النظام لتوفير النفقات والمشتقات النفطية.
وأتى القرار على لسان وزير النفط التابع للنظام "علي غانم" الذي أكد إيقاف تزويد السيارات الخاصة ذات سعة المحرك من "2000 سي سي" وما فوق، وكل من يملك أكثر من سيارة، سواء أكان فردا أو شركة، بالبنزين المدعوم" على أن توظّف الإيرادات التي سيتمّ توفيرها في "مشاريع خدمية وتنموية" لم يحدد ماهيتها، ويبدو أن اﻹجراءات تلك تعكس حقيقة تخزين النفط لفترة لاحقة.
استيراد علف بقيمة 40 مليون يورو:
وفي خطوةٍ حسمتها حكومة عرنوس الجديدة بعد جدلٍ طويل، وافقت رئاسة مجلس الوزراء التابعة للنظام، على اقتراح اللجنة الاقتصادية لدعم قطاع الدواجن، المتضمن تخصيص اعتمادات بقيمة 40 مليون يورو، لاستيراد المواد العلفية. وفق تقرير لصحيفة "الوطن" الموالية.
ويعاني قطاع الدواجن في مناطق النظام من أزمة حادة بلغت ذروتها اﻷسابيع القليلة الماضية، مع توقعات بزيادة أسعارها في السوق.
إﻻ أنّ التقارير اﻹعلامية الموالية، لم تشر إلى أي مدى يمكن أن تسهم مثل تلك الخطوة في مواجهة "قيصر" وإلى أي عامٍ يمكنها "الصمود"!
إيران على الخط:
ويمكن إضافة للإجراءات السابقة، التنويه للرهان على الجانب اﻹيراني، وبدا هذا عمليا في تحدٍّ ملحوظ من حكومة طهران، استبق تطبيق "قيصر"، حيث وصلت سفينة الشحن الإيرانية "شهر كورد" إلى مرفأ اللاذقية، محملة بمواد غذائية، وفق تقرير لموقع "أخبار سورية اﻻقتصادية" الموالي، يوم أول أمس اﻷحد.
وزعم الموقع الموالي أن السفينة اﻹيرانية تقوم بإفراغ حمولتها من المواد الغذائية والضرورية لمقومات المعيشة المرسلة لسورية في مرفأ اللاذقية.
ومجددا لم تشر التقارير إلى أي مدى يمكن أن تسهم مثل تلك الخطوة في مواجهة "قيصر" وإلى أي عامٍ يمكنها "الصمود"
ويذكر أن نظام اﻷسد اعتمد على إيران في تزويده بالكثير من المواد الغذائية والنفط، منذ بداية الحراك الثوري.
صفقات القمح الروسي:
ويعتمد النظام في مجال توفير القمح والخبز على حليفه الروسي، وبدا هذا واضحا من خلال مجموعة تقارير لوكالة رويترز للأنباء.
كما كشفت صحيفة "تشرين" الرسمية الموالية، أن كمية القمح المستوردة منذ بداية العام الحالي 2020 وحتى تاريخ اليوم بلغت 175 ألف طن، وفق ما أكده مدير عام المؤسسة العامة للحبوب، التابع للنظام المهندس يوسف قاسم.
وبحسب التقرير فإن أغلب المستوردات مصدرها دول البحر الأسود ولاسيما روسيا.
كما زعم قاسم أن القمح الخاص بإنتاج الخبز التمويني متوفر حيث يتم تأمينها من الأقماح المحلية والمستوردة، وأن رغيف الخبز لن ينقطع نهائيا، حسب قوله.
ويذكر أنّ النظام عجز في اﻷشهر السابقة عن استيراد القمح الروسي، في صفقاتٍ لم يذكر تفاصيلها، انتهت إلى تقديم موسكو ما وصفه اﻹعلام الموالي بالهدية من القمح، أكد محللون موالون أنها بالكاد تكفي بضعة أشهر.
خبز غير مدعوم:
وفي ذات السياق، تنتشر في مناطق النظام شائعات حول إمكانية رفع الدعم عن الخبز، وطرحه في اﻷسواق تحت وطأة العرض والطلب ورحمة التجار، بذرائع من بينها "وقف الهدر".
ما يعني أن خطوة "رفع الدعم عن الخبز"؛ ستكون إحدى خيارات الأسد ﻻحقا لمواجهة قانون قيصر، وترك الشارع عرضةً للضغوط بشكلٍ مباشر.
الصمود والتصدي:
ويقترب قانون قيصر من الدخول حيز التنفيذ بتاريخ 17 حزيران/يونيو الجاري، "يوم الغد"، وسيكون النظام على المحك، وستظهر جليا حجم اﻻستعدادات التي بذلها، والتي بمعظمها تندرج تحت عنوان؛ "الصمود والتصدي"، الذي طالبت به مستشارة اﻷسد، بثينة شعبان، ولقيت سخريةً واسعة.