بلدي نيوز | حماة – (أحمد العلي)
تندلع اشتباكات عنيفة ومعارك كر وفر، منذ مطلع الشهر الجاري، بين الثوار من جهة، وقوات النظام مدعومة بميليشيات إيرانية من جهة ثانية، في محيط قرية ومعسكر جورين في سهل الغاب بريف حماة.
ويعتبر معسكر جورين العسكري أهمّ نقطة عسكريّة للنظام بريف حماة، حيث يتحصن فيه مئات العناصر من مختلف الميليشيات وخاصة الإيرانية، ويحتوي المعسكر على مقرّات تحت الأرض، كما يوجد ممرّات خاصّة للعمل العسكري تحت الأرض، وفقاً لمعلومات حصل عليها "بلدي نيوز".
يقع المعسكر على الجبل الغربي من جورين، قرب ثلاث قمم يتخذها النظام خطوط دفاع له، وهي قمة النبي يونس وقمة صلنفة وقمة الجلطة، إضافة لقلعة ميزرة الأثريّة المطلّة على المعسكر بشكل مباشر.
ويضمّ المعسكر مختلف أنواع الأسلحة وعدداً كبيراً من الدبابات والمدافع وراجمات الصواريخ وصواريخ أرض – أرض البعيدة المدى، ويستخدم النظام هذه الأسلحة لقصف ريفي حماة وإدلب.
وقال مصدر مطلع لـ"بلدي نيوز" إن "قوات النظام حصّنت بلدة جورين بترسانة عسكرية قوية في عدة نقاط كمدرسة الزراعة، المقابر الواقعة جنوب شرقي البلدة، ومبنى البلدية، ودعمتها بعشرات الآليات الثقيلة وراجمات الصواريخ، حيث يوجد فيها ست راجمات صواريخ، وأربع عربات فوزديكا، وستة مدافع ميدانية، بالإضافة إلى قاعدتي صواريخ متوسطة المدى محمولة على سيارتين عسكريتين، وعشرات الدبابات، وعربات الـ "بي ام بي"، والمجنزرات.
واستقدمت قوات النظام تعزيزات جديدة بعد المعارك الأخيرة التي خسرتها في ريف إدلب، حيث وصل إليها 3 أرتال من اللواء 47، واللواء 87، فضلاً عن تمركز القوات المنسحبة من مدينتي إدلب وجسر الشغور، ووصل عدد عناصر قوات النظام في القرية إلى ما يقارب 2500عنصر، إضافة لعناصر من الميليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية تجاوز 7000 عنصر، باعتراف صحيفة مؤيدة لإيران.
ونشرت قوات النظام حواجزها العسكريّة في مناطق عديدة بريف حماة لرصد تحرّكات الثوّار والدفاع عن المناطق التي تسيطر عليها، وكان من أقوى التحصينات العسكريّة التي تجمع شبيحة النظام وعناصر من الجيش وميليشيات أجنبية معسكر جورين.
وقال المصدر "أقامت قوات النظام مركزاً لتدريب وتطويع للدفاع الوطني للذكور والإناث يشرف عليه خبراء متقاعدون من جيش النظام، ومدربون من حزب الله منذ بداية الثورة كون البلدة من الغالبية العلوية الموالية للنظام، كما تعد البلدة أكبر خزان بشري لقوات النظام من الشبيحة في ريف حماة عموماً.
وتمد قوات النظام القرية عبر عدة طرق أهمها طريق صلنفة من الغرب المؤدي إلى الساحل، وطريق البارد - الطواحين - نبل الخطيب من الجنوب، وطريق سلحب عمورين شطحة "سهل الغاب".
وأسس معسكر جورين المجرم رفعت الأسد في ثمانينات القرن الماضي، وكان يسمّى بمعسكر سرايا الدفاع، ثمّ تحوّل إلى مدرسة زراعيّة كبيرة، وتقع بجانب المعسكر قرية الصفصافة التي سيطر عليها جيش الفتح منذ فترة.
واقترب "جيش الفتح" من معسكر جورين، بعد معارك أفضت لتحرير عدة قرى في سهل الغاب أهمها: فورو، الصفصافة، والبحصة القريبة من بلدة جورين فضلاً عن تحرير قرى ريف إدلب الغربي بالكامل.
الاقتراب من هذا المعسكر، الذي يعتبر منطلق عمليات قوات النظام في سهل الغاب وريف إدلب قبل تحريره، هو بوابة الوصول إلى مدينة حماة، ومطارها العسكري، مصدر قصف المناطق المحررة بالبراميل المتفجرة، والصواريخ الفراغية -عبر سهل الغاب كون القرى الواقعة جنوبي المعسكر باتجاه مدينة حماة تبدو هشة عسكرياً قياساً على بلدة جورين، وأغلب حواجزها من ميليشيا "الدفاع الوطني" (الشبيحة)، التي تتسم بالعشوائية، ويقاتل عناصرها مقابل الرواتب التي يتقاضونها من النظام.
كما يفتح تحرير بلدة جورين الطريق نحو الساحل عبر جبال صلنفة المطلة على القرداحة، مسقط رأس النظام في محافظة اللاذقية فتكون تحت نيران الثوار، وبالتالي تضييق الخناق على قوات النظام في المنطقة، فضلاً عن الضربة المعنوية لأركان النظام في حال انتقلت المعارك إلى القرداحة.
ويسعى "جيش الفتح" من نقل المعارك إلى الساحل السوري، إلى إفشال أحلام عائلة الأسد في الانفصال بدويلة على الساحل، لطالما لوح بها الأسد في حال فقد السيطرة على المناطق الحساسة في سوريا، كما لوحت به روسيا كآخر الحلول لرأس النظام بشار الأسد بحجة حماية "الأقليات"، وبالتالي قطع الطريق على سناريو غربي لسورية شبيه بسيناريو العراق بعد حرب 2003، من خلال تحويل مناطق الأكثرية إلى مناطق نزاعات وحروب، بينما تتمتع مناطق الأقليات المتوافقة مع سياسات الغرب، بنوع من الاستقرار السياسي والاقتصادي.
استمرار المعارك في سهل الغاب بذات الوتيرة، يمكن أن تشهد المرحلة القادمة تغيّراّ في موازين القوى ونقل المعارك إلى مناطق جديدة، وخاصة بعد أن مهّد الأسد في خطابه الأخير للانسحابات بأنها تهدف للحفاظ على مناطق أكثر أهمية، قد تكون مدينة "القرداحة" او "اللاذقية" لاحقاً.