بلدي نيوز
في ضاحية "الكلاكلة القُبَّة" (جنوب العاصمة السودانية الخرطوم)، استقر اللاجئ السوري محمد عبده عمار أبو كرم الله وأسرته المكونة من 13 فردا، هم زوجته وأبناؤه وأحفاده، الذين فروا من جحيم الحرب في سوريا، طلبا للأمان والاستقرار في السودان.
أبو كرم الله الذي يتحرك على كرسي بسبب شلل الأطفال، قال: إنه ومنذ دخوله السودان ظل يعمل سائقا على سيارة نقل خاصة صغيرة الحجم (أمجاد) اشتراها عبر الدفع بالتقسيط.
ونجح أبو كرم الله بالاعتماد على نفسه في إعالة أسرته، منطلقا من مبدأ "لا تُعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد السمك".
ولكن مع سريان الحظر الشامل، لاحتواء جائحة كورونا، فقد أبو كرم الله "الصيد والطعام معا"، وبدأ شبح المعاناة يطل بوجهه على منزله.
يروي حلولا كان يتَّبعها في لحظات الضيق، تتمثل في صناعة الحلويات السورية وحياكة الملابس، لكنها لم تعد ممكنة حاليا بسبب الحظر، الذي حدّ من قيمة التكافل عبر التواصل الإنساني مع عائلات سورية، التي يصف أبو كرم الله وضعها بالأسوأ مقارنة بوضع عائلته.
معاناة الشباب السوريين
وتبدو معاناة الشباب السوريين أكبر، خاصة أولئك الذين هاجروا إلى السودان، ويؤكد كبير السوريين في السودان مروان الخياط أبو عدنان صعوبة وضع الشباب السوري في الخرطوم، حيث قال إنه ازداد تعقيدا مع سريان الحظر الكامل.
وعبر أبو عدنان عن خشيته من وضع كارثي ينتظر الشباب السوري، الذي يمثل 90% من السوريين في السودان.
ويحكي مروان الخياط عن مأساة عدد من الشباب السوريين، إذ قال إنهم ومنذ سريان حظر التجول يقبعون في منزل واحد، ويعتمدون على إعانات تصلهم من عائلات سورية، يسدون بها رمقهم لحين انتهاء فترة الحظر، ومزاولة أعمالهم اليومية.
عصر البطون بالحجارة
"إذا عصرنا الحجر على بطوننا نحن الكبار، فكيف العمل مع أطفالنا الصغار؟" سؤال طرحه بلال عيسى المرزوقي، وهو مهاجر سوري يمتهن حِرَف النقاشة والسباكة والحجامة. ويقول إنه يعول خمسة أطفال، ولم يخرج للعمل منذ سريان حظر التجول الكامل.
ويخشى المرزوقي، من تدهور الوضع داخل عائلته مع استمرار الإغلاق الكامل، خاصة أنه -كما يقول- جاء من سوريا وحيدا لا يعرف له قريبا من السوريين الذين هاجروا قبله أو بعده إلى السودان.
أصحاب العمل
ويبدو أن وضع السوريين أصحاب الأعمال الخاصة قد تأثر أيضا بسريان الحظر الكامل، حيث يمتلك السوريون -حسب لجنة دعم العائلات السورية- 290 مطعما في الخرطوم، وما يزيد على خمسين ورشة موبيليا ومفروشات، وثلاثين مطبعة و15 مصنعا للمنظفات، إضافة إلى عشرين شركة مقاولات.
ويقول صاحب إحدى ورش الموبيليا وصناعة الأخشاب -الذي فضَّل حجب اسمه- إنه منزعج من الإغلاق الكامل، ويصف الوضع بالصعب وغير المحتمل.
وكشف عن معاناة حقيقية بسبب المصروفات الخاصة بإيجار المنزل والورشة والمعدات، إضافة إلى استحقاقات بعض العُمَّال، من دون أن يكون هناك أي عائد أو مقابل مالي، وتوقع أن يزداد الوضع سوءا مع تطاول أمد الحظر الكامل.
مساعدات للعائلات السورية
قال المتحدث باسم لجنة دعم العائلات السورية في السودان راتب مصطفى إن اللجنة نجحت في تغطية 450 عائلة سورية من أصل ستمئة عائلة بسلال من المواد الغذائية، التي تم جاءت معظمها بتبرعات من تجار سوريين في السودان.
وأضاف مصطفى، إن الجهود مستمرة لإيفاء بقية العائلات (150 أسرة) التي تم حصرها خلال الفترة الماضية، وتأكدت لجنة دعم العائلات من وجودها في السودان.
وحول مكونات السلة الغذائية، قال راتب مصطفى إنها تزيد على سبعين كيلوغراما، وتتكون من 38 صنفا منوعا، حسب مكونات السُفرة السورية، وهي تكفي عائلة مكونة من أربعة أشخاص لمدة شهر كامل.
ومع إقراره بأهمية الالتزام بالتدابير والإجراءات الاحترازية التي أعلنتها السلطات السودانية لصالح صحة العائلات السورية، يخشى راتب مصطفى من مواجهة السوريين كارثة إنسانية بسبب التوقف عن العمل، "فالجوع لا يرحم"، حسب تعبيره.
المصدر: الجزيرة نت