بلدي نيوز - ( كنان سلطان)
لابد أن الهجوم الروسي الذي يمكن وصفه بـ "الناعم" على نظام الأسد، وكشف المستور لجهة الفساد الذي يعشش في بنية ومفاصل هذا النظام، والعقلية المافيوية التي تحكم بها عائلة "الأسد"، ومحاولة فضحه من خلال تظهيره إلى الواجهة والضغط للتوصل إلى الحل السياسي بعيدا عن المسار العسكري الذي بلغ نهايته كما ترى روسيا، فضلا عن المأزق الاقتصادي الذي تمر به البلاد، يدفع إيران للقلق والبحث في استثمار ذلك.
في هذه الأثناء تسعى إيران للقبض على اللحظة، والاستثمار في هذا المناخ الذي يظهر إلى حد ما العلاقة الباهتة بين النظام والروس، بعد أن أيقنت أن دورها قد يقترب من النهاية في سوريا، وأنها ستكون في مرمى الحرب القادمة وإبعادها عن الساحة السورية قادم لا محالة.
وتجسدت الحملة الروسية هذه المرة بدفع صحافتها للتصدي لهذا الموضوع من خلال إجراء استطلاع رأي يقول أنه "كشف تصاعد حال التذمر في سوريا وتدهور شعبية الأسد إلى مستويات غير مسبوقة، وفقدان الثقة لدى السوريين بأنه سيكون قادراً على إصلاح الموقف وتحسين الأحوال في البلاد، ومن نتائج الاستطلاع بحسب الصحافة الروسية، 37 في المئة يرون أن الوضع في البلاد أصبح أسوأ من السابق خلال العام الأخير، وأن 40 في المئة لم يروا الفرق، و15 في المئة شعروا بتحسن إيجابي".
وأوضح أن "71 في المئة من المستطلعين قالوا إن الفساد ما زال المشكلة الأكبر، و61 في المئة اشتكوا من تدهور الأوضاع المعيشية، وتراوحت آراء نسب أخرى بين تحميل السلطة المسؤولية عن الوضع، عبر 40 في المئة يرون أنها فاقدة للشرعية"، ولعل أبرز ما جاء عليه الاستطلاع هو تقييم أداء الأسد، بحيث رأى 41 في المئة أنه سلبي، في مقابل ثلث يؤيده، والنسبة الباقية لم تعط جواب.
ويرى مراقبون أن نشر هذه النسب من الإعلام الروسي تعد ضربة موجعة للأسد حيث تستهدفه بشكل مباشر، وتضع شرعيته على المحك، وهي المرة الاولى التي يتحدث فيها الاعلام الروسي بهذه الطريقة، ويرى البعض أنها محاولة من الروس لزيادة المكاسب على حساب الوجود الإيراني الذي بدأ يترنح تحت ضربات الإسرائيليين والأمريكان والعقوبات الدولية، فضلا عما تمر به البلاد من أزمات عميقة.
اللافت هنا أيضا، أن الصحافة الروسية ذهبت أبعد من ذلك في تعرية النظام وفساده، فقد أكدت صحيفة برافدا الروسية أن الهجمات التي تظهر بين الحين والآخر بين النظام وميليشيات إيران في البادية السورية وتنظيم "داعش" ما هي إلا كذبة يمارسها النظام للتضليل والتغطية على فساده، يطابق ذلك مع ما رشح من تقارير عن استخدام التنظيم أسلحة وقذائف إيرانية حديثة الصنع في معاركه الأخيرة في البادية.
وترى الصحيفة أن أركان النظام يروجون لمثل هذه المعارك لكسب المزيد من الثروات من خلال رفع أسعار المحروقات ومصادر الطاقة، وزادت على ذلك أن الأسد لا سلطة له على أحد من أركان نظامه، والحديث هنا بمناسبة مزاعم النظام عن استهداف حقلي الشاعر وحيان وتوقف خطوط الغاز والطاقة.
في هذه اللحظة تحاول إيران أن تبدد القلق من مصير يبدو في مهب الريح، وكل ما عملت عليه في السنوات الفائتة بات على المحك، ولعل زيارة جواد ظريف وزير خارجية إيران لدمشق الاثنين، ولقاء بشار الأسد ووزير خارجيته خير دليل على هذا القلق وعدم تفويت الفرصة، إلى جانب الاتفاقات التركية الروسية التي تهدد مكاسبها بشكل مباشر، وقد شهد الشمال السوري محاولات من قبل ميليشيات إيران العبث باتفاق وقف إطلاق النار مرارا وتكرارا تجسد باستخدام الطائرات الإيرانية المسيرة في ضربه مؤخرا، إزاء إصرار روسيا على ثباته وديمومته.