بلدي نيوز - (خاص)
بعد سيطرة النظام السوري على معظم الأراضي التي كانت تخضع لسيطرة المعارضة السورية، لاسيما دمشق وحلب التي تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد، لا يزال اقتصاد النظام يعاني من الانهيار ولم يسترد عافيته، وبات يواجه تحديات جديدة أبرزها الأزمة الاقتصادية والمالية اللبنانية، وقانون قيصر الذي فعلته الإدارة الأمريكية، وانتشار جائحة فيروس "كورونا المستجد" (كوفيد -19).
ومع اعتراف النظام بوجود إصابات ووفيات بفيروس "كورونا" في مناطق سيطرته، أتخذ النظام السوري سلسلة إجراءات للحد من انتشار الوباء وعمل على إغلاق كافة المعابر الحدودية سواء مع فصائل المعارضة أودول الجوار، فضلا عن فرض حظر تجوال شامل في البلاد، الأمر الذي انعكس سلبا وزاد من حدة الكارثة الاقتصادية للنظام.
بوابة سوريا الاقتصادية
في 17 أكتوبر الماضي، تظاهر آلاف اللبنانيين للتعبير عن غضبهم من الفساد والمحسوبية والطائفية السياسية والوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، وفي أعقاب ذلك أغلقت البنوك اللبنانية أبوابها لمدة أسبوعين تقريبا.
وعلى الرغم من أن الليرة اللبنانية مرتبطة بالدولار الأميركي منذ العام 1997، بسعر صرف يبلغ 1507.5 ليرة للدولار، فقد ارتفع سعر الصرف في السوق السوداء إلى أكثر 2000 ليرة للدولار، وفي الوقت الذي يبدو فيه أن لبنان يقترب من الانهيار المالي، بدأت حينها تظهر في سوريا آثار هذه الأزمة نتيجة الرابط الوثيق بين الاقتصادين السوري واللبناني.
وانعكست الأزمة المالية اللبنانية على الاقتصادية في سوريا، ووصل سعر صرف الليرة السورية حينها 900 ليرة للدولار الواحد مطلع ديسمبر الفائت، ما أظهر حقيقة اعتماد اقتصاد النظام على لبنان.
ومع انتشار وباء "كورونا" العالمي واتخاذ الدول إجراءات احترازية للحد من انتشار الفيروس، أغلق منفذ النظام الاقتصادي الأمر الذي ضاعف الكارثة وهدد ماتبقى من شركات قائمة في مناطق سيطرته، والتي عانت مؤخرا دراء قانون وزارة الداخلية الذي يقضي التزامهم بسعر صرف الدولار المتدني في البلاد.
ويرى المحلل الاقتصادي "محمد علاوي" في حديثه لبلدي نيوز، أن ما يشهده العالم بأسره جراء جائحة "كورونا"، هو انهيار اقتصاد العالم لاسيما الدول التي أنهكتها الحروب خلال السنوات الماضية، وأبرزها "اليمن وسوريا والعراق"، مشيرا إلى أن أكثر المتضررين من الجائحة هي سوريا، لاسيما أن الحرب كلفت خلال السنوات الماضية انهيار شبه تام لليرة السورية والتي تجاوز سعر صرفها 1000 ليرة مقابل الدولار الواحد، وانعكست سلبا على اقتصاد نظام الأسد "الراعي الراسمي للأزمة السورية".
واعتبر علاوي أن استمر الوباء بالانتشار خلال الأيام القادمة وانهيار اقتصاد العالم ستضطر جميع دول العالم لإنهاء حروبها والالتفات نحو محاربة الوباء الجديد "كوفيد-19"، والذي سيكلف الدول مبالغ مالية كبيرة على حساب مخزونها المالي في البنوك، الأمر الذي سينعكس سلبا وبشكل تام على نظام الأسد والذي اعتمد خلال حربه على روسيا وإيران، حيث تواجهات الفيروس الجديد بما يشبه الحرب.
شبح "قيصر" على الأبواب
نجح نشطاء حقوق وسوريون وأعضاء الكونجرس في تمرير قانون "قيصر لحماية المدنيين في سوريا"، والذي سُمي على اسم منشق سوري قام بتهريب آلاف الصور خارج البلاد في عام 2013، يكشف خلالها عمليات القتل الجماعي والتعذيب والجرائم الأخرى التي وقعت في سجون النظام في سوريا.
يقول المحلل السياسي "فهد باكير" لبلدي نيوز: "مع اقتراب تنفيذ قانون قيصر على نظام الأسد والذي سيسبب المزيد من الاختناق للنظام السوري وعزله عن النظام العالمي، لاسيما أن جائحة كورونا لازالت في بدايتها في سوريا، فإن اقتصاد الأسد سينهار بشكل خطير ومفاجئ، ماقد يسفر عن أزمة غير مسبوقة في مناطق النظام".
وأضاف: "إن مجمل هذه العوامل وغيرها سوف يسهل على المعارضة اتخاذ الإجراءات اللازمة حين يطبق القانون لمنع النظام من الإفادة من المناطق المحررة لجهة توفير السيولة من العملة الصعبة، أو تحصيل المشتقات النفطية والمواد الغذائية، والعمل على إحكام الطوق عليه وصولا إلى إضعافه وتفتيته بشكل كامل".
"كورونا" وشركاء القتل
يعيش شركاء النظام أزمة "كورونا" على المستوى اﻻقتصادي، لاسيما أن مقر عمليات مكافحة فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد-19) في روسيا، وسجل اليوم الاثنين 302 إصابة جديدة بالفيروس في 35 إقليما من بينها 212 إصابة في العاصمة موسكو، ليبلغ عدد الإصابات الإجمالي 1836 إصابة، في وقت أعلنت السلطات الإيرانية اليوم تسجيل 117 حالة وفاة جديدة بفيروس "كورونا" المستجد ليرتفع إجمالي الوفيات إلى 2757.
وتؤكد المعلومات أنّ فيروس "كورونا" يكبد روسيا مليار روبل يوميا، نظرا لطبيعة العلاقات الاقتصادية مع الصين "بؤرة المرض"، وحجم التبادل التجاري بينهما، إضافةً لعوامل أخرى.
يشار إلى أن الاقتصاد السوري بدء مرحلة الانهيار التام بعد تفشي (كوفيد-19)، وخاصة أن هذا الاقتصاد يعاني من ويلات الحرب التي أنهكته، وسط توقعات بأن يترك الوباء أكثر من مئتي ألف شخص عاطلين عن العمل في سوريا.