بلدي نيوز - (محمد وليد جبس)
في الوقت الذي تواصل فيه الأمم المتحدة إطلاق التحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة في إدلب، بسبب هجوم النظام والروس المستمر على المحافظة التي يسكن فيها أكثر من 3.5 مليون سوري أكثر من نصفهم نازحين ومهجرين من مدن سورية أخرى، تطلق موسكو مزاعم تكذب فيها النزوح وتدعو أنقرة التي تزداد مخاوفها من موجة النزوح الكبيرة على حدودها للسماح بعودة النازحين إلى مناطق سيطرة قوات النظام المدعومة من روسيا.
ونفت وزارة الدفاع الروسية تقارير عن نزوح مئات آلاف السوريين من إدلب باتجاه الحدود التركية، في منطقة تبقي فيها القوات التركية على مواقع مراقبة، وقالت إن تقارير تحدثت عن فرار مئات الآلاف من السوريين من إدلب باتجاه تركيا غير صحيحة وحثت أنقرة على السماح لسكان إدلب بدخول مناطق أخرى من سوريا.
وتدعم تركيا وروسيا أطرافا متناحرة في الصراع السوري لكنهما تعاونتا من أجل التوصل لحل سياسي. وأربك هجوم النظام المدعوم من روسيا في ريفي إدلب وحلب، هذا التعاون الهش مما دفع أنقرة وموسكو لتبادل الاتهامات بانتهاك اتفاقات خفض التصعيد في المنطقة.
فشلت ثلاث جولات من المباحثات الروسية التركية في التوصل إلى اتفاق، ينهي التصعيد من طرف النظام وروسيا في إدلب المستمر منذ منتصف كانون الأول، وأسفر تصاعد الموقف يوم الخميس إلى مقتل جنديين تركيين ليصل إجمالي عدد القتلى الأتراك في إدلب هذا الشهر إلى 15 جنديا.
تحذير أممي
حذرت الأمم المتحدة، يوم الجمعة، من أن هجوم قوات النظام في شمال غرب سوريا قد "ينتهي بحمام دم" وكررت دعوتها لوقف إطلاق النار.
وقال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية خلال إفادة صحفية إن الأطفال يشكلون نحو 60 في المئة من 900 ألف شخص نزحوا وتقطعت بهم السبل في مساحة آخذة في التضاؤل.
وأضاف “لايركه" ندعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار "لمنع مزيد من المعاناة وما نخشى أن ينتهي بحمام دم". وتابع قائلا "تستمر خطوط القتال الأمامية والعنف المستمر في الاقتراب من هذه المناطق المكتظة بالنازحين، مع تزايد القصف على مواقع النزوح والمناطق المجاورة لها".
لماذا يفر المدنيين من قوات النظام؟
وفي تصريح خاص لبلدي نيوز قال مدير فريق منسقو استجابة سوريا "محمد حلاج"، إن الأسباب التي تجبر المدنيين على الهرب من مناطقهم ومنازلهم هي الهجمات الجوية والبرية لنظام الأسد وروسيا على المناطق السكنية، إضافة إلى القصف الذي يطال المنشآت العامة والبنى التحتية بشكل مباشر في المنطقة.
وأضاف "حلاج" ان فريق منسقو الاستجابة وثق منذ تاريخ نيسان 2019 حتى يوم أمس استهداف أكثر من 612 منشاَة، وبالتالي عندما تنخفض الخدمات المقدمة للمدنيين من قبل القطاعات الانسانية يضطر المدنيون إلى النزوح أو التوجه إلى منطقة أخرى.
وشدد على أن ما يدفع المدنيين على النزوح إلى مناطق أخرى خارجة عن سيطرة قوات النظام، هي عمليات التصفية والانتقام والاعتقالات العشوائية التي تحدث في المناطق التي تسيطر عليها حديثاً قوات النظام وميليشياته أن قرر المدنيين البقاء بها.
ولفت أن نظام الأسد وروسيا بعد نزوح الاهالي يقدمون ضمانات ويطالبون من الاهالي العودة إلى منازلهم عبر ادعائهم بفتح ممرات امنة، يفرض من خلالها اتاوات مالية هائلة جداً، إضافة إلى اعتقالات فئة الشباب بشكل كامل وزجهم في الخدمة العسكرية التابعة للنظام ويعتبر هذا من أنواع تجنيد المدنيين في حالة الحرب.
واشار "حلاج" إلى أن جميع هذه المعطيات اَنفة الذكر كانت ملاحظة سابقاً بعدة حالات، وهذا ما يدع المدنيين على البقاء في المخيمات وتحت أشجار الزيتون في العراء يتحملون برد الشتاء وحر الصيف فضلاً عن العودة إلى حضن النظام.
مناشدة أممية لتركيا لفتح الحدود
ويوم الخميس الماضي، ناشدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR) تركيا استقبال مزيد من اللاجئين السوريين، مع زيادة أعداد الفارين من التصعيد العسكري الأخير في ريف إدلب.
وقال رئيس المفوضية التابعة للأمم المتحدة فيليبو غراندي في بيان "نحتاج إلى إنهاء القتال وإلى طريق آمن للحفاظ على الأرواح". وطالب تركيا والدول المجاورة لسوريا لتوسيع نطاق استقبال اللاجئين، ودعا المجتمع الدولي إلى تقديم مزيد من الدعم للدول التي تستضيف لاجئين سوريين.
وتقول تركيا التي تستضيف حاليا 3.7 مليون لاجئ سوري، إنها لا يمكنها استيعاب تدفق جديد للاجئين، وحذرت من أنها ستستخدم القوة العسكرية لصد تقدم القوات السورية في إدلب وتخفيف الأزمة الإنسانية في المنطقة.
وزير ألماني يحذر من موجة لجوء سورية
والشهر الجاري، حذر وزير الداخلية الألماني، هورست زيهوفر، من موجة لجوء جديدة أكبر من موجة اللاجئين التي جاءت إلى أوروبا في عام 2015.
وقال زيهوفر، إن هذه الموجة سببها الأول هو العمليات العسكرية التي تشنها قوات النظام، على مدينة إدلب والتي دفعت حوالي 900 ألف شخص للتوجه للحدود السورية التركية، 690 ألف منهم فقط في الأسابيع الستة الماضية وذلك وفقا للأمم المتحدة، بحسب صحيفة "بيلد".
وأضاف، أنه في حال خروج تركيا من اتفاقية اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي فعندها سيتوجه أكثر من ٤ ملايين لاجئ إلى أوروبا.
وتابع الوزير الألماني، إن نظام الأسد وروسيا يستهدفون المشافي والمدارس في مناطق شديدة الاكتظاظ بالسكان، ما يدفع الناس للفرار إلى الحدود السورية التركية.
يشار إلى أن آلاف المهجرين السوريين كانوا تظاهروا أكثر من مرة خلال الشهرين الماضيين، على الحدود السورية التركية، مطالبين بفتح الحدود أمامهم، دون أن يلقوا استجابة من السلطات التركية.