بلدي نيوز – إدلب (ليلى حامد)
تجد النسوة في مخيمات اللجوء بشمال إدلب، مستراحا عند بعضهن يجلسن لتبادل الحوار والهموم، وتجاذب أطراف الحديث، لمحاولة نسيان آﻻم ومآسي الحرب خلف ظهرن كما تقول، مريم من معرة النعمان.
تتنهد مريم وتتابع القول لمراسلة بلدي نيوز في إدلب؛ في النهاية صوت فيروز الذي غاب عن صباحاتنا، استبدلته الطائرات بحممها، وانتقلنا من هدوء اللحن إلى صخب الموت، وقتل البسمة.
وأدت موجة الهجرة القسرية من القرى في ريف حماه وريف إدلب الجنوبي، بسبب التصعيد العسكري الأخير، إلى تفرق الصويحبات عن جلساتهن وبقاء مقاعدهن فارغة في تلك البلدات والقرى، وآخر فنجان قهوة كسر على اﻷرض بسبب القصف هناك.
أما في المخيمات فقد بقي فنجان القهوة حاضرا، واﻷحاديث مغلفةٌ بالذكريات، تارة ضحكة وأخرى دمعة، بحسب السيدة، رسمية من ريف حماه.
وتضيف مراسلة بلدي نيوز، قريبا من تلك الجلسة "نساء يجلسن خلف الطاولة"، وتمسك إحدى النسوة فنجان القهوة، تؤكد أنها تعرف قراءة الطالع، وتنصحهن بارتشاف رشفة وقلب الفنجان بعد إفراغه، ما تلبث أن ترفعه بيده، وتقرأ لإحداهنّ؛ "عندك طريق أبيض، وفي سمكة رزق كبيرة، تعي شوفي... عيون حسد على طراف الفنجان"، لتضحك الباقيات من تلك العبارة، ويسحبن منها الفنجان.
وتقول إحداهن؛ على ماذا نحسد؟!على القصف والموت، في تهكم من حالهم الذي وصولوا إليه.
وتنفض الجلسة بعد ضحكة وحسرة، وترجع كل سيدة إلى شأنها، وخيمتها.... وتختم واحدةُ من الصبايا الجالسات بعبارة؛ "دايمة"، لترد أخرى، "بدك يدوم الوضع يا عمري"، وتطلق الضحكات في السماء، ويمضي النسوة إلى شأنهن.
وتصر النساء في المخيمات على تسلق حبال "فنجان القهوة" و"البن" الشائكة، ليرسمن لهن أملا، ويعتبرن أن جلسة الصباح ﻻ بد منها، لفضفضة الهموم وإلقائها خلف ظهرنّ، عسى الله أن يكتب لهنّ فرجا.
وتقول؛ "إيمان" في العقد الثاني من عمرها؛ "ﻻ حاجة لنا بأحاديث السياسة والعسكرة، لكننا غالبا ما نقحمها مجبرات على ذلك، وعادةً ما تنتفض النسوة بالبكاء على الذكريات، شهيد وجريح ومنزل مدمر أو مجهول المصير في سجون النظام".
وتختم "إيمان " ؛ "صباحات دون فيروز، لكنها أيضا تردد عبارة لوين رايحين، ومن مين خايفين؟، أو لعلنا نردد بهدوء، وينن وين صواتٌ وين وجوهن؟".
يبدو أن "فيروز" ﻻ تنفك عن صباحات النساء كما القهوة في بلد مزقتها حرب نظام اﻷسد على السلطة.