The Guardian - ترجمة بلدي نيوز
كأعضاء في البرلمانات الأوروبية، والتي تحلّق قوّاتها الجوية في سماء سوريّة، نعتقد بأنّ الوقت قد حان لقادتنا بأن يسمحوا بإنزال جوي للمساعدات العاجلة الغذائية والصحية للمدنيين المحاصرين والجائعين في سورية.
الحرمان من الغذاء والذي يستخدم في سورية كسلاح للحرب ، كان يجب أن ينتهي قبل شهرين، حيث أنّ الغذاء والدواء والذين تشتدّ الحاجة إليهم، كان من المتوقّع أن تصل إلى المجتمعات البائسة في غضون أيام من وقف إطلاق النار الجزئي، الاتفاق الذي من شأنه أن يرفع حصار التجويع الوحشيّ، إلا أنه حتى الآن وبعد مرور شهرين لا تزال العديد من المناطق السورية على حافة المجاعة، فمعظمها لم يرى حتى الآن شاحنة مساعدات واحدة.
وفي حين أن جميع الأطراف استخدمت تكتيكات الحصار، إلا أن حكومة بشار الأسد هي المسؤولة عن منع وصول الماء والغذاء والرعاية الطبية لأكثر من 90٪ من المناطق المحاصرة، ففي داريّا، وهي بلدة صغيرة يقطنها 8000 شخص في ضواحي دمشق، يمكن وصف الوضع هناك بأنه يائس، فقنّاصة الأسد يطوقّون المدينة، و القوات الحكومية تقوم بمنع الناس من الدخول أو الخروج، وكذلك تمنع دخول أي مواد غذائية، والنتيجة هي الموت جوعاً.
ووفقاً للأمم المتحدة، لجأ البعض إلى أكل العشب للبقاء على قد الحياة، كما أنّ العديد من السّكان الآن يعيشون على الماء المغليّ مع التوابل، وسوء التغذية منتشر، وهذا يعني بأن الكثير من الأمهات لا يمكنها أن ترضع أطفالها، إضافة إلى هذا ليس هنالك من حليب للأطفال.
مضايا، والتي كان قد سُلِّط عليها الضوء إعلامياً في يناير/كانون الثاني وذلك بعد أن لقي العديد من المدنيين هناك حتفهم جوعاً، ما يزال الوصول إليها صعباً جداً، وعلى الرغم من الصور المتكررة للهياكل العظمية الشاحبة للأطفال، فقد مُنِعَ وصول المعونات إليها، كما منعت أيضاً عمليات الإجلاء الطبي للحالات الحرجة.
إن إستمرار عمليات الحصار التجويع هذه، هي ندبة عميقة في ضمير أوروبا، ونحن نعلم من أعداد اللاجئين الفارّين إلى برّ الأمان، والتهديد المتزايد لتنظيم "داعش"، ما الذي سيحدث عندما نتجاهل محنة المدنيين في سوريا، لذلك فإن رفع الحصار في سوريّا بشكل دائم، وضمان حرية التنقّل للمدنيين، يجب أن يبقى دائماً أولوية بالنسبة للمجتمع الدولي، لكن عدم وجود تقدّم ثابت في هذا المجال لا يمكن أن يكون سبباً لأن نقف مكتوفي الأيدي، فقد نفّذت هذا الشهر الأمم المتحدة أول إنزال ناجح لها للمساعدات في محافظة دير الزور، مما يثبت بأن هنالك خيارات يمكن أن نتخذها للتخفيف من حدة أسوأ مجاعة تحدث الآن في سوريّا، فإذا كنا نستطيع إسقاط الأغذية إلى دير الزور، فيمكننا بالتأكيد أن نسقطها في أماكن أخرى مثل داريّا وجميع المناطق المحاصرة في سوريا- فلنحاول إيصال هذا الغذاء والدواء للمدنيين في سوريا اليوم، قبل أن يموت المزيد بهذا الشكل القاسي.
بلادنا: المملكة المتحدة، فرنسا، هولندا وألمانيا - كلها تحلّق طائراتها الآن في المجال الجوي السوري كجزء من جهود مكافحة تنظيم "داعش". فإن كانت الأمم المتحدّة تفتقر إلى القدرة على إيصال المساعدات، فنحن نملك المقدرة والوجود الذي يسمح لنا بالتّصرّف، حيث أن الإنزال الجوي من على ارتفاعات عالية سيبقي طيّارينا الشجعان في أمان. إن إسقاط المساعدات هو الحلّ الآخر المتبقّي، وهنالك شركاء على الأرض يعتمد عليهم في هذه المناطق المحاصرة مستعدون لتنسيق توزيع المساعدات.
تسيطر روسيا اليوم على المجال الجوي السوريّ، وقد طالب الرئيس المشارك لفرقة العمل الإنسانية الدولية بإمكانية إيصال المساعدات الإنسانية، ويجب أيضاً ضمان ممر آمن لرحلات المساعدات هذه.
لقد حان الوقت الآن لحكوماتنا لتعطي الأولويّة لإيصال المساعدات للسوريين المتضوّرين جوعاً، فلم يعد بإمكاننا الانتظار أكثر للحصول على إذنٍ من نظام الأسد، لأنه قد لا يأتي أبداً.