أرجع الخبير والمستشرق الروسي "ألكسندر شوميلين" تحرك موسكو للبحث عن حل سياسي للثورة السورية المشتعلة منذ أكثر من أربعة أعوام، لثلاثة أسباب، بينها دخول تركيا في حرب حقيقية ضد تنظيم "الدولة"، وعزمها إقامة منطقة آمنة شمالي سوريا.
وقال "شوميلين" في تحليله للحراك الدبلوماسي النشط الذي تقوم به روسيا في الآونة الأخيرة إن "موسكو وجدت نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما التحرك بحثاً عن حل سياسي للأزمة السورية يحفظ لها بعضا من نفوذها ووجودها في الشرق الأوسط، أو أن تسير الأمور في اتجاه لا يتناسب مع مصالحها، ويخرجها من حلبة الصراع"، معتبراً أن "أسباباً ثلاثة قادت موسكو إلى الاقتناع بضرورة التحرك العاجل"، بحسب وكالة الأناضول التركية.
السبب الأول، بحسب الخبير الروسي هو "الاتفاق الذي وقعته إيران تموز/يوليو الماضي مع المجموعة الدولية، والذي وضع حدا لأزمة طال أمدها، وهو ما يعني أن الغرب الذي نجح في الوصول إلى تفاهم مع طهران بشأن ملفها النووي، سيحاول الوصول معها لتفاهم بشأن الملف السوري أيضاً، وهو ما قد تحبذه طهران إن ارتأت في ذلك مصلحة لها".
واعاد شوميلين السبب الثاني إلى "الوضع الميداني السيء في سوريا، والخسائر العسكرية الكبيرة التي مني به النظام خلال الشهور الأخيرة الماضية"، وأرجع السبب الثالث إلى "دخول تركيا التي تحركت بشكل حازم، في حرب حقيقية ضد تنظيم (الدولة)، وإعلانها صراحةً عزمها إقامة منطقة عازلة شمالي سوريا".
وتابع قائلاً: "بناءً على الأسباب السابقة، وجدت موسكو ضرورة التحرك دبلوماسياً، لإنقاذ نفوذها الآخذ بالتراجع خلال الفترة الأخيرة، بسبب سياساتها المعادية لهبات شعوب المنطقة ضد حكامها، ودعمها الكامل لأنظمة شمولية ميزاتها الوحيدة أنها ورقة تستعملها موسكو في وجه الغرب الذي يناصبها العداء".
وأضاف: "لقد قررت روسيا الحفاظ على اتصالاتها مع أطياف المعارضة السورية، معلنة (وإن كان بشكل مستتر وغير معلن) أنها لا تتمسك ببشار الأسد كشخص، وأنها تدعم سوريا حرصا على الدولة والشعب السوري".
وكانت موسكو استقبلت في الآونة الأخير وفود أربعة من أطياف المعارضة السورية، حيث زارها وفد الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة برئاسة خالد خوجة، ووفد لجنة التنسيق المنبثقة عن مؤتمر "القاهرة -2" برئاسة هيثم مناع، حيث التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الوفدين كل على حده، وبحث معهما سبل التسوية السياسية للأزمة السورية، وتشكيل تحالف لمواجهة خطر إرهاب تنظيم "الدولة".
اللافت أن الوفدين خرجا بانطباعات متباينة حيال موقف موسكو، ففي حين أكد خالد خوجة في تصريح له، أنه "لمس تغييرا في الموقف الروسي، الذي لم يعد متمسكا كما في السابق ببقاء الأسد في السلطة"، بينما كان انطباع مناع "أنه لا جديد لدى موسكو لتطرحه، وإنما تحاول الحفاظ على اتصالاتها مع أطراف المعارضة السورية، بحثا لنفسها عن وزن بدأت تفقده في المنطقة".
ومن المنتظر أن يزور وزير الخارجية الإيراني "جواد ظريف"، العاصمة الروسية خلال الأسابيع القادمة، بالتزامن مع زيارات مرتقبة لكل من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن خليفة بن حمد آل ثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويرى شوميلين، "أن كل الزيارات، تبدو وكأن موسكو تسعى لحشد التأييد لمقترح الرئيس بوتين، بتشكيل تحالف إقليمي يضم تركيا، السعودية، الأردن، ونظام الأسد، من أجل التصدي لتنظيم الدولة الارهابي"، لافتاً أن "الدبلوماسية الروسية منيت بخيبة أمل كبيرة، حين أعلن الجبير في مؤتمره الصحفي المشترك في موسكو مع لافروف، أنه لا علم للرياض بأية مقترحات روسية لتشكيل تحالف من أي نوع، وأن المملكة عضو مؤسس في التحالف الدولي ضد داعش، وأن قواتها الجوية تشارك بفعالية في عمليات التحالف العسكرية".