بلدي نيوز
تسعى تركيا بالاتفاق مع روسيا إلى فتح الطريق البري بين غازي عنتاب وحلب، بهدف تنشيط حركة التجارة، لكن تواجد الميليشيات الإيرانية في بلدتي نبل والزهراء وانتشار الوحدات الكردية في تل رفعت يحولان دون ذلك.
فما الأسباب التي تدفع إيران إلى الحفاظ على وجودها في نبّل والزهراء؟
هناك عدة أسباب تدفع إيران إلى الإصرار على وجودها العسكري في نبُّل والزهراء فهما بمثابة قاعدة لها ومركز وجودها العسكري في ريف حلب الشمالي، ومنع تكرار سيناريو الفوعة وكفريا (عدد سكانهما 7000 نسمة) والذي انتهى بإجلاء المسلحين التابعين لإيران وعائلاتهم إلى مناطق سيطرة النظام.
وبموجب الاتفاق، تم إجلاء المقاتلين والسكان في تموز 2018، وجرى نقلهم إلى مناطق سيطرة النظام بحلب. وبالمقابل، خرج 1500 شخص من بلدتي مضايا والزبداني بريف دمشق، كانتا تخضعان لحصار خانق من قبل قوات النظام وعناصر ميليشيا حزب الله.
وتحدثت وسائل إعلام موالية لنظام الأسد عن ما يشبه صفقة بين روسيا وتركيا خلال جولة أستانا الحادية عشر، تضمنت تسليم بلدة تل رفعت (تبعد عن نبل 15 كيلو متراً) بريف حلب الشمالي إلى القوات التركية والمعارضة الموالية لها، مقابل تسليم بلدة جسر الشغور في إدلب والخاضعة لسيطرة المعارضة إلى قوات النظام.
وتتقاسم السيطرة على تل رفعت حالياً عدة أطراف، قوات النظام والوحدات الكردية والقوات الروسية ومليشيات تابعة لإيران منها حزب الله اللبناني.
ووقعت عدة اشتباكات في أيار الماضي في محاور تل رفعت بين الوحدات الكردية والفصائل المعارضة الموالية لتركيا، حيث تسعى تركيا إلى إزالة الوجود العسكري الكردي في تلك المنطقة وخاصة بعد نجاحها في السيطرة على عفرين وقراها، مما يسهل فتح طريق حلب-تركيا البري.
وقالت مصادر محلية في تل رفعت إن القوات الروسية سحبت عناصرها عندما بدأت الاشتباكات بين الأكراد والمعارضة، ربما لتسهيل العملية على الجيش التركي والمسلحين الموالين له، لكن الميليشيات التابعة لإيران تصدت للقوات المهاجمة بشراسة.
وتدرك إيران خطورة سيطرة القوات التركية ومن معها على تل رفعت، إذ يشكل ذلك تهديداً على الوجود الإيراني في نبل والزهراء، إذ تسيطر حالياً الفصائل الموالية لتركيا على براد، أقرب قرية كردية إلى نبل، ولا تبعد عنها سوى 11 كيلو مترأً.
ويرجح خبراء، بأن الصفقة الروسية التركية هي بالدرجة الأولى لإضعاف الأكراد في تل رفعت ولربط مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون" ببعضها لتشمل مناطق واسعة شمال غربي البلاد.
ويقول خبراء أن لا مصلحة لإيران بهكذا صفقة، وتتمسك بنبل والزهراء دفاعاً عن السكان الشيعة في البلدتين.
فقد أكد كيريل سيمونوف، خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية أنه "لا يستبعد اتفاق روسيا وتركيا على تبادل أجزاء من إدلب مع أخرى في محيط تل رفعت حفاظا على الاتفاقات المبرمة بينهما".
وبحسب وسائل إعلام سورية، أعطى بشار الأسد إيران، الضوء الأخضر لـ "تمركز سفن تابعة للبحرية الإيرانية في الميناء الرئيسي للبلاد، اللاذقية". ولن تقبل إيران ابالخروج من حلب وريفها بعد أن أنفقت الكثير من المال والعناصر.
وأبرمت روسيا وتركيا عدة اتفاقات (أستانا وسوتشي) بشأن سوريا عامة والمناطق الشمالية خاصة.
ونصَّ اتفاق سوتشي الذي عُقد العام الماضي، على استئناف النقل عبر طريقي حلب - اللاذقية (M4 )، وحلب - حماه ( M5)، الدوليين قبل نهاية عام 2018، لكن الاتفاق لم يُنفذ إلا جزئياً.
وتسيطر فصائل المعارضة المدعومة الموالية لتركيا وهيئة تحرير الشام على طريق حلب - اللاذقية من منطقة الراشدين في ريف حلب الغربي، مروراً بمدينتي سراقب وأريحا وجسر الشغور في ريف إدلب، إلى ريف اللاذقية الشمالي عند منطقة الناجية.
ويقول الخبراء إن تنفيذ الاتفاق الروسي التركي بشأن فتح الطرق الدولية، يتوقف على إقناع روسيا إيران بالانسحاب من نبل والزهراء من جهة وإجبار الأكراد على الخروج من تل رفعت من جهة أخرى للوصول إلى قلب العاصمة الاقتصادية، حلب.
وإذا تمكنت تركيا من السيطرة على الطريق العام الذي يربط حلب باعزاز، ودمشق بحلب، تصبح طرق التجارة سالكة أمام تركيا مروراً بحلب وصولاً إلى الأردن.
لكن يبدو أن تنفيذ هذا الاتفاق غير ممكن في الوقت الحالي بسبب الوجود الكثيف للميليشيات الإيرانية في نبل والزهراء وتل رفعت.
وتقع بلدتا نبُّل والزهراء في ريف حلب الشمالي، ويبلغ عدد سكانهما ما يقرب 70 ألف نسمة ، وتبعدان عن مركز مدينة حلب بـ 20 كيلو متراً على الطريق العام الذي يربط حلب بمنطقتي اعزاز وعفرين، أما إدارياً فتتبعان لاعزاز.
تعرضت البلدتان في عام 2013 لحصار استمر ثلاث سنوات من قبل فصائل المعارضة (أحرار الشام وجبهة النصرة والجبهة الشامية) بعد أن سيطرت على محيط البلدتبن بالكامل باستثناء الجهة الشمالية التي كانت تحت سيطرة الوحدات الكردية وكانت الإمدادات تصل إلى البلدتين من المناطق الخاضعة للوحدات الكردية.
وتمكنت ميليشيات إيرانية منها حزب الله اللبناني، من فك الحصار عن البلدتين في عام 2016 بدعم جوي من الطيران الروسي.
المصدر: بي بي سي عربي