بلدي نيوز - (نجم الدين النجم)
بعد تعرض إيران أمس لهجوم قاس، يعتبر الأكبر منذ حربها مع العراق عام 1988، ازدادت التكهنات المنتشرة أصلاً منذ أشهر، حول الطرائق التي سيتّبعها خصوم دولة الملالي في المنطقة، لتحجيم دورها وقطع أذرعها في كل من سوريا والعراق على وجه الخصوص، ولبنان واليمن ودول أُخرى بدرجة أقل.
الضربة القاسية التي تعرضت لها إيران أمس -باستعراض عسكري في ذكرى حربها مع إيران- والتي تسببت بمقتل وإصابة أكثر من 130 عنصراً من الحرس الثوري الإيراني، أسالت الكثير من الحبر على الورق، لتحليل إذا ما كانت الضربة هذه حدثاً بمحض الصدفة، أم أنه جاء نتيجة تفاعل و ردة فعل على سياسة إيران في المنطقة.
التكهنات المتنوعة التي لا يبدو أنها تستند لأي مصدر أو حتى تحليل منطقي، تفترض أن النظام الإيراني والمخابرات الإيرانية هي من دبرت الحادثة، بهدف الادعاء أن إيران تتعرض للإرهاب وأنها تتعرض لخطر التنظيمات الإرهابية وأنها في دائرة الاستهداف كسائر الدول، في حين تحدث تحليلات أخرى أن الهدف هو شن حملة قمعية في الأحواز، وإيران بحاجة لذريعة لبدئها، وكلا التحليلين يبدوان بعيدين عن الواقع لأبعد الحدود.
فإيران أو المخابرات الإيرانية لو كانت ترغب بفعل كهذا لنفذته في تجمع مدني أو هدف مدني ولكان القتلى من المدنيين وليس 130 من العسكريين، حيث يتميز هجوم الأحواز أن جل الاصابات كانت في العسكريين، ولم يصب تقريباً أي مدني، وهذا ما يجعل فكرة ترتيب الهجوم من قبل المخابرات أمراً مستبعداً، حيث أن إيران لن تذل جيشها بهذا الشكل، كما أنها ليست بحاجة لذرائع لقمع سكان الأحواز، الذين يتعرضون لأبشع أشكال الاستبداد والتنكيل من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية.
عن هذا الموضوع، يقول الباحث "أيهم الأحمد" لبلدي نيوز: "بسبب كثرة أعداء وخصوم ومنافسي إيران في الشرق الأوسط، كأمريكا وإسرائيل والسعودية وحتى روسيا بدرجة أقل، ومع تزايد الرفض الشعبي العراقي للتدخل الإيراني، والضغوط الإسرائيلية الهائلة على إيران للخروج من سوريا، يبدو جلياً أن كل التحليلات المتباينة والمتعارضة التي سمعناها وقرأناها منذ البارحة وإلى الآن، تفضي إلى فكرة واحدة، ألا وهي أن إيران دخلت مرحلة جديدة من الصراع، ستتحمل جميع أعباءه".
وأضاف "الأحمد": "سواء كانت هذه الصفعة التي تلقتها إيران أمس، بفعل أطراف داخلية شعبية مناوئة أو بفعل دول إقليمية منافسة أو دول عظمى مؤثرة في المنطقة، فالنتيجة أن إيران أصبحت في موقف حرج خارجياً وداخلياً، والإصرار على المسير في دربها القديم، سيهدد بشكل حقيقي أسس النظام الإيراني على الجبهة الداخلية الأكثر أهمية".
ويرى "الأحمد" أن "التنظيمات الأُصولية والميليشيات الطائفية العابرة للحدود، التي كانت تدعمها إيران طيلة السنوات الماضية، أصبحت لعنة حقيقية عليها، فإيران إن استمرت بدعمها ستغرق أكثر وسط الضغوطات، وإن تخلت عنها، فإن هذه التنظيمات ستصبح عدواً جديداً يضاف لقائمة الأعداء والخصوم".
وأشار إلى أن "ابتعاد إيران عن المشهد في إدلب، ومحاولتها الظهور بشكل الراعي الدولي المؤثر والساعي لمصلحة أهالي وسكان إدلب، تعتبر أولى المناورات الشكلية لدولة الملالي، لتخفيف الاحتقان وتلميع صورتها السوداء لدى الجميع"، مضيفاً "هذه المناورات ستصبح تنازلات في المستقبل القريب، هذا إذا كان النظام الإيراني يريد البقاء واقفاً على قدميه على أرضه وأمام أنصاره".