بلدي نيوز – (أحمد عبد الحق)
شهد الموسم الرمضاني الحالي غزارة في إنتاج المسلسلات التلفزيونية السورية، إلا أنها اصطدمت بواقع مختلف هذه المرة، حيث أحجمت كثير من القنوات العربية عن بث هذه المسلسلات، وفضلت أعمالا عربية مشتركة عوضا عنها، ما جعلها في مأزق كبير مع بداية موسمها.
وفي الصدد؛ أفادت مصادر معنية بالدراما في سوريا، بأن إنتاج المسلسلات المعدّة للبث خلال شهر رمضان الحالي كان غزيراً، إلا أنه واجه أزمة تسويق على خلفية تداعيات الحرب الدائرة في البلاد.
وقال مستشار درامي سوري، طلب عدم كشف هويته، لـ "الشرق الأوسط"، إن "نحو 25 مسلسلاً سورياً تم إنتاجها العام الحالي، لكن اعتبارات السوق جاءت مخيبة للآمال، ولم تلق إقبالاً من القنوات العربية كما جرت العادة في المواسم السابقة".
وتابعت "الشرق الأوسط" نقلا عن المصدر بأن إطلاق قناة "لنا" السورية الخاصة بداية شهر رمضان، لم ينقذ الموقف، إذ اكتفت بعرض عدد محدود من المسلسلات الحديثة؛ أبرزها مسلسلات "الواق واق وروزنا وترجمان الأشواق".
ووفقا للمستشار الدرامي؛ فإن القنوات العربية باتت تفضل الأعمال المنتجة عربياً، ويشارك في تمثيلها نجوم من سوريا، مثل مسلسلي "الهيبة 2" بطولة تيم حسن، و"الطريق" بطولة عابد فهد ونادين نجيم.
وتسعى الجهات المعنية في حكومة النظام، لتعويض جزء من الخسائر التي يخلفها ضعف رواج المسلسلات السورية، من خلال استيعاب عرضها بالقنوات المحلية والخاصة، مثل "الفضائية السورية"، و"سوريا دراما"، وسما"، و"لنا"، إلا أن تلك القنوات غير قادرة على استيعاب كامل الإنتاج للعام الحالي.
ويستغل النظام "الدراما السورية" لتعويم أفكاره، التي يريد خلال سبع سنوات مضت، من خلال فئة الممثلين الموالين له، لاسيما من أظهروا ولائهم علانية وشاركوا في التجييش ضد المناطق الثائرة، والعمل على رفع معنويات جيش "الأسد"، وحتى زيارة القطع العسكرية التي تقوم بقصف المدنيين وتشجيعهم على ذلك.
وعملت مؤسسات النظام من خلال بعض الأعمال على دعم فكرة "الإرهاب و"داعش"، وتغذيتها في عقول المتابع العربي بشكل عام، على أن ما يحصل في سوريا هو حرب على "الإرهاب"، إضافة لتجسيد أبشع الصور في تصوير الحراك الثوري والفصائل المسلحة وتنظيم "داعش" وممارساته.
وقام النظام عبر المسلسلات الدرامية، بتشويه صورة المجتمع السوري بشكل مقصود، لاسيما مسلسل "باب الحارة" الذي تعددت أجزائه وبات باب انتقاد كبير، إلا أن النظام استغل شهرة وانتشار هذا المسلسل الذي يصور الحياة الدمشقية، والشهامة، والمروءة، والعزة، والبطولة في مقاومة المستعمر، ليعكسها بشكل مغاير، ويعطي صورة هشة للمجتمع الذي تحكمه النزوات والخصومات على الزعامة، والتعامل مع المحتل، كسر فيها هيبة "الزعيم" وحوله لشخصية هزيلة، وصورة "عكيد الحارة" لعاشق تائه، وكبير الحارة لعميل للمستعمر.
وحول النظام نقابة الفنانين لمجرد فرع أمني، يتحرك بأوامره كما يريد، ونبذ كل من يخالف أو يعارض، حيث قررت نقابة الفنانين السوريين في عام 2015 الاستغناء عن 200 فنان، أي أكثر من ثلثي صناع الدراما السورية ونجومها، حيث طوت قيدهم بحجة تخلّفهم عن دفع الرسوم المترتبة عليهم للنقابة، على مدار الأشهر الستة الماضية.
وقرار الفصل الذي اتخذته النقابة، يفتح الباب واسعاً لأسئلة كثيرة عن ماهية نقابة الفنانين ومسؤوليتها الأولى، وهي حماية أعضائها، وإذ هي تتحول اليوم إلى مجرد جابٍ للمال، بعد أن كانت كسائر النقابات المهنية التي تعمل تحت عين الاستبداد وبين يديه، الوجه اللطيف لفرع أمني يحصي أنفاس أعضائه بأناقة، ويلوّح بعصا التأديب، إن خرجوا عن الطاعة.