The National – ترجمة بلدي نيوز
واحدة من الجمل الشائعة التي قالها السوريون مراراً وتكراراً من الجانبين المتحاربين _ هي أن حل الصراع ممكن عندما يقرر "اللاعبون الكبار" وضع حد له.
هؤلاء اللاعبون قد أصدروا قراراً بالإجماع، يوم الجمعة في مجلس الأمن، يدعو لمفاوضات سلام ووقف إطلاق النار لتوجيه البلاد نحو تسوية سياسية.
وقد قال وزير الخارجية الامريكي جون كيري بعد التصويت الناجح على القرار: "هذا المجلس قد أعطى رسالة واضحة إلى جميع المعنيين أن الوقت قد حان لوقف القتل في سوريا وإلى تمهيد الطريق لتشكيل حكومة يدعمها الشعب السوري الذي عانى طويلاً".
وسواء خارج سورية أو داخلها، أحيى القرار الآمال بأنه قد يكون في الواقع بداية لعملية جادة لإيجاد حل سياسي، وأنه سيحقق الكثير، على الأقل في منع الصراع المتصاعد من الخروج عن السيطرة.
ولكن يبدو أن التفاؤل في غير محله، فالقرار لا يستند إلى أي تقدم أو أهداف يمكن تحقيقها في المستقبل المنظور، فبدلاً من التركيز المعتاد على صعوبة حشد المعارضة حول رؤية واحدة لإنهاء النزاع، يجب إلقاء الضوء على العملية المستعصية وهي: مصير بشار الأسد.
فطوال فترة الصراع، سعت القوى الغربية والإقليمية لإقناع إيران وروسيا للتخلي عن السيد الأسد للتوصل إلى تسوية سياسية، فطهران التي وافقت على التخلي عن رجل العراق القوي، نوري المالكي، لماذا لا تفعل الشيء نفسه مع الديكتاتور السوري؟ روسيا وإيران، وفقاً لهذا المنطق، سيحافظون على مصالحهم من خلال رأس نظام_ حتى دول الخليج قد أشارت إلى أنها قد تدعمه، بما في ذلك: بما في ذلك الجنرالات العلويين مثل المتقاعد علي حبيب أو حتى الذي قتل - آصف شوكت.
لكن مصير الأسد لا يتوقف على كونه شخص قد تتخلى عنه إيران أو روسيا، ولكنه يمثل استمرارية النظام القديم، بقاءه يضمن السلطة النفسية والأخلاقية على مؤيديه، وحتى على كثير من خصومه، وهذا ما يعتقده الكثيرون في معسكر النظام عندما يتحدثون عن "مؤسسات الدولة"، لأن بقاء النظام يعني أن أي حكومة مستقبلية يمكنها استرجاع هيكل الحكم القديم حتى لو كان قد انهار في معظم أنحاء البلاد.
إذاً حتى لو جاء رئيس موالي علوي محل السيد الأسد، فالعديد من المقربين لدوائر النظام يشككون بأن الرئيس الجديد سوف يطاع.
فالبلاد الآن مجزأة إلى أقسام كثيرة بين فصائل مقاتلة عديدة تحت قيادة أكثر من قائد ميداني، وعلى الرغم من هذا الواقع، لا تزال أوامر قصر الشعب يتم الالتزام بها في المناطق التي يسيطر عليها النظام حتى لو تتمتع ميليشياته بمجال واسع للتحرك.
وبالمثل، في بعض المناطق التي تسيطر عليها جماعات مثل تنظيم الدولة، تجنب البعض الانضمام إليها أو إظهار الدعم للفصائل المسلحة علناً، خوفاً من عودة النظام.
وبالنسبة للكثير من مؤيدي النظام، "إعادة الأشياء إلى وضعها مرة أخرى" هو أفضل من لقاء المعارضة في حل وسط للشروع في مسار جديد، فبقاء الأسد بالنسبة إليهم هو أضمن طريقة لتجنب مستقبل مظلم، حتى لو كان أنصار النظام سيتحملون المزيد من الخسائر، ويقول آخرون أن مثل هذا التنازل سيضبط عمل المعارضة ليسعوا باستمرار للتغيير، وفي نهاية المطاف سيعملون على استئصال هيمنة النظام على البلاد.
وبالمثل ، فإن بقاء الأسد على رأس السلطة في دمشق هو أمر لم تفكر فيه المعارضة ملياً، فهم يساومون على حل وسط يبقي الأسد في السلطة وبالتالي سيخسرون دعم دوائرهم الانتخابية.
كما يجب عدم الخلط بين اتفاق وقف إطلاق النار وبين قبول تسوية سياسية بقيادة الأسد، ففكرة أن تذهب المعارضة السياسية وخصوصاً المسلحة إلى دمشق للمشاركة في الحكومة في حين لا يزال الأسد موجوداً هو انتحار سياسي إن لم يكن جسدياً أيضاً.
الشيء نفسه ينطبق على مؤيدي النظام، فبقاء الأسد في السلطة للحفاظ على مصالح إيران وروسيا، على الرغم من هواجس أخرى، سوف يضيف أعباء على مهمتهم في سورية، فعواقب إبعاده لا يمكن التنبؤ بها، وثمن التخلي عنه لا يمكن أن تكون مضمونة.