بلدي نيوز-(المحرر العسكري)
يبدو أن مصطلح "ذيل الكلب" لم يكفي لإذلال النظام وجيشه، بل وضع أحد العناصر الروس صورة واحدة، كانت كافية لإذلال جيش النظام ومؤيديه لأقصى حد.
فقد وضع جندي روسي حبتي بطاطا وبيضة، وهي الجعالة اليومية لإفطار وعشاء عنصر من النظام، أمام مجموعة كبيرة من المعلبات، والعصائر والحلويات، والتي هي طعام الجندي الروسي، حيث ظهر الفرق الكبير بين طعام الجندي الروسي (خمس نجوم)، وطعام عناصر النظام خلال "الحرب الكونية"، والذي كان طعام الجنود الروس خلال الحرب العالمية الثانية أفضل منه.
ما يحدث هنا ليس أمراً بسيطا، فالمقارنة بين طعام عناصر النظام وعناصر الجيش الروسي، تكشف حقيقة مهمة، هي أن النظام يستعبد جنوده بالمعنى الحرفي للكلمة، فعناصر النظام مخصصاتهم اليومية قرابة 150 ليرة للعنصر، أي قرابة ثلث دولار أو أقل من ذلك، في حين تبلغ جعالة الجندي الروسي من الطعام فقط قرابة 15 دولاراً يوميا زمن السلم (وأكثر من ذلك بكثير للجندي الامريكي).
ما يجعل من هذه المقارنة مقارنة مجحفة، وغير منطقية، ويكشف حجم الاستثمار الروسي في سوريا، والسبب الأساسي لاعتمادها على عناصر النظام والميليشيات الشيعية، مقارنة بعدم جلبها لعناصر روس بشكل كثيف، فالنظام يستخدم فعلياً عناصر من "العبيد".
كذلك لو قارنا طعام عناصر النظام بطعام مقاتلي الفصائل المختلفة، فسنجد أن الفصائل تطعم مقاتليها طعاما جيدا، والانفاق اليومي على الفرد يتجاوز الدولارين لبعض الفصائل، خصوصاً أن الطعام بالنسبة للفصائل من غير المناطق المحاصرة هو طعام أكثر تنوعا، أما بالنسبة لتنظيم الدولة، فهو الافضل إطعاما لعناصره، سواء ميدانيا أو في معسكراته .
بالنسبة للميليشيات المقاتلة مع النظام، فالعراقية منها هي الافضل طعاما، تليها اللبنانية ثم الايرانية، وفي نهاية السلسلة الافغانية، وهذا عائد للمخصصات المالية للطعام لكل ميليشيا، وطبيعتها.
فعلى الرغم من أن طعام الميليشيات الافغانية هو الأتعس، لكنه أفضل بكثير من طعام عناصر النظام، وبخاصة أنه يشمل في معظم الاحيان وجبات جاهزة من الفروج والطعام الجاهز المطبوخ (الذي يعتبر فاخرا بالنسبة للأفغان).
أما بالنسبة لعناصر النظام، الذين هم في أسفل السلسلة، فهم كذلك مقسمون لدرجات، أعلاها الميليشيات المختلفة المغطاة إيرانا أو روسيا، وطعامها الافضل، ثم الميليشيات التابعة للنظام والتي لا تنضوي تحت جيشه، مثل ميليشيا سهيل الحسن وغيرها، ثم عناصر الأفرع الامنية ثم الدفاع الوطني، وثم الفرق الكبرى الطائفية (حرس جمهوري، فرقة رابعة)، وفي قاع الهرم، يقبع "الجيش النظامي"، والذي يعتبر الأتعس بين وحدات النظام في كل شيء.
باستثناء جيش النظام نادراً ما تجد عناصر تقتات على البطاطا بشكل ثابت، حيث يوجد لدى جيش النظام جدول طعام معين، لم يتغير خلال الاربعين عاماً الماضية، هو جدول نباتي بالمجمل، ويحتوي الغداء فيه على الرز والبرغل بالتناوب، واللحم والفروج مرة واحدة أسبوعياً بالتناوب (في زمن السلم)، أما في زمن الحرب فيصبح (نظرياً) اللحم بشكل يومي (فروج ولحم بالتناوب)، وتضاعف جميع المخصصات الأخرى، لكن هذا لم يحدث لدى النظام مع بداية المعارك، وهذا عائد لرغبة النظام في ضغط النفقات، وأول ما وجده لتخفيض النفقات الابقاء على سقف طعام العناصر، إضافة لتضخم حالة النهب التي كانت واسعة قبلا، لكنها أصبحت أكثر مع بداية الحرب في سوريا.
عمليا، تعاسة طعام عناصر النظام (اضافة لجميع الأمور المتعلقة بتعاسة وضع العناصر) كان له أثر معين، تمثل بتسرب الكثير منهم وبخاصة المتطوعين وعناصر الاحتياط إلى الميليشيات المختلفة، سواء الشيعية أو المدعومة من ايران وروسيا، وتسببت بحالة حديدة تتمثل في عملية إعادة استقطاب للعناصر، فالنظام ليس لديه مغريات حقيقية لتطويع العناصر، ولكنه يحصل عليهم بالتجنيد الاجباري، في حين تكسب الميليشيات العناصر عبر جملة من الامور أولها اطعامه طعاما "جيدا"، وتقديم المعونات الشهرية والسلل وغيرها من الامور، في حين يستعبد النظام مجنديه، ويجبرهم على الموت جوعى، في سبيل أن يبقى بشار الأسد في سدة الحكم، ويتلذذ بتناول كل أنواع الفواكه والأطعمة، التي لا يعرف مؤيديوه معظمها.