بلدي نيوز – (ميرفت محمد)
قتل قبل يومين الوسيط المفاوض بين ميليشيا (حزب الله) اللبناني و(هيئة تحرير الشام)، أحمد الفليطي، باستهداف سيارته بصاروخ في جرود عرسال شرقي لبنان، بينما كان الرجل يسعى لوقف المعارك في هذه المنطقة الحدودية مع سوريا.
أصابع الاتهام في هذه الجريمة موجهة نحو ميلشيا (حزب الله)، التي بدأت عملية عسكرية "لتطهير جرود عرسال والقلمون من المسلحين الإرهابيين" كما زعمت، وذلك بدعم جوي من النظام السوري بدأ الأربعاء الماضي بقصف جوي شديد على المناطق الحدودية، وأيضًا بتنسيق مع الجيش اللبناني، حيث يتواجد في هذه المنطقة فصائل من (الجيش الحر) و(هيئة تحرير الشام)، وتتواصل هذه المعركة مع مصير مجهول ينتظر مخيمات (عرسال) التي يقطنها عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين.
(حزب الله) يريد "خروج المنتصر"
ما يجري في عرسال لا يمكن فصله عما يجري بسوريا بوجه عام، فحزب الله يريد الخروج بإيجاد انتصارات وهمية لحفظ ماء الوجه، وذلك بالاتفاق مع المخابرات السورية وبغض الطرف من قبل الجهات الروسية.
يؤكد الصحافي السوري المقيم في لبنان (أحمد القصير) أن هدف الجيش اللبناني من خوض معركة عرسال هو تأمين جرود عرسال التي تقع ضمن الأراضي اللبنانية، ولذلك أعلن انه لن يتدخل في المعركة بسوريا، أما فيما يتعلق بـ(حزب الله) فهو يريد "خروج المنتصر" من سوريا حسب (القصير)، إذ تعتبر المعركة النهائية له في هذه المنطقة، ولذلك يحاول بشتى الوسائل إنهاء معركة (عرسال) التي يتحجج بها.
ويعتقد (القصير) أن المعركة في عرسال قد تتجه نحو جعلها مناطق خفض التوتر ضمن الاتفاق الأمريكي الروسي، مضيفًا لبلدي نيوز "لذلك حزب الله يسابق الزمن للحصول على سيطرة على هذه المنطقة، فالاتفاقات كلها تقضي بخروج حزب الله وإيران من سوريا".
ما مصير لاجئي عرسال؟
يصف مدير الرابطة السورية لحقوق اللاجئين (محمد النعيمي) على أن الجيش اللبناني بـ"مسلوب القرار"، فرغم إعلان الحكومة اللبنانية رسميًا منذ انطلاق الثورة عام 2011 أنها ستتبع سياسة النأي بالنفس عن القضية السورية، إلا علاقات رئيس الجمهورية اللبنانية بميليشيا (حزب الله) ومن خلفه إيران استطاعت جر الجيش اللبناني إلى أتون الصراع في سوريا، وربط القرار المصيري للبنان بسوريا.
ويؤكد (النعيمي) على أن ما يجري في عرسال يحمل أكثر من وجه، أوله تسجيل انتصارات وهمية لحزب الله، ثم تأتي محاولة دخول مليشيا حزب الله من القصير والقلمون الغربي لدفع المسلحين تجاه جرود عرسال والاختلاط باللاجئين كي تكون ذريعة للضغط على اللاجئين بالعودة إلى مناطق النظام السوري، تحت بند المصالحات الوهمية.
وفيما يتعلق بأوضاع اللاجئين السوريين، يقول (النعيمي) "منذ أكثر من خمس سنوات يعيش اللاجئون السوريون في لبنان حالة مأسوية، فاللاجئ السوري لا يتم التعامل معه حسب اتفاقية جنيف الموقعة العام 1951 التي وقعت عليها لبنان، ولا يتعامل معه ضمن المعايير القانونية الدولية ولا المعايير الأخلاقية والإنسانية، فهناك أكثر من 750 ألف مطلوب أمنيًا لعدم امتلاك الوثائق،منهم عشرة آلاف موقوفين بتهمة عدم امتلاك وثائق، حسب (النعيمي).
ويشدد (النعيمي) خلال حديثه لبلدي نيوز على أن النظام السوري لا يملك أي قرار، وإنما القرار لروسيا وإيران حتى لو حاول حلفائه تلميعه، ويختم بالقول "نظام الأسد أصبح في طي الماضي، وما يقدمه حزب الله ليس دعمًا للأسد، لكنها عملية تلميع وتبييض وحفظ ماء الوجه لانتصارات وهمية في جرود عرسال وخلط القضايا الإنسانية بالقضايا العسكرية والسياسية".
النظام يريد إجلاء فصائل الجيش الحر
يشدد السياسي السوري ورئيس هيئة الإنقاذ السورية (أسامة الملوحي) على أن مخيمات عرسال لم تشكل في الأشهر الماضية، أي خطر على الأمن اللبناني، فالتفجير الذي وقع بملابسات غير واضحة، تم تضخيمه.
ويوضح (الملوحي) أن العمليات الضخمة التي يشارك فيها الجيش اللبناني و(حزب الله) في عرسال، تتم بأوامر وتنسيق مع النظام السوري بغية الوصول إلى جرود (فليطة) في جبال القلمون، المنطقة القريبة على عرسال من الجهة السورية، وفيها مجموعة من الفصائل السورية شديدة القتال، مضيفًا لبلدي نيوز "هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها حزب الله اقتحام المناطق التي فيها جرود فليطة وما حولها، وهي منطقة ليس من السهل على حزب الله اقتحامها، فالمقاتل السوري هناك الأفضل والأقوى".
ويشدد (الملوحي) على أن العمليات الحالية هي بأوامر من النظام السوري وربما روسيا، وذلك لكون هذه المنطقة لا تبعد كثير عن دمشق، موضحًا "النظام وحلفاؤه يريدون السيطرة علي هذه المنطقة من منطلق أنها (خواصر دمشق) كما تسمى من جهة الشمال الغربي، فالمقاتلون هناك كلما شنوا هجوما حققوا نجاحا وتوصلوا إلى ما يريدون، لذلك يتم الدفع لإخراج هذه الفصائل من ضمنها الجيش الحر، بحيث يتم إجلائها بنفس الطرق التي تم بها إجلاء مقاتلي بلدات دمشق"، ولا يستبعد (الملوحي) وقوع ضغط على بعض الفصائل، لكنه استدرك القول "ليس من السهل الوصول لاتفاقيات مع الفصائل الإسلامية لأن تغادر هذه المنطقة، ربما حشد النظام السوري والحشد من الجيش اللبناني بعد أسابيع من المعركة سنسمع العويل من الجانب اللبناني، بسبب بسالة المقاتلين في هذه المناطق"، حسب قوله.