بلدي نيوز – (منى علي)
فيما سيبقى الفضاء مفتوحا لسكان الساحل السوري الذي تحتله روسيا، ودمشق ومحيطها الذي تحتله إيران، وكذلك سائر المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية الانفصالية شرقي وشمالي سوريا، تقضي المبادرة الروسية التي ستقدم للأطراف المتفاوضة في أستانا، بإنشاء أربع "مناطق آمنة" في إدلب وشمالي حمص والغوطة الشرقية وجزء من حوران، حيث التجمعات "العربية السنية" التي ما زالت عصية على التطويع من قبل روسيا وإيران ونظام الأسد، لتتحول هذه المناطق إلى معتقلات كبيرة تحرسها قوات أجنبية بمباركة دولية، ومن الطبيعي والبدهي أن تكون روسيا وإيران وميلشياتها من عداد تلك القوات!.
وحظيت "الفكرة" الروسية بمباركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أكد خلال مكالمة مع بوتين أمس الثلاثاء أنه سيرسل موفداً من قبله لحضور جولة "أستانا4"، كما حظيت الفكرة بتأييد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي زارت سوتشي أمس والتقت بوتين، وعبرت عن اهتمامها بالفكرة الروسية (المناطق الآمنة) وضرورة تطويرها، ويبدو اهتمام ترامب وميركل منصبا على حلحلة مشكلة اللاجئين السوريين وحبسهم في بلادهم وإن كان في "حظائر" تحرسها روسيا وميلشيات "زينبيون" و"فاطميون" و"النجباء"!، كما رشحت معلومات عن أن قوى عربية من "الجزائر ومصر" أو "دول البريكست" قد تشارك في حماية وحراسة تلك المناطق، وجميع تلك الدول حليفة علناً أو ضمناً لنظام بشار الأسد.
التسريبات والمُعلن من الخطة حتى الآن دفع ناشطة سورية للقول إنها (المناطق الآمنة) عبارة عن معتقلات كبيرة لسُنّة سوريا!..
أما الصحفي والكاتب السياسي السوري "غازي دحمان" فرأى أن "فكرة المناطق الهادئة التي طرحتها روسيا ليست أكثر من إستراتيجية استباقية مضادة، الهدف منها تدمير الإجراءات التي يحاول الطرف الآخر ممثلا بأميركا والدول المحسوبة على أنها داعمة للثورة في سورية، وفي رأي موسكو أن هذه الأطراف تتجه لصناعة إستراتيجية متماسكة تبدأ بإنشاء مناطق آمنة وتكوين تحالف عربي ضد إيران، وأن هذه الإجراءات جدية وهي في طور دراسة جدواها وتكاليفها المالية والبشرية، وبالتالي يتوجب التدخل بأفكار مضادة الهدف منها تقديم بدائل أقل تكلفة تغري من خلالها الأطراف المعنية وتكون بداية لتفكيك بقية الإجراءات".
وتابع "دحمان" في حديث خاص لبلدي نيوز: "من المعلوم أن إدارة ترامب لديها بعض الحذر من حجم التكاليف التي قد تترتب على المناطق الآمنة والخوف من الغرق في المستنقع السوري، كما أن بعض الدول العربية تحاذر من التزام طويل المدى قد يصل إلى حد تلزيمها إعمار المناطق الآمنة وتجهيز بنى تحتية لها قد تكلف مليارات الدولارات في ظل حالة عدم وضوح عن المسار السياسي وأين سيصل وهل سيتم تنحية بشار الأسد عن السلطة وما هو دور إيران."..
وأضاف الكاتب السوري "غازي دحمان": "الفكرة الروسية، المناطق الهادئة، تأتي أيضا في ظل تحركات على الجبهة الجنوبية والحديث عن عودة تركيا إلى نشاطها في شمال سورية وهي تطورات إن اكتملت سياقاتها ستشكل مخاطر على مناطق سيطرة نظام الأسد وقد تؤدي إلى قضم مساحات كبيرة منها، كما قد تغير من المعادلة الحالية التي هي لصالح النظام نتيجة التدخل الروسي الإيراني، وفكرة المناطق الهادئة ستؤدي إلى الحفاظ على مكاسب الأسد وحلفاءه، وتجمد الصراع إلى حين يستطيع تحالف الأسد إيران وروسيا التقاط أنفاسه بعد مجاهيد مبالغ فيها تم بذلها في حلب وحماة وضعف وتشتت في درعا والقلمون."
ويتطرق "دحمان" إلى الغايات الخفية لروسيا بالقول: "روسيا لديها رهانات أبعد تتمثل في حصول صراع بين الفصائل الثورية يؤدي إلى القضاء عليها بعد أن يتم حصرها ضمن مناطق معينة، بالإضافة لذلك يمنحها هذا الوضع قدرة على قضم المساحات التي تريدها بهدوء وبذريعة وجود خروقات صغيرة لا تؤثر على الوضع العام كما حصل في الهدنة الأخيرة".
ويخلص الصحفي "دحمان" إلى القول: "المناطق الهادئة إستراتيجية روسية خبيثة يجب رفضها من الثوار أو فضح أهدافها ومراميها، وروسيا كما جعلت سورية مختبراً لتجريب أسلحتها تحاول جعلها مختبراً لإثبات فحولة دبلوماسيتها"!.