(الغارديان) – ترجمة بلدي نيوز
خلق نظام تسجيل اللاجئين التابع للاتحاد الأوروبي على الجزر اليونانية فوضى عارمة، وفقاً لمنظمة هيومن رايتس، فالنظام المكون من ثلاث طبقات يعمل على تفضيل جنسيات معينة على الآخرين، وهو ما شجع بعض الجماعات العرقية للكذب بشأن خلفيتهم للحصول على معاملة أفضل.
هذه الديناميكية المتبعة قد تزيد من المخاوف بشأن التهديدات الأمنية، التي تمثلها مئات آلاف المهاجرين الواصلين لأوروبا، وسط رد فعل عنيف ضد اللاجئين عقب هجمات باريس، وبعد العثور على جواز سفر للاجئ مر باليونان بجانب أحد انتحاريي باريس.
فطالبوا اللجوء في اليونان والذين بلغ عددهم 400،000 شخص حتى الآن في عام 2015، يفرزون كالتالي: تعامل الأسر السورية التي وصلت اليونان إلى جزيرة ليسبوس معاملة خاصة، حيث يسمح لهم بمغادرة الجزيرة لقارة أوروبا في غضون 24 ساعة، أما الذكور السوريين واليمنيين والصوماليين فيوضعون في مخيم منفصل في عملية أبطأ ولكنهم لا يزالوا يتلقون معاملة أفضل من غيرهم، حيث يستطيعون مواصلة رحلتهم في غضون يوم.
أما الفئة الثالثة، من طالبي اللجوء من بلدان مزقتها الحروب مثل العراق وأفغانستان فتتم معالجة أمورهم في مخيم آخر، حيث تتواجد ماسحات ضوئية للجوازات لكشف المزور منها وبالنتيجة تكون عملية التسجيل فوضوية، قد تصل لأسبوع والتي أدت إلى نوم العديد من غير السوريين في البرد والعراء في الشتاء ولعدة ليال، في انتظار تسجيلهم .
وقال رئيس بلدية الجزيرة لصحيفة الغارديان أن عملية الفرز تعتمد على ثلاثة طبقات انسانية، والهدف منها هو منع القتال بين الجماعات والقوميات العرقية والطائفية المختلفة، فيما أقر مدير أحد المخيمات الثلاثة بأنه تُعطى لغير السوريين أولوية أقل لأنه ليس لديهم أسباب قوية للجوء.
في المخيم ( ذا الأولوية الأقل) يوجد العراقيون والأفغان والباكستانيين ومعظمهم من المهاجرين لأسباب اقتصادية، وقال سبيروس كورتيس، في مقابلة مع صحيفة الغارديان: "على نقيض ذلك فمراكز اللاجئين الأكثر تجهيزاً هي للدول التي لديها ملف للاجئين".
وقد أثار نظام فرز اللاجئين غضب بعض الأفغان والعراقيين الذين يشعرون بالاستياء من معاملتهم كلاجئين من الدرجة الثانية، فيما يعتقدون أن لهم الحق بطلب اللجوء كالسوريين تماماً.
وقد أدى الإحباط إلى توترات بين الأفغان ومجموعات أخرى في معسكرهم، فيسأل الأفغاني الباكستاني "أليست الباكستان آمنة ؟" ويرد الآخر بان هناك أسباب جعلتهم يغادرون مناطقهم، في إشارة إلى حالة عدم الاستقرار في إقليم (خيبر بختونخوا) والذي أدى إلى نزوح أكثر من 700،000 باكستاني .
كما يلقى السوريون ترحيباً حاراً في المانيا، حيث قال وزير الداخلية أنه من غير المقبول أن يحاول الكثير من الأفغان طلب اللجوء لألمانيا، وأعرب عن خيبة أمله من عدم محاولتهم إعادة بناء بلدهم التي مزقتها الحرب.
كما أن دولاً أوروبية اخرى قد بدأت هذا الاسبوع التدقيق بناءً على القوميات ومنع الوصول الأفارقة والآسيويين إليها، إلا أنها لا تزال تعطي الأولوية للأفغان - خلافا لما حدث في ألمانيا واليونان.
وفي اليونان، أدى نظام الفرز إلى انتحال بعض العراقيين لهوية السوريين من اجل تسريع عملية تسجيلهم ، وهو ما سلط الضوء على الثغرات الأمنية في عملية التسجيل.
يقول عبد الله حسن، من دمشق أحد السوريين الواصلين لليونان: "لقد كانت عائلتي السوريين الوحيدين على متن زورق صغير فيه ما يقرب من 40 شخصا، وقد طُلب منا قبل الوصول إلى الشواطئ اليونانية (أن لا نقول أنهم عراقيين)".
وقد فرز المسؤولون اليونانيون اللاجئين بحسب أولويات اللجوء، فُفضل السوريين على جنسيات أخرى طوال الصيف، ولكن التحيز أصبح أكثر وضوحاً في خريف هذا العام، بعد فرض الاتحاد الاوروبي نظاماً جديداً لتبسيط عملية تسجيل طالبي اللجوء في لسبوس، وتشديد الإجراءات الأمنية، والتأكد من كشف أكبر عدد ممكن من عمليات الاحتيال.
ولكن على الواقع، ولأن دول الاتحاد الأوروبي قد أرسلت أقل من نصف عدد موظفي الحدود كما وعدت، فلم يكن أمام المسؤولين اليونانيين ما يكفي من الموارد اللازمة لجعل النظام التدقيق الجديد يعمل بسرعة كافية.
فرونتكس، وهي وكالة الحدود في الاتحاد الأوروبي، طلبت 775 حرس حدود من أجل جعل النظام أكثر أمناً، ولكن حتى الآن لم ترسل المنظمة إلا 320 ، 67 منهم متواجدين على جزيرة ليسبوس نفسها.
وحتى الرابع من شهر تشرين الثاني، لم ترسل الدول المنعزلة عن أوروبا (بولندا وصربيا) أي حرس حدودي، فيما بعثت هنغاريا حارساً واحداً فقط، الأمر الذي أبطئ عمليات تسجيل اللاجئين وحفز الكثيرين على انتحال جوازات سورية .
ويقول بيتر بوكارت، مدير قسم الطوارئ لهيومن رايتس ووتش: "إن هذه العملية خلقت الفوضى وواحدة من تداعياتها ستكون خلق سوق ضخمة لجوازات السفر المزورة في تركيا، حيث يرغب الكثير من العراقيين واللبنانيين بشراء جوازات سورية".
وتجادل جماعات حقوق الإنسان أن المشاكل الأمنية والإنسانية مع نظام التسجيل في الجزر تبرز الحاجة لتوسيع نطاق إعادة توطين اللاجئين في الشرق الأوسط، لأن هذا من شأنه أن يسمح لأوروبا بتدقيق اللاجئين قبل وصولهم إليها، وبالتالي عدم إعطاءهم الحافز لاستخدام القوارب في البحر.
وقال مايكل ديدرينغ، الأمين العام للمجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين، وهو تحالف يضم 90 مجموعة لحقوق المهاجرين: "إن استخدام قنوات آمنة وقانونية للأشخاص الذين يحتاجون للحماية الدولية سيقلل الحاجة لاستخدام نظام (الأولوية لبعض الجنسيات) وسيعطل الأعمال التجارية لمهربي البشر".