بلدي نيوز – (منى علي)
أجرت وكالة الأنباء الفرنسية، أول أمس الخميس، حوارا مع رأس النظام بشار الأسد، نفى فيه نفيا قاطعاً أن يكون جيشه قد استخدم السلاح الكيماوي في خان شيخون أو غيرها طوال سنوات حربه على السوريين!، متهما "جبهة النصرة" بقصف كل المواقع التي استهدفت بالكيماوي، وفي الحوار نفسه سخر بشار الكيماوي من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ومن وزير خارجيته تيلرسون، كما تناقض مع تصريحات وتطمينات لافروف لوزير خارجيته المعلم إذ أبلغه أن الضربة الأمريكية لنظام الأسد لن تتكرر، فيما قال بشار إن ذلك ممكن في أي وقت!
فحول سؤال عن هجوم خان شيخون الكيماوي، قال رأس النظام: "لم يصدر أي أمر بشن أي هجوم، كما أننا لا نمتلك أي أسلحة كيماوية، حيث تخلينا عن ترسانتنا قبل بضع سنوات. وحتى لو كان لدينا مثل تلك الأسلحة، فإننا ما كنّا لنستخدمها. ونحن لم نستخدم ترسانتنا الكيماوية أبدا في تاريخنا"، مؤكدا أن الحادثة والصور والفيديوهات "مفبركة مئة بالمئة"!
وعن الضربة الأمريكية وموقفه من الرئيس الأمريكي ترمب، قال بشار إن الدولة العميقة هي التي تحكم، والرئيس ترمب "هو أحد المؤدين على المسرح الأمريكي"، معقباً: "إذا أراد أن يكون قائدا حقيقيا، فسيترتب عليه لاحقا أن يأكل كلماته ويبتلع كبرياءه، هذا إذا كان لديه أي كبرياء على الإطلاق".
كما شن رأس النظام هجوما على وزير خارجية ترمب، تيلرسون، لقوله "إن حكم عائلة الأسد قد شارف على نهايته"، متهما إياه بأنه "يهلوس"، موضحا بشكل يجافي حقيقة نحو نصف قرن من حكم عائلة الأسد الدموية: "ليس هناك حكم لعائلة الأسد بأي حال من الأحوال في سوريا. إنه يحلم، أو لنقل إنه يهلوس".
الكاتب السياسي السوري د. عماد العبار عقب على حوار الأسد، بالقول: "أعتقد أن تصريحات رأس النظام السوري بخصوص ما حدث في خان شيخون لا يؤخذ بها، وهي تصب في استراتيجية اتبعها النظام وإعلامه منذ اليوم الأول ووعد بها وزير خارجيته وليد المعلم تتمثل في إغراق العالم بالتفاصيل، ومحاولة استثمار الوقت الهامشي بزيادة خلط الأوراق".
وفي حديث خاص لبلدي نيوز، قال د. العبار إنه "يمكن ملاحظة التخبط في تصريحات جانب أهم من رأس النظام، الذي بات تابعاً بشكل كامل اليوم، وهو الجانب الروسي؛ فتناقض التصريحات ظهر منذ اليوم الأول لمجزرة خان شيخون حين قدّم بوتين تفسيرين مختلفين تماماً لما حدث، أو نظريّتين، وهما أن يكون النظام قد قصف مستودعاً للذخيرة الكيماوية، أو أن يكون الأمر مفبركاً بالكامل، وهذا ما ناقض بيان وزارة دفاعه التي أكدت قصف النظام لمستودع للذخيرة الكيماوية وحدد توقيته أيضاً".
وبالعودة إلى حوار بشار الكيماوي، أضاف الكاتب السياسي "العبار": "رأس النظام يكذب، ويعلم بأنه يكذب، ويعلم أنّ حديثه لا يخضع لأي تقييم، أو بالأحرى لا قيمة له سوى إثبات أنّه ما يزال موجود أمام بقية مؤيديه؛ فهو يدّعي أنّ جبهة النصرة هي المسؤولة عن المجزرة لأنها المسيطرة على المنطقة بحسب ادعائه، وكأن طيران نظامه لم يكن قد دمّر نصف المدن السورية التي خرجت عن سيطرته! ثم قال بأنّه لا يملك سلاحاً كيماوياً وأنّ نظامه لم يستخدم هذه الأسلحة من قبل، مع أنّه سلّمها راضخاً بذلك للإدانة الدولية له باستخدامها في الغوطة الشرقية. لو كان النظام غير متورّط في استخدام السلاح الكيماوي لما استخدم حليفه الروسي الفيتو لإسقاط مشروع قرار يقضي بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في المجزرة".
وعن عدم استبعاد بشار الكيماوي حدوث ضربات أمريكية لاحقة، قال "العبار": "هذه مجرد محاولة للظهور بمظهر اللامبالي تجاه الولايات المتحدة، وليظهر أمام أتباعه بمظهر المستهدف محاولاً إحياء ذكرى العراق لاستثمار الغضب الشعبي تجاه أمريكا.. لكنّ بشار ينسى أنّه ليست كل الأنظمة الديكتاتورية قادرة على تحقيق بعض الشرف من ضرب الولايات المتحدة لها؛ نستطيع القول إنّ بعضها فقط ينال هذا الشرف.. ونظام الأسد ليس من هؤلاء بدون أدنى شك".
كلام د.العبار يتجاوز التنبؤ وتصدّقه الوقائع، فمن المحيط إلى الخليج، لم يتجاوز المتضامنون مع الأسد "المقصوف" بضعة رجال ونساء في تونس هم من محنطي الحقبة اليسارية والقومية البائدة، كما أن مخابرات الأسد وشبيحته لم يستطيعوا حشد أكثر من عشرات المحتجين في شوارع دمشق، وسط غياب تام للمقاومين والمقاومات بـ"الصدور العارية"!.