بلدي نيوز – (غيث الأحمد)
تتوجه الأنظار اليوم الثلاثاء إلى العاصمة الروسية موسكو، حيث تحط فيها طائرة وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون الذي تجمعه علاقات وثيقة مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين، وحصل على إثرها وسام الصداقة في عام ٢٠١٣ وهو وسام يمنح للأجانب الذين يحاولون تحسين العلاقة مع روسيا، للبدء بـ"البازار" الذي طال انتظاره مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، على العديد من الملفات الهامة والساخنة، والتي قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة.
واستغل الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب الهجمة التي شنتها مقاتلات نظام الأسد على مدينة خان شيخون بالسلاح الكيماوي يوم الثلاثاء الماضي، أحسن استغلال، وقام بتوجيه ضربات صاروخية على قاعدة الشعيرات الجوية بريف حمص أدت إلى تدمير أجزاء واسعة من المطار والطائرات الرابضة فيه.
وحققت تلك الضربات مجموعة من الأهداف بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية وعلى رأسها تهيأت الظروف المناسبة للوزير تيلرسون الذي يفاوض بدلاً عن حلفاء واشنطن الأوروبيين والخليجيين والأتراك، لرفع سقف المفاوضات مع موسكو، حيث بدت الإدارة الأمريكية الجديدة أكثر حزماً من سابقتها.
وترك ترامب الذي غاب عن الشاشات في الأيام التي تلت الضربة على مواقع النظام، الباب مفتوحاً للمزيد من المفاجآت، وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض أن الرئيس ترامب أكد أن في حال استخدم نظام الأسد السلاح الكيماوي والبراميل المتفجرة مرة أخرى فإنه مستعد للتحرك مجدداً، باعثاً بذلك العديد من الرسائل إلى سكان الكرملين، بهدف زيادة الضغط عليهم في حال عدم التوصل إلى صيغة للتفاهم حول ملفات معقدة تشمل أوكرانيا وسوريا وكوريا الشمالية.
وتزامن ذلك مع تصريحات المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي عن أولوية إزاحة الأسد، وزيادة الحشد البحري الأمريكي في المياه المتاخمة لبيونغ يانغ، حيث أرسلت واشنطن ما يعرف بمجموعة هجوم "كارل فينسون ١" إلى المنطقة، وهي أسطول بحري موسع يتألف من عدة سفن حربية ذات اختصاصات مختلفة.
كما رفعت الضربات الصاروخية من شعبية زعيم البيت الأبيض داخل أمريكا، والتي كانت في السابق تصل إلى حد ٣٥ في المئة، وعلى ما يبدو فأن ترامب بات مقتنعا بأن أفضل طريقة للتخلص من الضغط الداخلي هو التوجه بعمل عسكري إما في الشرق الأوسط أو كوريا الشمالية.
في المقابل، عدّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العدة لهذا اللقاء، والذي بدأ بالتجهيز له منذ أكثر من عام، حيث كانت قواته تسابق الزمن لتحقيق انتصارات عسكرية ضد قوات المعارضة السورية، من أجل فرض واقع سياسي خلال أي مفاوضات تجري اليوم.
وكانت أبرز تلك الانتصارات في حلب، حيث تم إخراج قوات المعارضة من شرق المدينة بشكل مفاجئ ودون أي خسائر، عكس كل التوقعات، ونشرت موسكو عناصر للشرطة العسكرية فيها، وهو ما شكل خللاً في موازين القوى على الأرض ورجح كفة النظام، بينما أجرى مركز حميميم العديد من المصالحات مع المعارضة السورية المسلحة في محيط العاصمة دمشق، وتم تهجير سكان كل من داريا وقدسيا والهامة ووادي بردى بريف دمشق، وحي الوعر بحمص مؤخراً.
مع كل هذا التعقيد سيزور تيلرسون موسكو وكأنها أول مرة، ويصافح نظيره الروسي بحذر شديد، واضعاً في الحسبان تحقيقات جهاز المخابرات الأمريكية المستمرة حول الاتهامات الموجهة لروسيا بالتلاعب بنتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة، حيث اعتقلت الشرطة الإسبانية مبرمجاً روسياً يوم الأحد، للاشتباه في تورطه في شن هجمات قرصنة الكترونية على الانتخابات الرئاسية الأمريكية.