بلدي نيوز – (عمر يوسف)
دأب نظام الأسد منذ بدء الثورة على ربط الثوار والجيش الحر بإسرائيل العدو المحتل، وإظهار الثورة على أنها جزء مرتبط بالاحتلال الإسرائيلي، من أجل اللعب على وتر المؤامرة وأبعادها في المنطقة، لتصبح الثورة بنظره تعمل على محاربة نظامه المقاوم والممانع للمشروع الصهيوني في سوريا.
ولأن "إسرائيل" هي الشماعة التي يعلق عليها جميع مشاكله، قام إعلام الأسد بنشر فبركات وقصص ملفقة عن التعاون بين الثوار في الجنوب السوري والاحتلال الإسرائيلي، لاسيما عبر اعتبار الغارات التي تنفذها الطائرات الإسرائيلية على أهداف لنظام الأسد وميليشيات "حزب الله" على أنها دعم جوي لما يصفها بـ "المجموعات الإرهابية المسلحة"، التي تقاتل على الأرض، في الوقت الذي كان النظام يتلقى ضربات موجعة من ذلك الطيران، مع الاحتفاظ الدائم بحق الرد.
ومع التدخل الروسي لدعم نظام الأسد بات المشهد أكثر تعقيدا، كون موسكو على علاقة وطيدة مع "إسرائيل" التي هي "العدو" الرئيسي بنظر النظام، وبات الأسد ومن حوله في سياق أكاذيب جديدة لابد من العمل عليها من أجل التغطية على هذا التعاون المفضوح بين روسيا وإسرائيل في سوريا، لكن يبدو أن سياسة التجاهل والانبطاح كانت هي الوسيلة الوحيدة أمام الأسد وحاشيته.
بالمقابل، يبدو أن الروس لا يقيمون وزنا للأسد أو مصداقيته أمام مؤيديه، خصوصا بعد أن أدركوا أنه أصبح مجرد حجر شطرنج يحركونه حسب ما تقتضي مصالحهم، ولا يجدون غضاضة في إحراجه بالتصريحات الأخيرة التي تشكل فضيحة كبرى حول اعتبار "إسرائيل شريكاً لروسيا والأسد وإيران وحزب الله ضد الإرهاب بسوريا"، وهو الكلام الذي جاء على لسان الرئيس الروسي بوتين خلال مؤتمر جمعه مع الرئيس الإسرائيلي نتنياهو.
هذا الكلام على لسان بوتين لا يمكن أن يظهر على إعلام الأسد بطبيعة الحال، وكأنه لم يكن، فيكف يمكن لنظام الممانعة الذي يتخذ من إسرائيل عدواً أن يكون حليفا لها في الوقت عينه لمحاربة الإرهاب في المنطقة!؟
في سياق ذلك، يقول الكاتب الصحفي "نجم الدين سمان": "مادامت (الحرب على الإرهاب) هي الشَمَّاعة التي يُعلّق عليها الجميع ألبستهم الداخلية حين يُمارسون السياسة؛ يأتي تصريح بوتين الذي يُنسِّق مع إسرائيل في كلّ شيء؛ ليُدخِلَ نظام الأسد وحزب الله وبالتالي إيران في النادي الدولي لمحاربة الإرهاب من بوابة الكرملين وليس من بوابة البيت الأبيض؛ لكن ذلك قد شكّل حرجاً لأنظمةٍ وتنظيمات ما تزال تصِفُ نفسها في خانة المُمانعة والمُقاومة والصمود والتصدّي.. الخ؛ لأن تصريح بوتين ينزَع عنها ورقة التين أمام شعوبها ومؤيديها".
ويضيف "سمان" في حديثه لبلدي نيوز: "إن تصريح بوتين يقول من غير أن يقول: يكفي.. أعلنوا تحالفكم المستتر مع إسرائيل؛ منذ أمر حافظ الأسد في 1967 بالانسحاب الكيفي للجيش السوري من الجولان حين كان وزيراً للدفاع؛ كما حين عقد كامب ديفيد السرية مع هنري كيسنجر بعد حرب تشرين؛ والتي بقيت جبهة الجولان بموجبها صامتةً حتى الآن!".
ويكمل بالقول: "الأمر ينسحب على إيران منذ فضيحة (إيران غيت) حول صفقة الأسلحة الإسرائيلية لإيران؛ بينما كان الملالي ينادون بالموت لأمريكا وإسرائيل؛ وكذا هو الحال مع حزب الله الذي عقد اتفاقاً مع إسرائيل بعد حرب تموز 1986 هدأت بموجبه جبهته مع إسرائيل".
ويرى "سمان" أن "بوتين يحشر في الزاوية حلفاءه الصغار: (دنب الكلب) وسواه؛ حين يقول لهم بالواضح الصريح: بقاؤكم في السلطة مرهونُ بإسرائيل بعد الثورة السورية بأكثر ممّا كان قبلها؛ فاتفقوا معها برعايتي؛ آن لكم أن تخلعوا بردعة الممانعة والتصدي عن ظهوركم؛ لأن نجاح الثورة السورية سيطيح بكم؛ ويضرّ كثيراً بإسرائيل؛ بل ستضطر المافيا الدولية لإعادة ضبط خريطة المنطقة من جديد؛ ومن بين ذلك ضبطُ شعاراتكم الجوفاء التي لا معنى لها".