ما بين "جزرة جنيف" و"عصا أستانا".. إلى أين تسير المعارضة السورية؟ - It's Over 9000!

ما بين "جزرة جنيف" و"عصا أستانا".. إلى أين تسير المعارضة السورية؟

بلدي نيوز - (أيمن محمد)
يبدو أن الغرب والشرق متمثلين بالتحالف الدولي والأمم المتحدة وروسيا، يستخدمون أسلوب "العصا والجزرة" مع وفود المفاوضات التابعة للمعارضة السورية، فهم يعرضون عليها "جزرة"، لكن كل ما تحصل عليه المعارضة هو الضرب بالعصا، فمؤتمر جنيف يمثل "الجزرة"، في حين تمثل أستانا العصا الغليظة، التي تضرب بها حتى الموت في كل اجتماع.
المثير في الأمر رغم إدراكه الكامل للحقيقة، فإن وفد المعارضة السياسية يستمر في "مازوخيته"، ويتابع تمني حصول معجزة ما في مؤتمرات جنيف، ولكن ما يحدث حقيقة هو مخرجات مؤتمرات أستانا.
ففي حين تمثل جنيف الشكل "الطوباوي" من المفاوضات، التي يدعي منظموها أنها تسعى لإيجاد حل سياسي للوضع في سوريا، نجد أن أستانا تمثل الحقيقة، فهي منظف لكل قذارات وجرائم النظام وداعميه، فالقوى الدولية المتحكمة في الوضع السوري، تربط بين الملفين بشكل كامل، في حين يشارك الوفد المعارض في تنظيف وإعادة تسويق النظام بدون أن يدرك.
ففي حين تعتبر روسيا الضامن لعملية وقف اطلاق النار، نجد أن طائراتها تقصف السوريين بدون توقف، لتكون ضمانتها هي عملياً مجرد مبرر قانوني لأفعالها، خصوصاً أنها تتحدث عن قصفها "إرهابيين"، وأنها تراقب وقف إطلاق النار الذي يلتزم به جيش النظام للحد الأقصى، وكل ما يحدث من قصف هو مجرد عمليات جراحية دقيقة ضد "الارهابيين".
أما الآن فأصبحت إيران أيضا ضامناً لاتفاق وقف إطلاق النار (كذلك تشارك الأردن وإيران في تحديد الفصائل "الارهابية" ومناطق انتشارها!)، الأمر الذي يحول جميع الميليشيات الشيعية المرتبطة بها لميليشيات شرعية وقانونية، ولا يستبعد تحولها حرفياً لقوات "حفظ سلام"، مهمتها حفظ الأمن في المناطق التي تسيطر عليها، الأمر الذي يبرر القرار الفجائي لإيران الذي جنست بموجبه عناصر الألوية الشيعية التي تقاتل بإمرتها، ما يزيل جميع الجرائم التي ارتكبتها، ويحولها لقوات شرعية موجودة في الأراضي السورية بموجب اتفاقيات دولية وقانونية، وبرضى المعارضة السياسية، الذين يعني مجرد وصولهم إلى أي جلسة مفاوضات لاحقة قبولهم بهذه القرارات، التي حولت إيران لطرف ضامن وأزالتها من خانة القوات التي تدعم النظام، ونفي صفة الإجرام عن جميع الميليشيات الشيعية التي تشارك في قتل السوريين.
يلاحظ المتابع لمؤتمرات جنيف، أنها تمثل الإثبات "السياسي والقانوني الموثق" على مخرجات المؤتمرات الأخرى، التي تستهدف إلغاء حقوق الشعب السوري، وإزالة أي صفة جرمية عن الأسد وحلفائه، ثم جلب وفود المعارضة السياسية التي تعتبر فعلياً الحلقة الأضعف في هذه المؤتمرات، فهي لا تملك أي شكل من أشكال الدعم أو الحاضنة الشعبية، ويمكن القول أن المزاج الشعبي العام يتحول تدريجيا ضد هذه الوفود، فهي لا تحصل على أي شيء، بل تقدم التنازل تلو التنازل، وفي كل مؤتمر سياسي نجد أن السقف انخفض، فمن تجريم الأسد وداعميه، إلى تحول داعميه إلى حمامات سلام، وصولاً للجلوس مع الأسد للتفاوض، الأمر الذي يعتبر "صمت" الوفود المفاوضة به هو قبول وتوثيق قانوني له، فحتى عندما أعلنوا عن عدم حضورهم أستانا، فمخرجات أستانا ولو لم يحضروها ستكون موضع التطبيق، لأكثر من سبب، أولها عدم إصدار أي تحفظ على قرار إضافة إيران لدول ضمان وقف إطلاق النار، وعدم رفضهم لحضور استانا القادم وغيرها من المبررات القانونية.
يمكن استيعاب أن المعارضة ضعيفة وتتعرض لضغوط هائلة، لكن هذا لا يعطيها المبرر سواء الأخلاقي أو القانوني، للتنازل عن حقوق الشعب السوري، فهي بغض النظر عن موقفها مما يحدث فهي تستمر في اللعبة السياسية، التي تعاني من قصور في جميع متطلباتها، وهي في موقع المفعول به وليس اللاعب أو الطرف المؤثر.
يبدو أن المعارضة السياسية أمام خيارين، إما الاستمرار في المفاوضات وتضييع المزيد من حقوق الشعب السوري، وصولاً للتطبيع الكامل مع النظام والوصول لمرحلة التبعية له، أو الانسحاب من هذه المفاوضات، فالانسحاب منها نتائجه أفضل بكثير من متابعتها، والميدان هو الحكم وليس طاولات المفاوضات.

مقالات ذات صلة

تصريح تركي بشأن عملية "ردع العدوان"

ميليشيات إيران تستهدف قاعدة للتحالف شرق سوريا

بدرسون يصل دمشق لإعادة تفعيل اجتماعات اللجنة الدستورية

روسيا تكشف عن أربع دول عربية عرضت استقبال اللجنة الدستورية بشأن سوريا

أبرز ما جاء في أستانا 22 بين المعارضة والنظام والدول الضامنة

بدء اجتماعات مؤتمر أستانا 22 في كازاخستان