سي إن إن – (ترجمة بلدي نيوز)
"نور" وهي ربة منزل في دمشق، تقول إن آخر نكتة في العاصمة السورية هي نوعاً ما أيضاً صلاة :"ليتحول الذهب الذي تحمله إلى ماء" فما تقوله نور يلقي الضوءعلى أزمة المياه التي باتت تؤثر على الملايين في دمشق، المدينة التي كانت محمية نسبياً من العنف المحتدم في أماكن أخرى من البلاد.
تضيف نور أن أسرتها حصلت على المياه صباح الثلاثاء، بعد أربعة أيام من دونها، وأن العائلة اصطفت بسرعة لاستخدام الحمام وبدأت بغسل الثياب، وأنها عندما تسمع صوت محرك دوران المياه تشعر وكأنها "في حفل زفاف". وأردفت نور التي لم تحبذ الكشف عن اسمها الكامل: "عندما يأتي الماء، فإنها نفس الفرحة التي تشعر بها الأم عند إنجاب صبي بعد 10 بنات" .
من جهته، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في بيان بتاريخ 29 كانون الأول إن نحو أربعة ملايين شخص في دمشق يعانون من نقص حاد في المياه لأكثر من أسبوع بعد استهداف الينابيع خارج العاصمة السورية. فقد تم قطع المياه من وادي بردى من نبع "عين الفيجة"، والذي يخدم 70 % من السكان في دمشق وحولها، بعد تضرر البنية التحتية بسبب الاشتباكات العنيفة، ووصف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأضرار بأنها "متعمدة"، دون أن يقول من كان مسؤولاً!
ويقول الثوار إن حكومة الأسد قد دمرت محطة ضخ المياه في وادي بردى، واحدة من الجيوب الأخيرة المتبقية التي يسيطر عليها الثوارمن دمشق، حيث يضغط الجيش السوري وحلفاؤه لاستعادة وادي بردى على الرغم من وقف إطلاق النار في البلاد، ويدعي النظام أنه يستهدف الجماعات الثورية التي تم استبعادها من الهدنة، مثل الفرع السابق للقاعدة "فتح الشام"، حيث يزعم أنهاموجودة في المنطقة (على الرغم من أن المجموعات المحلية تنفي ذلك).
فيما يتهم النظام السوري الثوار بتلويث الينابيع بوقود الديزل، مما اضطر هيئة مياه دمشق لقطع الإمدادات عن دمشق ولم تتمكن السي إن إن من التحقق من هذه المزاعم بشكل مستقل.
لكن الجماعات المؤيدة للمعارضة ومنظمات المجتمع المدني في وادي بردى، بما في ذلك المجلس المحلي والدفاع المدني السوري، قد قدموا بياناً يوم الاثنين يدعو اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة لتقييم الأضرار في عين الفيجة، والتي تقع إلى الشمال الغربي من العاصمة في منطقة جبلية قرب الحدود مع لبنان.
وجاء في البيان: "نحن نعرب عن رغبتنا واستعدادنا لمرافقة ومساعدة الفرق المتخصصة إلى عين الفيجة لتسريع إعادة تزويد المياه العذبة لشعبنا في مدينة دمشق"، وأضافوا: "هذا التيسير يحتاج إلى أن يقترن مع تفعيل وقف إطلاق النار في منطقة وادي بردى ووقف العدوان الذي تقوم به القوات الحكومية السورية المدعومة من ميليشيات حزب الله."
هذا وتنفي حكومة الأسد أي تورط في تدمير الينابيع، وقد ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) المملوكة للدولة في يوم 27 كانون الأول أن الينابيع في وادي بردى "خرجت من الخدمة نتيجة للأعمال الإرهابية."
وفي الأيام الأخيرة، بدأت حكومة النظام برنامجا لتقنين وتوزيع المياه، كما رأينا في لقطات نشرتها "سانا" ولكن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية يقول إن الجهود ليست كافية لتلبية الحاجة الهائلة لسكان دمشق، حيث قال في بيان له: "الناس تضطر لشراء المياه من الباعة حيث الأسعار ونوعية المياه غير منظمة"، وأردف: "إن الأمم المتحدة تشعر بالقلق إزاء عدم وجود المياه، والذي يمكن أن يؤدي إلى أمراض تنقلها المياه الملوثة، خاصة بين الأطفال، فضلا عن الضغوط المالية على الأسر".
وقال غسان، وهو طبيب من دمشق: "كثير من الناس قلقون من أن مياه الشرب التي توزع قد تكون ملوثة"، وأضاف أن السكان أصبحوا أكثر قلقاً في العثور على المياه الصالحة للشرب من الذهاب إلى الطبيب".
يقول توماس ويبر، وهو أميركي مقيم في دمشق في حي الرحماني، إن المياه لم تصل منزله منذ 28 ديسمبر ومنذ ذلك الحين يعتمد هو وزوجته على مخزون من المياه المعبأة في زجاجات لأغراض الطهي والشرب.
ويضيف ويبر في مقابلة على الهاتف مع السي إن إن: "قبل يومين نشرت الحكومة السورية على الإنترنت أسماء الأحياء التي ستحصل على المياه، ولكن الناس في تلك المناطق قالوا إنهم لم يتلقوا أي شحنات من المياه"، كما باتت الإعلانات التلفزيونية للإعلام السوري تخبر سكان المناطق بجدول توزيع المياه!.
وأضاف ويبر أن المحال التجارية المجاورة بدأت تنفد من المياه المعبأة، وأن بعض السكان المحليين يحصلون على المياه من أنابيب بلاستيكية ثبتتها الحكومة في الحدائق، حيث يقول: "لسبب ما لا تزال هناك مياه في الحدائق والنوافير" ويعتقد ويبر أن الحدائق تستمد المياه من الآبار الارتوازية، ولكن لديه مخاوف بسبب نوعية المياه القادمة من الأنابيب، فمنذ أن مرضت زوجته، أصبحوا يستخدمون هذه المياه فقط لأغراض الصرف الصحي.
وختم ويبر بالقول إنه يحاول البقاء متفائلاً، على الرغم من أزمة المياه الجارية: "فالكأس لا يزال نصف كامل، لكنه يفرغ بسرعة''.