بلدي نيوز – (ياسر الأطرش)
مع استمرار عملية التهجير القسري لنحو مئة ألف مدني من شرق حلب، برعاية الأمم المتحدة التي تعتبر هذا التهجير جريمة حرب –وفق قوانينها النظرية-، ومع ترك المدينة الشهيدة نهباً لعناصر الميليشيات الطائفية ليزرعوا الحقد في جنباتها، ويثأروا من الحاضر والتاريخ، يتولى عناصر قوات الأسد سرقة البيوت والممتلكات، وتنظم روسيا جولات سياحية لأولاد رجال الأعمال لالتقاط صور تذكارية على أطلال الموت والشهداء، حيث لا تخلو صورة من رائحة شواء لحم طفل بقنابل روسيا الحارقة أو رائحة احتراق قلب أم ثائرة على أبنائها الذين اغتالهم الحقد الطائفي والصمت العالمي والبرد والجوع والمرض.. ومضوا إلى ربهم بقلب سليم.
ومع إعلان إيران الرسمي احتلال المدينة، سياسيا عبر تصريحات رئيس جمهوريتها، وعسكريا عبر جولة "قائدهم" قاسم سليماني في المدينة بعد احتلالها، بدأت تتوارد صور الحقد والانتقام، كما دأب الغزاة على مر العصور، فبعد الانتقام من الأحياء بالقتل والحصار والتهجير، بدأ الانتقام يطال الأموات، حيث نشر الكاتب الصحفي ومنتج الأفلام الوثائقية، محمد منصور، صورة لعناصر من الميلشيات الطائفية وهم ينبشون قبور الشهداء ويفاخر أحدهم برفع جمجمة في الهواء!..
وفي المقابل، يترك الحلبيون المهجرون ذكرياتهم وأمانيهم على أغصان أشجار البيوت والحارات، وعلى الجدران التي لطالما كانت وفية لذكرى الشهداء واحتفظت بوجوههم حية لا يدركها النسيان.
وإلى حائط في حلب، لجأت أم ماجد، لتكون محطتها الأخيرة هناك، وهناك عانقت ماجد الشهيد، وشمت رائحته، وتنفست أنفاسه، في مشهد يعبر عن كرامة شهداء الثورة وحضورهم في الوجدان، ذلك الحضور الذي لا يمحوه غياب جسد ولا تقادم عهد أو بُعد.
والشهيد ماجد كرمان من أوائل ثوار حلب، شارك في المعارك الأولى للثورة في حي صلاح الدين بحلب، وهو قائد كتيبة "أبو عمر الزعيم"، استشهد بتاريخ 23/11/2014 في معركة حصار نبل والزهراء التي فك النظام الطوق عنهما منذ عام ونصف.
الصور القادمة من حلب، من معانقة الحيطان إلى نبش القبور، تشي بصدق وحزم بأن "التحرير" الذي فرح به المحتل الإيراني ووكيله الأسد، لا يهم إن حظي بمباركة أو صمت المجتمع الدولي، فمن ينبش القبور لا يمكن أن يبني له حاضراً في بلد جدرانها مخلصة لشهدائها.