بلدي نيوز - (خالد وليد)
تستمر الصفحة المسؤولة عن نقل أخبار القاعدة الجوية الروسية في حميميم في كشف مخططات روسيا في سوريا وما تنوي فعله بجيش النظام والمؤيدين للأسد.
فبعد أن وصلت القوات الروسية إلى سوريا، بدأت بوادر سيطرتها على مفاصل النظام في العديد من المناطق والمجالات، فبعد أن استولت على المطار الوحيد في الساحل السوري، بدأت بالاستيلاء على المشافي، حيث تعمل هذه القوات بهدوء ولكن بنشاط لإتمام السيطرة على الوضع بشكل كامل في المناطق التي يسيطر عليها النظام، وتحديداً في الساحل.
ففي حين تبسط إيران سيطرتها على العاصمة دمشق والتي تحولت لمنطقة تكدس للميليشيات الشيعية، لا يثق الروس بالإيرانيين كثيرا ولا بالمليشيات التي شكلوها في سوريا، فهم بدؤوا بشراء ولاءات قيادات العديد من الميليشيات التابعة للنظام، والتي تعتمد بشكل أساسي على عناصر من العلويين، في حين تسيطر إيران على ميليشيات مشكلة من الشيعة، ما يجعل التقاسم الإيراني الروسي في سوريا يعتمد إلى حد كبير على التقسيم الطائفي، حيث يميل الروس لتفضيل العلويين الذين يمكن توصيفهم عادة بغير المتدينين، في حين تستثمر إيران في الشيعة والمتشيعين الجدد في سوريا، حيث تظهر وبوضوح بوادر تقاسم النفوذ في سوريا، فلروسيا البحر ولإيران دمشق ومعبرها نحو البحر.
الفيلق الخامس
يبدو أن الروس كذلك يدركون تعاسة وضع الميليشيات عسكرياً وتنظيمياً ومن كل النواحي، وأنها في حال بقيت هكذا فسيستحيل السيطرة عليها لاحقاً خصوصاً في حال توقف الفائض المالي الذي كانت تحصل عليه من عمليات السلب والنهب و"التعفيش"، وسوف تتحول إلى مصدر خطر حقيقي عليها لاحقاً، فسوف يكون من المستحيل التحكم بها أو ضمان ولائها، خصوصاً أن هناك العديد من الجهات التي قد تسعى لشراء ولاء هذه الميليشيات، وخاصة الميليشيات ضعيفة الارتباط بالنظام (المكونة من عناصر شيعية بشكل خاص)، إضافة إلى ضعف فعاليتها خلال المعارك، وانخفاض مستوى تدريبها، فهي عبارة عن أشخاص مختارين بموجب الولاء أو الرغبة والحاجة، والذين يقدمون خدماتهم لمن يدفع أكثر بدون أي ضوابط.
ما دفع الروس للإعلان عن تشكيل فيلق جديد في جيش النظام، سوف يكون تحت إدارة الروس، حسب ما صرح به النظام ذاته، وسوف يتقاضون رواتبهم منها.
تشير هذه الخطة إلى أن الروس سوف يزيلون الميليشيات الموالية لهم ويصهرونها ضمن كتلة عسكرية واحدة، يسيطرون عليها ويتحكمون بها، وقد عملوا على ترغيب العناصر بالانضمام إلى هذا "الفيلق" بإغرائهم بالرواتب العالية والحوافز المختلفة، فراتب العنصر حسب الإعلانات التي دعوا فيها الموالين للتطوع تتجاوز 200 إلى 300 دولار (مقارنة بأقل من 100 دولار للعنصر في جيش النظام)، تجنباً للآثار السلبية لاحقاً وتسهيلاً لقيادة هذه الميليشيات عند تحويلها لقوة نظامية.
دولة ذات سيادة!
الصفحة ذاتها وضعت منشوراً لا يعرف تماماً إذا ما كان متعلقاً بموضوع الفيلق الخامس ذاته، أم أنه مرتبط بقوى أخرى تحاول روسيا تشكيلها، لكن نص الإعلان يدل تماماً على طبيعة علاقة النظام بروسيا، وطبيعة علاقتها بالقوات التي تشكلها، فجاء في المنشور: "يوجد دراسة قيد العمل لافتتاح مراكز عسكرية برية تابعة مباشرةً للقوات الروسية في سوريا، ويتم من خلالها قبول السوريين ضمن عقود تبرم معهم ويتم العمل في هذه القواعد لاستكمال الحرب ضد الإرهاب" .
الأمر الذي يعني أن نظام الأسد لن يكون له أي سلطة على هذه القوات التي تشكل على الأراضي التي يحكمها (والتي قد تعمل في مناطق خارج سوريا)، والتي تتنافى مع كل كلامه السابق عن السيادة الوطنية!.
فبموجب قانون النظام، التعامل بهذا الشكل مع دولة أجنبية بغرض عسكري، لا يخرج عن مفهوم الخيانة والعمالة والتجسس، والذي يعاقب عليه قانونه بالإعدام، فماذا سيكون موقف النظام من هذه المراكز، التي تعني حرفياً أن روسيا تتحول لقوة احتلال وأنها تعمل بهدوء على تفكيك أجزاء من مكونات النظام، عرف منها بوادر إعادة تشكيل للمنظومة العسكرية، لكن لا يعرف ما هو مستوى وعمق عملية إعادة التشكيل التي تحدث، والتي تهدف حقيقةً لجلب عناصر إلى القيادة العسكرية موالية لروسيا فقط لا غير، ومتابعة تحييد إيران في منطقة الساحل.
أما بالنسبة للمؤسسة الأمنية، وأفرعها المتعددة فلا يعرف تماماً ما هو طبيعة عملية إعادة الهيكلة التي تنوي روسيا تنفيذها، فهي بالتأكيد لن تكتفي بإعادة هيكلة الجيش، بل ستعمل على إعادة هيكلة الأفرع الأمنية، ولكن بهدوء وليس بنفس الضجة التي ترافق تشكيلها للجيش الموالي لها في سوريا، والذي قد تتأثر الأجهزة الأمنية للنظام به، وقد يجبر النظام على إعادة إدخال عناصر موالية للروس في مناطق مفصلية من أجهزته الأمنية، بهدف ضمان سيطرة الروس عليها، خصوصاً بعد التغلغل الإيراني فيها.