نظمت كلية الاقتصاد بجامعة دمشق ندوة حول كتاب "الاقتصاد السياسي للركود التضخمي" للدكتور رسلان خضور، تناول عدد من الأكاديميين والخبراء الاقتصاديين أسباب الركود التضخمي الذي تعاني منه سوريا. وقدم الدكتور إسماعيل إسماعيل، وزير المالية الأسبق وأستاذ الاقتصاد، تحليلاً مفصلاً لأسباب هذه الظاهرة، معزياً إياها إلى انعدام الثقة بالسياسات الاقتصادية والأداء الحكومي خلال سنوات الحرب، إضافة إلى التأثير السلبي لتخريب البنية التحتية والمؤسسات الإنتاجية على سعر الصرف.
أسباب الركود التضخمي في سوريا
أوضح إسماعيل أن الحرب وما رافقها من تخريب متعمد للمرافق الحيوية أسهمت في انهيار الثقة بين المواطنين والحكومة، وكذلك بين الحكومة وقطاع الأعمال. هذا الانهيار في الثقة دفع البنك المركزي لاتخاذ إجراءات جزائية وقانونية. كما أشار إلى أن التمويل بالعجز، الذي ذهب معظمه لتغطية الإنفاق الجاري وزيادة الرواتب من خلال زيادة الكتلة النقدية، أدى إلى خلل بين العرض والطلب وبين الكتلة النقدية والسلعية، مما زاد من تعمق الأزمة الاقتصادية. واعتبر إسماعيل أن تحقيق التوازن بين العرض والطلب، وبين المستوردات والصادرات، بات ضرورة ملحة للخروج من الأزمة.
تآكل الطبقة الوسطى وتفاقم الاحتكار
أشار إسماعيل إلى أن انعدام الطبقة الوسطى نتيجة التفاوت الحاد في توزيع الثروات كان له أثر بالغ على الاقتصاد السوري. قبل عام 2011، كانت الطبقة الوسطى تشكل 80% من السكان، وفقاً لتقارير البنك الدولي، لكنها تآكلت بسبب تركز الثروات بأيدي المحتكرين. هذا التفاوت الصارخ زاد من صعوبة إصلاح الاقتصاد، حيث أن السياسات الاقتصادية تم توجيهها لخدمة مصالح تلك الفئة المحتكرة.
اتساع اقتصاد الظل وانتشار الفساد
تحدث إسماعيل عن ازدياد حجم اقتصاد الظل ليصل إلى 75% مقارنة بـ19% في عام 1980. أرجع هذا التوسع إلى صعوبة تمويل المستوردات والضرائب المرتفعة. كما أشار إلى تفشي الفساد في المجتمع، حتى أصبح ثقافة ومنهجية عمل، حيث أن ضعف الرواتب دفع البعض للجوء إلى الفساد كوسيلة لتغطية متطلبات الحياة، إذ يبلغ متوسط الرواتب 350 ألف ليرة، بينما يحتاج الفرد إلى دخل قدره 3 ملايين لتأمين سبل العيش.
رؤية تحليلية للركود التضخمي